العجوز العاشقة .
قالت : وقولها نحيبٌ ودمعٌ يذرفُ ... آه من العشقِ ، أبعد كبر أعشقُ ؟ .
بلى ، فعشق الله لايعرف كبرا ، إذا ما العجائز تعشقُ !.
قالت : فكيف الوثال ؟! ، والاثنان ثقطتْ ، والمفاثل ضعفتْ ، وكل المحاثن تغيرتْ ...
فأنكرتها نفسي ومنها تثاقلتْ ، ولم اعرف من قولها ما الذي تثتثتْ !.
فكساها ربُها سينا وصادا ، ومن خيرِه خير الزادِ اُلبستْ ... وأنا الذي نفسي من لسانِها تثاقلتْ ، كانت هي التي بالمعنى قد تثتثتْ ، وما سمعتْ غير صوتِها في تثتثة العجوز ظهرتْ .
ونثيتْ قدرة المعشوقِ ، وياليتها ما نثيتْ !.
فحنتْ عليَّ وقالت : يافتى ماالاسنان إلا من كثرة ذكره سقطتْ ، وما المفاصل الا من لهيب شوقه ضعفتْ ، وما المحاسن إلا من تعفير وقيام وقعود له تغيرتْ ، وها أنا جثة هامدة على عرشِها خوتْ ، والى بطن الارض بعد ظهرها قربتْ ، فرفقا بيَّ ، وارحم نفسَك إذا بمثلي يوما بُليتْ .
يا مرحبا يا مرحبا يا مرحبا هذا الحبيب أتى وكان مغيَّبا
فتبينت أنواره في ذاتنا لمَّا فنينا فيه وانكشف الخبا
صبغت إرادته الخلائق كلهم بوجوده لما تجلى في القبا
يا طالما قد كان عنا غائبا فينا ولم نشعر به فأتى النبا
هذا المليح وهذه أوصافه كم أطلعت منه لقلبي كوكبا
وسرى نسيم الروح في أحشائنا فأمالنا طرباً كأغصان الربا
وبه انجمعنا يوم جمعة وصله وتفرقت أحزاننا أيدي سبا
وهو الذي عنا أزال غياهبا منها وبالنور المبين لنا نبا
لا نستطيع نراه وهو الشمس في إشراقه وجميعنا فيه الهبا
جلت معالم ذاته عن دركنا وإن استذيب العقل فيه تقربا
وتبارك الله الذي هو واحد أحد إليه كل ذي قلب صبا
بجلاله فتن العقول وفاتن بجماله كل الحواس تحببا
اللَّهـُمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتَنَا فِي الأُمُورِ كُلِّهـَا