منى الفخرانى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منى الفخرانى

روحانيات وتصوف اسلامى
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 العفريت المشقق الحوافر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 798
تاريخ التسجيل : 30/03/2013

العفريت المشقق الحوافر Empty
مُساهمةموضوع: العفريت المشقق الحوافر   العفريت المشقق الحوافر Emptyالإثنين أبريل 08, 2013 11:57 am

والعفريت المشقق الحوافر

فراغقال الحكيم مرزبان: بلغني أن في الزمان المتقدم كانت الجن ظاهرة تتراءى للأنس تظهر لهم الخيالات العجيبة والصور المهولة الغريبة وتضلعهم ضلالاً مبيناً ولا تحتجب من أحد وتخاطب بني آدم مشافهة. وكان في مملكة بابل شيخ من الزهاد قد اشتهر بين العباد وفاق أهل زمانه بالزهد والصلاح وجعل يدعو الخلق إلى الله تعالى وإلى طاعته ويرغبهم فيما لديه ويزهدهم في الدنيا وكان نفسه المبارك في السلوك مؤثراً، ففي مدة يسيرة تبعه خلق كثير واجتمع عليه طوائف عديدة وانتشر صيته في الآفاق وصارت الناس تأتي إليه من أطراف البلاد والأقاليم. فاضطرب أمر المردة من الشياطين وأهانهم الناس وبطلت زخارفهم وتمويهاتها وضل في الإضلال سعيهم وتفرقت كلمتهم فاجتمعوا إلى رئيسهم وكان من المردة الكبار والعفاريت الطغاة يقال له العفريت المشقق الحوافر حوافره مثل حوافر البقر وصورته من أقبح الصور.

وشكوا إليه حالهم وأنهم لم يبق لهم على بني آدم سلطنة بواسطة شيخ ناسك فلا وسوستهم تعلق في أفكارهم ولا حيلتهم تنفذ في أسرارهم ولا قوتهم تنفذ في أبدانهم وإن استمر الحال على هذا المنوال لا يبقى لهم في الدنيا مقام ولا بين الناس كلام. فلما وعى العفريت هذه الدعوى وتأمل ما فيها من فحوى اشتعلت شرارة غضبه وتأججت أشواظ لهبه وقال لشياطينه: أمهلوني حتى أفكر في هذه القضية وأكشفها لكم عن شمس جلية فإن الأمور لا تنجح ما لم يتأمل في عواقبها ويشم نتائجها من فوائحها وتحقيق المسائل إنما يؤخذ من عالمها. وكان ذلك العفريت تحت أمره من الشياطين المردة والعفاريت العندة طوائف شتى وعالم لا يحصيهم إلا الذي فطرهم، وكان له من خواصهم ثلاثة وزراء كل منهم من المكر فطرهم، وكان له من خواصهم ثلاثة وزراء كل منهم من المكر والبلية آية وفي الشيطنة والوسوسة غاية فاجتمع بوزرائة وأكابرجنده وأمرائه وأعوانه وكبرائه وشجعانه وأخصائه ثم قال لأكبرهم الذي علمهم السحر وهو المشار إليه في الدعاء والمكر: رأيتك للحكم في هذه القضية والواقعة الرزية فقال: يا مولانا الأمير وصاحب المكر والتدبير أن العقلاء وذوي التجاريب قالوا شيئان لا تقاويهما: السعد في الطالع والروح في الجسد الطائع ولكل أجل كتاب وما دام الأجل باقياً لا ينفع الجهد مع قوة السعد ولا تخرج الروح بالجروح فإذا تم الأجل انتكس السعد وانقلب وفارقت الروح الجسد بلا سبب وإذا كان الأمر كذلك فهذا الرجل الزاهد سعده عمال وطالعه في غاية الإقبال وكل منهم قد فوقناه إلى بحر هلاكه يعود علينا وكل رمح مكر صوبنا سنان عامله إلى شاكلة طعنة يرجع إلينا فالرأي عندي أن تتربص له الدوائر ولأنه له احتيال محتال ولا مكر ماكر إلى أن تنقضي مدته وتسقط من طالع سعده قوته فعند ذلك يعود سعدنا ولا يضيع كدنا، فقال العفريت للوزير الثاني: أنت ما تقول وكيف ما ترى في الأمر الذي نحن فيه نجول؟ فقال رأي مولانا الوزير سديد وكل ما أشار به في هذا الأمر حميد ولكن كيف نهمل أمر هذا العدو ونركن مع وجوده إلى قرار وهدوء فإنه وإن كان طالعه في قوة فإنها له زيادة في قوته والتهاون في أمره مساعدة في معاونته وهذه علامة العجز والانكسار ومن أقوى أدلة الانحطاط والصغار، فعندي أن نبذل الجهد في حسم مادتهم وتعاطي كسر شوكتهم وهدم ما يبغون ورفض مما يعنون والأخذ في تمزيق جلدتهم وتفريق شأنهم وكلمتهم وقد قيل:

وتشتت الأعداء في آرائهم ... سبب لجمع خواطر الأحباب

وأيضاً:

واللص ليس له دليل سائر ... نحو الذي يبغي كنوم الحارس والأصل في هذا كله حسم مادتهم بإهلاك شيخهم ما قدرنا على إهلاكه بتشتيت شملهم وتبديد جلهم وقلهم فقال العفريت للوزير الثالث: قل أيها المارد ما لك من التدبير في هذا الأمر الخطير وما تقول فيه وتشير؟ فقال: لاشك أن الطباع مائة إلى كل ما تسمعه وما يلقى إلى النفس لابد من أن يؤثر موقعه وما أشار به الوزيران نعم المشيران لا يخلو من فوائد ولا يعدو من عوائد فإني أعلم أنه أثر في الخواطر كما يؤثر في الرياض السحب المواطر وبالجملة فللكلام تأثير في النفس يظهر أثره في الحس ولهذا ترى رقيق الشعر وجليل العبارة يشجع الجبان وينخي اللئيم وينشط الكسلان، وهذه قضية تحتاج إلى روية وتدبر وإمعان خصوصاً بالنظر والتعمق في الفكر. والذي يظهر عندي وأقوله إن التعرض لهذا الرجل الدين الداعي إلى طريق الحق ليس بمحمود فإنه على الحق ومن أراد أن يبطل الحق فإن ضرره عليه يعود، ولقد بلغني أنه كان في بني إسرائيل رجل صالح تعرض له جماعة من فساقهم فقتلوه بغرض، فقتل بسببه سبعمائة لف وكل من كان لله فإن الله معه ومن تصدى لمن كان الله معه عاقبته وخيمة وجنابته على نفسه ذميمة وأيضاً إذا قتل هذا الرجل فلا شك أن تلامذته ومريديه يقيمون من يخلفه وإذا علموا أن ذلك منا تأكدت عداوتنا في قلوبهم فيأخذون حذرهم منا أولاً ثم يتحالفون على عداوتنا ومقاتلتنا واستئصالنا لأننا أهلكنا معتقدهم فلا يمكن تدارك هذه الفتنة إلى يوم القيامة. وإذا كان الأمر كذلك فالرأي الصواب في أمر هذا الرجل وجماعته أنه حيث لا يتيسر لنا إضلالهم بالظواهر نأتيهم بالوساوس الشيطانية فنضلهم بها فنزين لهم حب الدنيا ونحسن في قلوبهم الميل إلى شهواتهم والركون إليها ونجلو على بواطنهم عرائس الحرص والطمع وطول الأمل في الدنيا فنطمس أبصار أفكارهم وبصائر حالاتهم، فإذا ذاقت ألسنة عقولهم حلاوة الدنيا وتمكنت في أدمغة سوائدهم الرغبة والميل إليها سلبوا حلاوة الطاعة وزاغوا عن طريق الحق فنتوصل بذلك منهم إلى مقاصدنا حتى يهلكوا أنفسهم بأيديهم ونسلط بعضهم على بعض فيتشاجروا ويتدابروا ويضلوا كما قال الله تعالى: (زين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون) فإذا رهم الناس على هذه الحالة رجعوا عنهم وقبضوا أيديهم عن مناصرتهم بل عادوهم وتعاطوا أمر قتالهم وكان بأسهم بينهم كما قال اله تعالى: (ويذهب غيظ قلوبهم فإذا ظهرت قسوتهم كسدت بضاعتهم وفسد سوقهم وأمكننا سوقهم) فاستصوب العفريت هذا الرأي ثم قال الرأي عندي أن اجتمع بهذا الرجل في المحافل العامة الجامعة للناس وألقي عليه السؤالات عن حقائق الأشياء وأسرار العلوم الغوامض فإذا عجز سعوا في هلاكه فيكفونا شره وأمره وهذا قبل الوسوسة وإلقاء الشيطنة واليلبسة. ثم إن العفريت قال لوزير رابع:ما ترى أنت في هذا الأمر؟ فقال: حيث تردد أمركم بين آراء مختلفة فأستوثق بأحدها دون الآخر ليس من قضايا العقل فإنه يصير ترجيحها بلا مرجح ووجه المرجح محجوب قال تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) وكم قضية يتصورها الفكر صواباً وهي خطأ وبالعكس، وهذا له دليل من المحسوس وهو قضية الرجل المضيق وولده الأحول فقال العفريت: أخبرني بهذه القضية كيف كانت؟ فقال الوزير: كان في بعض الأحيان رجل في مكان كريم الشمائل محبوب الخصائل سخي النفس يحب قرى الضيفان ويتصدى لإكرام الصادر والوارد من البلدان فنزل به في بعض الأيام رجل عزيز من أصحابه فبالغ في إكرامه وأحضر إليه ما أحضر من طيب طعامه فلما رفع السماط ووضع للبسط البساط قال المضيف لضيفه: إن عندي قارورة واحدة من الشراب المعتق كنت ادخرتها لمثلك ولم يكن عندي غيرها فإن أردت إحضارها أحضرناها وتعاطينا الراح لطلب الانشراح كما قيل:وما بقيت من اللذات إلا ... أحاديث الكرام على المدام

فأجاب الضيف إلى ذلك فقال المضيف لولده: وكان أحول يا بني ادخل المكان الفلاني فإن فيه قارورة فجيء بها فدخل الولد فتراءى في عينيه قارورتان فأيتهما أجيء بها فخجل أبوه لذلك لئلا يتصور ضيفه أنه أخفى الأخرى منه وينسبه إلى الخسة واللؤم فقال: يا ولدي اكسر الواحدة وجيء بالأخرى فأخذ عصا ودخل فضرب إحدى ما كان تراءى في عينيه من القارورتين فلم يجد غيرها فخرج إلى أبيه وقال: يا أبت امتثلت أمرك وكسرت إحدى القارورتين ولا أدري الأخرى أين ذهبت، فقال: يا بني إن الخلل كان من عينيك. وإنما أوردت هذه الحكاية لتعلم أن العين هي أقوى طرق العلم في الإدراك للمحسوس وإذا أخطأت في بعض ما تراه فكيف يكون حال عين المفكر المحجوب بأنواع الحجب وتصرفها إنما هو في المعاني المعقولة دون المحسوسة. فعلى هذا ينبغي أن تتأملوا في هذه الحوادث وتنظروا في عقبى هذه الأمور ثم تشرعوا في تعاطيها والشروع فيها بعد إمعان النظر وإجادة الفكر. وأعلم أيها الرئيس النفيس أن الله تعالى لم يخلق في جميع مخلوقاته أعز جوهراً من بني آدم وأن الله عز وجل اختصهم بسرعة الإدراك وحدة النظر ورباهم مثل ما تربى الدابة الطفل وهو أشفق بهم وأرحم من الوالدة بولدها، وقد وكل بحفظهم ملائكة حفظة واختصهم بأنواع العلم والأفكار الدقيقة وغامض الأسرار وأن علمنا بالنسبة إلى علمهم كعلم تعبير الفلاح الجاهل بالنسبة إلى علم المعبر، فقال العفريت: وما هو ذلك الفلاح وكيف كانت واقعته؟

فقال الوزير: ذكروا أن فلاحاً رأى في منامه بأنه خرج من ذكره مفتاح فأصبح فجاء إلى المعبر فقال: أعطني ديناراً لأعبر لك هذا المنام فإنه منام جيد فأعطاه ديناراً فقال له: يولد لك ولد ذكر جميل ويحصل لك على وجهه فتوح، وكان كذلك فإن زوجته كانت حاملاً ثم من بعد مدة حصل للفلاح وجع في رجله فجاء إلى المعبر وكان يدعي علم الطب فعرض ذلك عليه فقال: أعطني ديناراً أعالجك فأعطاه ديناراً، فقال له ضع عليه ضماداً من عجة بيض مخلوط بعسل ويكون ذلك حاراً ففعل فسكنت رجله فافتكر الفلاح يوماً في ذلك وقال لقد علمت علم التعبير وعلم الطب فباع أسباب الفلاحة وآلاتها واشترى له كتابين وبعض أوراق ولف على رأسه عمامة كبيرة وبسط له بساطاً في بعض الأسواق وجمع له بعض العقاقير وأشار إلى أنه معبر وطبيب، فاتفق أن بعض الطواشية رأى مناماً فقصد الفلاح على أن يعبره له فلما قصة عليه قال: أعطني ديناراً حتى أعبره فأعطاه، فقال: أبشر فإنه يولد لك ولد ذكر فضحك الطواشي وقال لا تسخر بي عبر لي هذا المنام كما ينبغي فقال: لا أقول إلا حقاً فإنه بعد ثلاثة أيام يولد لك ولد ذكر فقال: أنا طواشي وهذا مني محال وأنا رجل بي ألم ووجع في رأسي فقال: إن كان بك ألم فأعطني ديناراً آخر حتى أعالجك فأعطاه ديناراً آخر، فقال: ضمد رجليك بعجة بيض مخلوطة بعسل فإن ألمك يزول فازداد الطواشي غضباً وعلم أن ذلك الرجل جاهل فأدبه كما ينبغي وطرده بعد أشحاره فرجع إلى ما كان عليه من فلاحة.

وإنما أوردت هذه الحكاية لأنبه على أننا إن اشتغلنا بمباحث الآدميين في العلوم ومناظرتهم في دقائق الأسرار ربما افتضحنا معهم وسمحت المسألة وعادت على واضعها بالنقص. قال العفريت: نعم ما قلت أيها الوزير وإن الله خلقنا من النار والنار طبعها الإحراق والتعدي والظلم والإهلاك والجهل والأخذ من المستحق من غير نظر إلى استحقاقه وخلقهم من التراب وطبعه التدبير والسكون والحلم والعدل والحكم وهم مع هذه الأوصاف لو خرجوا عن دائرة العدل ولو قدماً واحداً لتحكمنا فيهم كيف ما نختار ولعبنا بهم كما يلعب بالكرة الصغار، فنحن إذا خرجنا عن دائرة حدنا وتعدينا في ظلمنا وجورنا لم نأمن من غائلة سوء فعلنا، ونحن إن عجزنا عن مقاومتهم في الظاهر فلا ترتفع أيدينا عن أنواع الكيد في الباطن وقالت الحكماء وهل التجربة: إذا عجز الشخص عن غريمه وضعف عن مقاومة خصمه فلا يستعين في ذلك إلا بمقاومته الحيل وأنواع الفكر المصيب ويستعين في ذلك بأهل النجدة والقوة ما استطاع ولو كانوا من أعدائه فإذا سلط بعض الأعداء على بعض ربما استراح ونال مقصوده وهذا يحتاج إلى فكر دقيق وعقل جليل وثيق كما فعلت الفأرة من الحيل حين عجزت عن مقاومة الثعبان، فقال الوزير: ينعم مولانا بكيفية الواقعة فقال العفريت: سمعت أن بعض الأغنيا وأرباب الثروة من الدنيا كان له حاصل يجمع فيه المغلات وكان في ذلك الحاصل فأرة وقد اتخذت لها وطناً نزهاً ومكاناً متسعاً له منفذ إلى بستان كأنه قطعة من جنة آدم فكانتتأخذ ما يقوم بكفايتها من مغل ذلك الحاصل وتدخره صيفاً وشتاءً وإذا أرادت التنزه خرجت من منفذها إلى البستان فتبخترت فيه وعادت إلى وكرها فكان عيشها هنياً وأمرها رضياً ومضى على ذلك برهة من الزمان فاتفق أن في بعض الأيام خرجت للتنزه فمر بمسكنها ثعبان عظيم فنظر مكان نزهاً ومسكناً حصناً معموراً بأنواع الأطعمة محفوفاً بالحفظ من جميع الجوانب فدخل إليه واستوطنه فلما رجعت الفأرة إلى مكانها رأت الثعبان فيه فأسرعت إلى أمها وشكت إليها حالها، فقالت لها أمها: لقد ظلمك ظلماً يفوق الحدود، وتعدى عليك فيما أنت فيه وأخرجك من وطنك بغير حق ولا تتوهمي أنك تقاومين الثعبان أبداً فاطلبي لك مسكناً غيره فالأرض واسعة فلما آيست الفأرة من ذلك شرعت في أعمال الحيلة في إخراجه فراقبت الفرصة إلى أن خرج الثعبان في قائلة الحر ونام تحت وردة في ظل ظليل فتوجهت الفأرة يميناً وشمالاً فوجدت البستاني قد سقى البستان ونام في ظل شجرة وهو تعبان فوثبتعليه وعلى وجهه فوثب قائماً فاختفى في مكان فلم ير أحداً فنام فأمهلته حتى غرق في نومه ودخلت تحت قميصه وجعلت تعبث فنهض قائماً وانتفض فسقطت وهربت فرجع ونام فأمهلته ثم صعدت على وجهه وأدخلت ذنبها في أنفه فوثب مستشيطاً فرآها وهربت منه بعيداً فأخذ يمر ويتبعها فهربت مطمعة للفلاح فيها فتبعها وهي أمامه حتى أتت إلى الثعبان فحين رأى الثعبان نسي الفأرة وقتل الثعبان فرجعت الفأرة إلى حجرها آمنة مطمئنة وإنما أوردت هذه الحكاية ليعلم أن من له عدو قوي لا يقدر على مقاومته ينبغي أن يستعمل في رفع أذاه عنه العقل الراجح والفكر المصيب الناجح فإذا ساعده في ذلك قضاء وقدر فلا شك أن أموره تنجح. وأفكاره تنتج وتصلح وهذا إذا كان الضعيف مظلوماً والظالم قوياً كالفأرة مع الثعبان أما إذا كان الضعيف ظالماً والمظلوم قوياً كحاكم مع الزاهد البابلي فإنه مظلوم معكم، فإنه على الحق سالك مسلك الصدق وأنتم له ظالمون وعن الحق خارجون فهذا مشكل فأنى يرجى لكم النصر عليه وكيف ترون الوصول في تنفيذ الغرض لديه لا سيما إذا كان الله سبحانه وتعالى معه وأنا أخاف أن هذه القضية لا يحصل منها بعد العناء والتعب غير الفضيحة والخيبة ويصير أمرنا كأمر امرأة الضيف الذي أراد ستر عورة امرأته فوقع منها ما هو أشنع منه، فقال العفريت: وكيف كانت تلك الحكاية؟ فقال العفريت: ذكروا أن بعض الناس كان له صاحب محترم، فنزل به في بعض الأيام ضيف وكان المضيف فقير جداً فما وسعه إلا أن يتلقى صاحبه بالبشاشة والإكرام وكان ذلك في فصل الشتاء والبرد فسجروا التنور يتدفون وجلست معهم زوجة المضيف وذلك بعد أن هيئوا ما أمكن إحضاره فلما فرغوا من الطعام اجتمعوا على رأس التنور وهيئوا ما أمكن وجلسوا يتدفون وجلست زوجةالمضيف بينهم وجلس كل منهم على جانب من جوانب التنور وكان في سراويل زوجة المضيف قطع ملاقي فرجها فجعل الضيف يتأمل ما رآه ويسارق بالنظر فلمح ذلك صاحب البيت فأراد أن ينبه زوجته بأدنى إشارة فأخذ عوداً وجعل يلعب به إلى أن وصل طرفه تحت شق السروايل فأحرقها فانزعجت لذلك فأرادت أن تستر نفسها فضرطت فزادت فضيحة العين فضيحة الأذن ولم يحصل من هذا الأمر إلا الخجالة، وإنما أوردت هذه الحكاية لتتيقظوا في عواقب أموركم، فإن أردتم مجادلة هذا الرجل الصالح الزاهد والبحث في العلم فأعلموا أنه رجل كامل في العلم وما بلغ هذه المرتبة وفاق أقرانه وأهل زمانه إلا ببراعته في كل الفنون ووقوفه على كليات القضايا ودقائق الأسرار. وأما أنتم فما لكم دأب إلا المكر والحيلة ولا يؤخذ عنكم إلا الخداع والحيل والمكر وهو على طريق الحق والحق واحد وأنتم في الطرق متخالفون قال الله تعالى: (وإنهذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله وهو قد أحكم ما هو عليه وأنتم عن طريقه غافلون وعن علومه ذاهلون) وقال بعض أهل الفضل: ما ناظرت ذا فنون إلا وغلبته وما ناظرني ذو فن إلا وغلبني وأنا أخشى إن ناظرت هذا الرجل أن تفتضح معه ولا تحصل معه على طائل ويظهر فضله وقصورك. فقال الوزير: نعم ما قال مولانا الرئيس وأنا أيضاً أخشى من ذلك وتصير هذه الواقعة كواقعة بزرجمهر الحكيم وزير خسرو مع مخدوم كسرى فقال العفريت: أخبرني بتلك الحادثة.

فقال الوزير بلغني أن بزرجمهر الحكيم كان فريد وقته في الطب والحكمة وكان مقرباً عند مخدومه كسرى وكان كل يوم يجيء إلى الخدمة قبل أن يطلع الفجر فيجد مخدومه نائماً فيفزعه من نومه ويقول له ما معناه تيقظ لتظفر بمطلوبك فإن التبكير أنجح وكان كسرى يجد لهذا الإزعاج ألماً لما كان يطيل السهر في اللهو ولا ينام إلا وقد مضى من الليل جانب عظيم ومقدار جسيم فلا شك أنه يتأخر في النوم إلى الصباح، فلما طال ذلك من الوزير أرصد له جماعة من الخدم في طريقه ليأخذوا قماشه وهو مبكر في وقت الغلسة إلى القيام بخدمة مخدومه فرجع إلى بيته ولبس ثياباً غيرها فتأخر عن ميعاده إلى وقت الضحوة ورجع فوجد مخدومه منتصباً في ديوان الحكم فقال له: ما بال الوزير جاء اليوم متأخراً على خلاف عادته، فقال إن اللصوص قد قبضوا علي ونزعوا ثيابي فلزم من ذلك أن رجعت ولبست ثياباً غيرها فوقع التأخير مني بسبب ذلك، فقال له كسرى: الآن ظهر عكس ما كنت تقوله من أن التبكير سبب للنجاح وحصول المقصود وما أراد في تبكيرك إلا حصل لك النقص والخسران، فقال له إن اللص بكر إلى مقصوده قبلي فحصل له الظفر بمقصود فظهرت نتيجة كلامي ولم أبكربالنسبة إليه فحصل لي ما حصل، فاستحسن كسرى جوابه وعجب من سرعة بديهته.

وهذه حكاية أوردتها ليعلم أن كسرى وإن كان فاضلاً وبارعاً في العلوم لكن الوزير بزرجمهر كان أحسن محاضرة وأسرع منه جواباً وأحكم بديهة ومع هذا كله فإنه غلبه في المناظرة وسلم إليه كسرى ذلك وإن كان هو السلطان والحاكم، وهذا الرجل أعني الشيخ البابلي كذلك فكيف يقدر الشخص على مجادلته ومباحثته. فعند ذلك استشاط العفريت غضباً وقال: لقد عظمتم من شأن هذا الآدمي ووضعتم من شأننا وأنا ما قلت لكم ما تقدم من القول إلا لأخبر ما عندكم واستبدي رأيكم ونحن أعظم حيلة وأسرع مكراً وأقدم وجوداً وأغزر علماً وأكثر عدداً وأوفر عدة وما أرى لكم همة صادقة ولا انبعاثاً تاماً ثم أقبل على الوزير الأول وقال له: أجل قداح فكرك وحقق ما تفعله فإن رأيك أمتن ورأيكأرضى فقال الوزير: يا مولانا نحن إلى الآن ما بارزنا طائفة الأنس بالعداوة وإنما كنا نخادعهم ونظهر لهم الباطل بصورة الحق وهذا الرجل قد ظهر فيهم وعلا شأنه ونحن الآن مسالموه وهم تارة يوافقوننا وتارة يخالفوننا فأنا أخشى إن تصدين لمبارزة هذا الرجل الصالح وتعرضنا لمنع هذا الدين المسلك تتحقق العداوة بيننا وبينه ثم لا يظفر بالمقصود ولا يفيدنا ذلك إلا الندامة وبعد أن ينتصر علينا ونغلب معه يستمر علينا هذا العار إلى يوم القيامة وقد قيل:

لا تسع في الأمر حتى تستعد له ... سعي بلا عدة قوس بلا وتر

فقال العفريت: أنا إلى الآن لم أبارزه ولم أناظره ولقد قذف في قلوبكم رعبه وجبنتم عن مناظرته وتخلفتم عن مقاومته وما وقفتم على مقدار علمه ولا على عدد جنوده، وأما أنا فلا بد لي من مناظرته ومجادلته وأعلموا أن الوادي الذي ماؤه يجري إلى جهة لو أبقي على حاله مائة سنة لا ينقلب إلى الجهة الأخرى اللهم إلا أن يصرف من رأس الوادي إلى جهة أخرى ولا يحكم الشخص على شيء حتى يراه ويختبره، ونحن أن تصدينا لدفع هذا الأمر ومبارزة هذا الرجل ربما نظفر به وننال مقصودنا منه ونصل إلى غرض ما وهذا شيء قد وقر في خاطري ولابد لي منه. فلما رأى الوزير أن العفريت قد رسخ في نفسه الخبيثة هذا الخيال الفاسد وتقرر في خاطره أمسك عنه لئلا ينسب إلى خيانة فيصيب منه نكاية وحسن له هذا الرأي واستقر الأمر على مراسلة الزاهد بما يقتضيه رأيه وكان في شياطينه المردة عفريت من الجن قد أضل عقائد كثير من الناس واشتهر بين أبناء جنسه بشدة عداوة بني آدم وإفساد أمورهم وإلقاء كثير منهم بشؤم وسوسته وحيل شيطنته وبلبسته في قفار المعاصي وبحار الزلل وغمسهم بعد ذلك في نار السعير والعذاب الأليمفتوجه هذا العفريت إلى سفح الجبل الذي فيه ذلك الزاهد وأرسله إليه يقول له إن من قديم الزمان وبعيد الحدثان كنت أضللت كثيراً من الناس وكانوا قد صاروا تبعي ومريدي وأنت فتنت العالم وصيرتهم أعدائي من بني آدم وأنا مقتدى الشياطين ورأس العفاريت المتمردين ورجوم النجوم إنما أعدت من أجلي وقوله تعالى فاتبعه شهاب ثاقب نزلت في شأني وأن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم طراز خلعتي ثم إنك قد جئت في هذا الزمان وظهرت في هذا المكان تريد تهدم ما بنيته وتعود بصلاحك ما بفسادي سوية وأنا كنت في قديم الزمان ناديت بني آدم جميعاً وسيرتهم لي سميعاً ومطيعاً بشعر خذه وأشهره بين ذويه لتعيه:

كلوا واشربوا وازنوا ولوطوا وقامروا ... ألا واسرقوا سراً وخوضوا الدما جهراً

ولا تتركوا شيئاً من الفسق مهملا ... مصيركم عندي إلى الجنة الحمرا

وأنت جئت بزخرفتك ووسوستك وخرافاتك وناموسك الباطل تريد أن تبدد عني عساكري وتفرق جموعي بمخالفة أموري وأوامري، وهاأنا قد جئت إليك ونزلت كالقضاء المبرم عليك اريد أن أناظرك في أنواع العلوم وأسألك عن حقائق المنطوق والمفهوم بمحضر من الجن والأنس وسائر ما في الوجود من أنواع الحيوان والجنس فيظهر إذ ذاك جهلك فيتبدد قومك وأهلك ويتركك مقتدوك وينفك عن حضرتك مريدوك وافسد بين العالم صيتك وأتلفه فاجعل بيننا وبينك موعداً لا تخلفه. فلما وصل رسول العفريت إلى الشيخ العابد والناسك الصالح الزاهد فبمجرد ما نظر إليه ووقع نظر الزاهد عليه كاد أن يذوب كالأملاح ونفذ في فؤادهمن الشيخ سهام الطاعة والصلاح فبهت الذي كفر وغلبت عليه الدهشة والصغر وخاف فما أبدى ولا أعاد ولا قام لإصلاح ذلك الفساد، فقال الشيخ: ويلك ما لك وما حلك واحتيالك؟ وما سبب دخولك عليّ وأنت غير منسوب إليّ، فقال له الرسول: أنا رسول محبك العفريت المشقوق الحوافر الواسع المناخر قد أقبل إليك في جمع كبير وعدد من الجن غزير ومعه روس العفاريت والغثاة المصاليت وقد حملني إليك رسالة تتضمن الشجاعة والبسالة إن شئت أديها وأن أبيت رددتها، فقال: قل ما تريد وابلغ ما معك عن ذلك البعيد فابلغ الرسالة وأداها وأسال في أوديتها مؤداها، فقال الزاهد: والله ما شبهته في هذا الكيد إلا بالحمار في الوحل والحمام في شبكة الحمام والوجل، قل لمرسلك أرى قدمك أراق دمك كان الله أراد دماركم وأن يمحو من أرضه آثاركم ويخرب دياركم ويريح البلاد من فسادكم والعباد من عنادكم، أما أنا فأفقر الخلق وأحقر الداعين إلى الحق ولكن بعون الله وقدرته والهام الحق والصدق لقوته لي من العلم والفضل وما من الفيوضات الإلهية أجنيه ما يقتله في جوفه وجنيه فمتى أراد يحضر ليبارز خصمه ويخبر ويحضر معه من يريد من كل جني عنيد وشيطان مريد وعفريت هديد، فليحضر فإن الحق يحق ويبطل الباطل ويتميز الحال الطيب من الحال البطال العاطل وأنا لفي عدة عديدة ومدة مديدة ألا ترى هذه منجنيقات التوحيد منصوبة ورعادات الأذكار ممدودة، وصواعق التسبيح معدودة وسلاسل الفيوضات الإلهية متواردة ممدودة وأنا لفي عدة لأمثاله وأي عدة وفي حصون منيعة لأمثاله مردة وحولنا الأبطال تحرسنا من القتال فأخبره لينشط لهلاكه وإتلافه في إحراكه وليروا جنوداً لا قبل لهم بها ولنخرجنهم أذلة منها. فرد الجواب الرسول وكشف له عن حقيقة القول ثم إنالعفريت سأل الرسول عن أوضاع الشيخ الزاهد وأحواله التي رآه عليها في المساجد والمشاهد وما عاينه من أموره وحركاته في سيره ومروره، فقال: رأيت إنساناً مباركاً زاهداً صائماً للفضول تاركاً كلامه صادع وأمره ناجع ما حاد عن مشروعه في أمر ذهابه ورجوعه كثير الذكر والفكر مسائل العبرة في الذكر يقوم الليل إلا قليلاً ويرتل القرآن تيرتيلا يعرف الحق فيأتيه ويحث على فعله أتباعه ومريديه كأنه نبي أو رسول أو طود راسخ عن الحق لا يحول.

فلما سمع العفريت ذلك ندم على مناوشته ولكن قال الشروع ملزم والبداءة توجب التكلم ثم إنهم حضروا وأحضروا معهم الجان والعفاريت وأحضروا الأكابر من الآدميين والعلما واشترطوا على الزاهد أنه إن غلبه العفريت في سؤاله وعجز الزاهد عن جوابه يهلك العفريت جماعته وإن أجاب الشيخ سؤال العفريت لا يظهر بعد ذلك اليوم لبني آدم بل يسكنون الخرب من البلاد والجزائر وتحت الأرض ويتشتتون في نواحي الدنيا. ثم شرع العفريت في السؤال، فقال السؤال الأول: العالم كم قسماً وخالق العالم من هو وهل هو متعدد أو واحد فقال الزاهد: العالم ثلاثة أقسام: الأول، مفردات العناصر كالتراب والماء والهواء والنار والثاني، الأجرام العلوية كالسموات السبع وما فيها من النجوم والكواكب وهذه الأجرام بعضها متحرك من وجه ساكن من وجه، الثالث العقول والنفوس الملكية ومقامها في أعلى عليين وحصول هذه شيء لا يوصف بالحركة والسكون ولا بالبساطة والتركيب، وأما موجد العالم وخالقه فهو واحد لا يثني أحد لا يتجزأ قديم قادر سميع بصير مريد متكلم حي عالم أزلي لا بداية له ابدي لا نهاية له إلى آخر أوصاف الربوبية وما يتعلق بها من الصفات اللائقة بهاالكمالية السؤال الثاني، الإنسان مخلوق مماذا؟ وعلى من يطلق لفظ الإنسانية والآدمية وأنفس الآدمي كم هي ومآل النفس إلى أين؟ فقال الزاهد: الإنسان مخلوق من العناصر الأربعة المشار إليها وهي التراب والماء والهواء والنار ومن الأمزجة الثمانية مفردة ومركبة على سبيل الاعتدال، والإنسانية عبارة عن القوة المميزة بين الصحيح والفاسد والرائج والكاسد والحق والباطل والحسن والقبيح العاطل والخير والشر والنفع والضر، والمميز لهذه الأشياء، يقال له النفس الناطقة والأنفس ثلاثة ويعبر عنها تارة بالروح وتارة بالقلب وكل نوع من هذه الأنفس قائم بعضو من الأعضاء مستمد من شيء من الأشياء، الأول الروح الطبيعية قائمة بالكبد واستمدادها من الأغذية، الثاني الروح الحيوانية وقيامها بالقلب وفيه حركة البدن واستمدادها من حركة الأفلاك، الثالث الروح النفسانية وفعالها من الدماغ ومنها الحركات الذهنية كالأفكار وما يتولد منها وذاك يترقى بالأرواح إلى عالم الغيب لأجل الثواب والعقاب، السؤال الثالث، قال العفريت: أخبرني عن كيفية وضع العناصر الأربعة فقال الزاهد: بحسب الخفة والثقل واللطافة والكثافة، فالتراب أثقلها فهو أسفل الكل وفوقه الماء لأنه أخف منه وفوق الماء الهواء لأنه أخف منهما وفوق الهواء النار لأنه أخف منهما جميعاً فعنصر الماء محيط بالتراب وعنصر الهواء محيط بالماء والتراب محيط بالماء والنار محيطة بالكل. السؤال الرابع، قال العفريت: أخبرني عن أقرب الأشياء وعن أبعد الأشياء وما الشيء الذي يمكن عوده وما الشيء المستحيل وما الشيء الذي لا يمكن تحصيله بالاكتساب وما الشيء الذي لا يمكن ضبطه وما الشيء الذي لا يمكن الإحاطة به؟ فقال الزاهد: أقرب الأشياء الأجل وأبعد الأشياء ما لم يقم والشيء الذي يمكن عوده النعمة والشيء الذي لا يمكن عوده ويستحيلالشباب والشيء الذي لا يمكن تحصيله الاكتساب بالعقل والشيء الذي لا يمكن ضبطه الدنيا إذا أدبرت، والشيء الذي لا يمكن الإحاطة به عظمة صانع الكائنات تعالى وتقدس.

ثم أقبل المساء فتفرقوا فلما أصبح الصباح اجتمعوا للسؤال الخامس، فقال العفريت: ما فائدة العقل؟ فقال الزاهد: الإرشاد إلى سبيل الحق والخلاص من ورطة المهالك والإغناء عن حلول الفقر. السؤال السادس، قال العفريت: فمن العاقل وعلى من يطلق من جنس آدم هذا الاسم؟ فقال الزاهد: العاقل من يتحمل إذا أضيم ويعفو إذا قدر ويحلم إذا غضب ويتهون أمور الدنيا ولا يغفل عن الأخرى. السؤال السابع، قال العفريت: ما الفائدة في حب الدنيا والرغبة فيها ولأي معنى غلب الحرص على بنيها؟ فقال الزاهد: لأجل انتظام هذا العالم ومداومته إلى الأجل الذي أجله وقدره في الأزل خالقه وإلا لاختل نظامه وبطلت أمور المعاش، وببطلان أمور المعاش تبطل أمور المعاد، فقال العفريت: أخبرني عن جوهرية الملك والجن والأنس، فقال الزاهد: جوهر الملك من العقل المحض وجوهر الجان من الحرص والغضب والشهوة والصفات الذميمة، وجوهر الإنسان مركب من جوهري الملك والجان ولهذا من غلب عقله شهوته كان أفضل من الملك ومن غلبت شهوته عقله كان أخس من الكلاب ويقول يوم القيامة يا ليتني كنت تراباً. قال الراوي: فلما انتهى إلى هذا المقام أمسك العفريت عن الكلام وظهر فضل الزاهد ثم من ذلك الوقت تفرقت الشياطين واختفت عن أعين الناس ولم يظهروا إلى يومنا هذا والله أعلم.

( مرزبان نامه -: اسبهبد مرزبان بن شروين بن رستم بن شهريار - ترجمة : شهاب الدين أحمد بن محمد بن عرب شاه )
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alrefaee.ahlamontada.com
 
العفريت المشقق الحوافر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منى الفخرانى :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول-
انتقل الى: