منى الفخرانى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منى الفخرانى

روحانيات وتصوف اسلامى
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الإمام أبو العزائم 2

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 798
تاريخ التسجيل : 30/03/2013

الإمام أبو العزائم 2 Empty
مُساهمةموضوع: الإمام أبو العزائم 2   الإمام أبو العزائم 2 Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2013 5:49 am

يقول سماحة السيد محمد علاء الدين أبو العزائم في ترجمته لجده في كتاب (خاتم الوراث المحمديين) : "لقد تكلم الكثير والكثير من العلماء بالله في عصورهم عن النفس وأمراضها وطرق تزكيتها، وذلك من باب أمر رسول الله ﴿ص وآله﴾ عندما عاد من غزوة من غزواته وقال: (رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر: جهاد النفس). وقد سار الإمام علي نهج من قبله، ولكنه بسط الأمر علي أهل عصره واختصر لهم الطريق. وما من كتاب من كتبه إلا وتكلم فيه عن النفوس وتزكيتها، وفي كل كتاب لون مخالف لما سبقه، وأفرد لذلك المقالات العديدة التي تحث علي ذلك، ولم يترك مريد الحق بدون أن يُوجدَ له العلاجَ وفي دائرة التحصين بحصون الأمن والأمان..
ووضع مفاهيم جديده لهذا العلمَ متمثلة في كتاب: (محكمة الصلح الكبري )، تلك الجامعة الكبيرة والحديثة التي تمثل منهج الإمام التربوي في علوم النفس، وتوج هذا العمل بمناهج السير والسلوك التي بثها في مواجيده المتعددة، وهي ما تعرف بمواجيد السير والسلوك".

تبسيطه وتجديده في علوم التصوف الإسلامي[عدل]
يقول سماحة السيد محمد علاء الدين أبو العزائم في كتاب (خاتم الوراث المحمديين) : "بسّطَ الإمام الأمر، وأراد أن يختصر الكلام الصعب، وكذلك أن يخرج من دائرة الفلسفات التي لاتغني ولا تسمن من جوع، فشرح للمريد النفس وتطورها وترديها ليكون علي بينة من الأمر.. أن الإنسان مثنوي من حيث تركيبه، فهو مكون من: جسم ظاهر بجوارح، وحقيقة باطنة وهي ماتسمي بالحقيقة الروحانية. والحقيقة الروحانية أيضًا لها ظاهر وباطن، وهي ما يطلق عليها بالنفس، إذ أن المثنوية لا تفارق الإنسان حتى ولو كان في الجنة حتى ينفرد الله بالأحدية.
والجسم وهو الظاهر، مدته محدودة في الدنيا، وعند نداء الحقيقة الروحانية للخروج من الدنيا فإنها تترك الجسم وتعود. وقد يسر الله لعباده هذا الفهم في الدنيا عن طريق الرؤيا، فعند الإستغراق في النوم يبقي الهيكل أو الجسم في مكانه وتنطلق الحقيقة وتتجول، فلا تتقيد بالجسم، بل تكون في حالة إطلاق كامل ومبهر، فقد تتواجد في أماكن مختلفة وبعيدة عن بعضها في لحظات، وقد تطير في الهواء، وقد تمشي علي الماء، وقد تلتقي بالأحياء والأموات، وقد يكون من تلتقي بهم نائمين أو أيقاظًا، فهذا كله لا يختلف، والله سبحانه يقول: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الزمر:42) ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عند نومه ويعلمنا أن ندعو بهذا الدعاء قبل النوم: (باسمك ربي وضعت جنبي "عند النوم" وبك أرفعه "عند الاستيقاظ" إن أمسكت نفسي "أي أمتها أثناء النوم" فارحمها "أي في البرزخ" وإن أرسلتها "أي أعدتها إلى هيكلها ليستيقظ فاحفظها "في الدنيا" بما تحفظ به عبادك الصالحين.
ويبين الإمام أن الحقيقة الروحانية كانت قبل خلق جسم آدم في عالم الإطلاق سابحة في الملأ الأعلى، وقد شاهدت هذه الحقيقة جمال ربها وسمعت لذيذ كلامه في يوم "ألستُ بربكم" أو "يوم الذر"..
فقد تجلى لها الحق، فشهدت وسمعت، وعوهدت ووثقت وقالت (بَلَى شَهِدْنَا ) مصداقا لقول الحق تبارك وتعالى (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ) الأعراف: ١٧٢ - ١٧٣ إلى آخر الآية.
ولما أراد الله إبراز كل حقيقة بحسب ظهورها علي مسرح الحياة الدنيا لازمت كل حقيقةروحانية هيكلها في عالم الأرحام واستترت به، فأصبح الهيكل بُرقُعًا وسِتارًا لها..
وهذا اليوم هو ما يعبر عنه بيوم بطن الأم من ضمن أيام الله (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ) إبراهيم: ٥.
ويبين الإمام أن النفس ظلّت (وهي اللطيفة النورانية الربانية) في صفائها وفي طُهرها، إذ أن أصلها صفاء في صفاء وطهر في طهر، إلى أن اتصلت بالهيكل العنصري الترابي.. وبعد أن امتزجت به اختلف أمرها، فقد تهادت من عليائها ونزلت إلى أرض المادة واتصلت بهيكل مادي لتظهر على مسرح الدنيا من خلاله، وهذا الهيكل المادي ظُلماني بطبيعته ويميل إلى أسفل، فما هو من الأرض فهو أرض، فحجب الهيكل الحقيقة الروحانية بظلمته، والله سبحانه وتعالى يقول: (ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) التين: ٤ - ٦.
ويوضح الإمام أنه بطول المدة، نسيت الحقيقة الروحانية عالمها الروحاني باختلاطها بالمادة والتراب فاحتاجت لمذكِّر، وهذا هو سر إرسال الرسل وبعث الأنبياء، قال تعالى لحبيبه المصطفي ﴿ ص وآله﴾ : (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (الذريات:55)، وقال جل شأنه )سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى) (الأعلى:10) ، وقال تعالى (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)(ابراهيم: من الآية5) وعندما يذكُرُ المذكِّر تتذكر الحقيقة الروحانية عالمها الروحي، وتذكر يوم ألست بما فيه من عهود ومواثيق، وما فيه من جمال وجلال وكمال، وما كانت عليه الحقائق في صفاء وطهر وعفاف.
ولما كانت كل نفس بعد الحياة الدنيا ستعود إلى أصلها في يوم البرزخ وترجع إلى العالم الذي قدمت منه والذي سترجع إليه (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّه) (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) (يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ) (كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ)، وأول خلق في الوجود هو المصطفي ﴿ ص وآله﴾، وأول خلق في الإنسان هو حقيقته الروحانية: احتاج الإنسان للمذكر في الحياة الدنيا، واحتاجت النفس لداع يدعوها للإيمان، فهي مؤمنة أصلاً ولكنها نسيت عهدها وميثاقها بسبب مُلابَسَتِها لهذا الهيكل الطيني والذي له مستلزمات ومتطلبات تختلف بالكلية عما تحتاجه الحقيقة الروحانية، ليبين لها طريق المجاهدة حتى تصفو وتعود إلى أصل فطرتها النورانية الصفائية وهي هنا في الدنيا، بعد أن أتاها ما عكر صفوها.
والنفس تميل إلى الرياسة لأنها تحس بأصلها، والإمام يبين ذلك فيقول:
والنفس داعية الرياسة فاحذرن * فرعونها تنجو من الداء الدفين
والمثال هنا أن الإنسان عندما يكون أبوه أو جده من أصل عريق أو مرموق في المجتمع حتى لو لم يكن يملك شيئًا ولكنه يحس بنفسه أنه علي صورة أبيه أو صورة أجداده. ولكن الصورة التي أسجد الله لها ملائكته تحس أنها الكل في الكل، والحديث النبوي الشريف يقول: (خلق الله آدم علي صورة الرحمن) وفي حديث آخر (خلق الله آدم علي صورته) وكذلك الصور التي خرجت منها، ولكن ليس الكل قد خلق علي الصورة.. ولكن النفس التي زكت وصفت واستقامت هي التي خلقت علي الصورة، لأنها استنارت واتحدت بأصلها فوصلت واتصلت وأشرق عليها نور الأًصل فظهرت من خلالها الأنوار وسمعت منها الأسرار، وما جاز لأبينا آدم يجوز لكل نفس زكاها ربنا.
وعلي ذلك، فإن الإمام يقرر أن التزكية معناها أن يستحضر العبد العَود للبدء الذي جاء منه وهو هنا في عالم الدنيا حتى يحين موعد انتقاله إلى برزخه. فإذا عاد للبدء بالعلم النافع والإشراق والحكمة الصادقة سار في الدنيا كما سار أئمة السلف بالحق واليقين وبالإقبال والتمكين وبالقبول من حضرة رب العالمين".

الإمام متحدثاً بنعمة الله عليه[عدل]
تربي الإمام أبو العزائم علي ملازمة الاستغفار، فقد روي عنه أنه كان كثير الاستغفار في صباه، وكان يحب العزلة والعبادة والاستذكار، وطلب العلم النافع وهو في سن مبكرة، وكان متواضعًا لمعلميه فأحبوه، فأعطاه الله علم ما لم يكن يعلم. فطره الله منذ طفولته علي الأخلاق الحميدة، فشهد له الكل بحسن الأدب فكان من منن الله عليه أن فطره الله علي صفاء جوهر نفسه، وفطره أيضًا علي الاستعداد للتلقي والمزيد، وأفاض الله عليه من مننه التي لاتعد ولا تحصي .
ما منّ به الله من نعم علي الإمام أبي العزائم لما بلغ ثلاثًا وأربعين عامًا أملي كتابًا اسمه (أصول الوصول لمعية الرسول) ﴿ص وآله﴾ بدأه بمقدمة ذكر فيا المنن التي أنعم الله بها عليه فيما مضي من حياته، فحدث عنها من باب قوله تعالى : ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾، فهذه هي صفاته، وأخلاقه، وسيره وسلوكه إلى الله عز وجل متخلقا بأخلاقه وأخلاق نبيه الكريم، فقال:
مما من الله به علي أن جعلني الله في طفولتي محبوبًا لوالدي وأهلي جميعًا، وأدام عليَّ هذه النعمة إلى وقتنا هذا، فأشكره وأسأله المزيد.
ومنها أنه حفظني من أن أخاصم أحدًا أو يخاصمني أحدا أو أن أسييء جليسي وإن أساءني ، وأن أخطئه وإن أخطأ أو أكذبه وإن كذب، أو أواجهه بقبض وإن واجهني بحدة، ولكني والحمد لله أنتهز فرصة صفائه ثم أعظ بالمعروف أو ألوح مع الاحتياط .
ومنها أني أحب الخير لأهلي جميعًا وأقدمهم علي نفسي مما هو خير في الدنيا
وأحب الخير لكل مسلم ولو كان مذنبًا, وأتألف العصاة وأشوقهم إلى الله تعالى وأحببهم إلى رسول الله ﴿ص وآله﴾ , وأتمني لكل كافر أن يكون مسلمًا، وأبذل في ذلك مإلى وجاهي .
ومنها حب أصحاب رسول الله ﴿ ص وآله﴾، والاعتقاد أنهم أئمة حقًا وأن أعمالهم عن اجتهاد في دين الله وإخلاص في ذاته سبحانه وإعلاء لكلمته، وخصوصًا الأئمة الهداة من الخلفاء وبقية العشرة وأهل الصفة وبيعة الرضوان وبدر وأحد وكل من رأي وجه رسول الله ﴿ص وآله﴾ مسلمًا وأحب أهل بيت رسول الله ﴿ص وآله﴾, وهم في أرفع المراتب من قلبي بعد رسول الله ﴿ ص وآله﴾، وأحب التابعين وكل السلف الصالح، ثم أحب كل مسلم لله تعالى ولرسوله ﴿ص وآله﴾ ما دام قلبه معقودًا علي التوحيد، وأكره أعماله التي تخالف سنة رسول الله ﴿ص وآله﴾ مع حسن الظن بالله تعالى أن يغفر لكل من مات لا يشرك به شيئًا.
ومنها أن محبة رسول الله ﴿ص وآله﴾ بلغت مني مبلغًا حتى كاشفني الله ببعض معانية ﴿ص وآله﴾ الباطنة والظاهرة، وألهمني سبحانه جملاً في الصلاة عليه ﴿ص وآله﴾
ومنها أنه سبحانه منحني الغيرة علي السنة وتفضل علي بجمال الحكمة، حتى كانت الغيرة لا تخرجني عن الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، وتشويق عباد الله إلى القيام بأحكام الله بترغيبهم في عفو الله ورحمة الله وكشف ما أنعم الله به عليهم. ومنها أنه سبحانه وتعالى من عليَّ بمعاني حقيقتي التي هي كمال العبودة، وألهمني بذلك حسن تملق وابتهال وتضرع بعبارات ألهمنيها من أدعية وأحزاب واستغاثات من مكاشفتي رتبتي من الذل والفاقة والاضطرار والمسكنة.
ومنها أنه سبحانه وتعالى حببني في الفقراء وجعلني ذليلاً لهم محبًا لمجالسهم نفورًا من مجالس أهل الدنيا والأمراء والرؤساء.
ومنها أن تفضل الله عليَّ بأن جعلني محبوبًا عند أحبابه الطالبين لجنابه العلي ، مألوفًا للعباد العاشقين للعلوم النافعة.
ومنها أنه سبحانه من عليَّ بأن كثيرًا من أهل المعرفة يقتدون بي في قولي وحالى وعملي ، ورفع ذكري بين كثير من عباده وأنا الجاهل الفقير الضعيف.
ومنها أن الله تعالى منحني الفقه في كلامه العزيز وكلام نبيه الكريم، وعلمًا بطرق الأئمة ومعرفة النفوس.
ومنها أنه سبحانه من عليَّ بمواجيد عن عين اليقين في علوم اليقين من غوامض علوم التوحيد وروح حكمة التشريع، ومن عليَّ سبحانه بالمعونة في أن أبين تلك المواجيد بالعبارة وأضبطها بالكتابة ومن عليَّ سبحانه بأن أنعم عليَّ بالمحبين له سبحانه ولرسوله ﴿ص وآله﴾ فتلقوا عني تلك المواجيد وهم كثير مع قلتهم.
ومن علي بشقيقي السيد محمود، ومن عليَّ بأبي الحمائل وولدي محمود وإخوته، وقد تفضل فمن علي سبحانه بأن حفظني وحفظ أهلي وإخواني من شرور الأشرار ومن فتن الحساد ومن أذية الفجار، مما كان لا قبل لي به.
ومنها أنه سبحانه جعلني من الذين يألفون ويؤلفون، وحفظ عليَّ أوقاتي بأن تصرف إلا في عمل في الدنيا لكفاف أو عمل يعنيني عليه بتوفيق أظن أنه فيما يرضيه.
ومنها أن نفسي كلما تاقت إلى معصية صغيرة أو كبيرة منعني الله تعالى عنها وحفظني منها بهداية منه وتوفيق. (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) النحل: ١٨ ..
أشكره علي منن لا تفي بها العبارة ولا تعينها الإشارة مما هو له أهل ولست له أهل إلا بفضل الله ورحمته. وأسأل الله تعالى أن يجازي عنا نعمته الكبري علينا وفضله العظيم لنا: سيدنا ومولانا محمد ﴿ص وآله﴾ خير الجزاء بصلاة ذاتية وتحيات ذاتية وتسليمات ذاتية، وعلي آله وصحبه وورثته وسلم.. والله أعلم.
أقوال العلماء والمفكرين والفلاسفة في الإمام أبي العزائم[عدل]
تحدث كثير من المعاصرين واللاحقين عن الإمام أبي العزائم ، وبعضهم كتب عنه كتبا، وبعضهم ترجم سيرته.. أذكر منها نماذج على سبيل المثال لا كل المقال:
1- فضيلة الإمام الأكبر الشيخ محمد الفحام شيخ الأزهر الأسبق.
2- فضيلة الإمام الأكبر الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق.
3- الدكتور حسن جاد عميد كلية اللغة العربية جامعة الأزهر.
4- الدكتور مصطفي محمود المفكر الإسلامي الكبير.
5- الدكتور عبد المنعم الحفني.
6- موسوعة الزركلى.
7- الشيح أحمد السكري المؤسس الأول لجماعة الإخوان المسلمين.
8- فضيلة الشيخ أحمد سعد العقاد من علماء الأزهر الشريف.
9- الدكتورة عزيزة عبد الفتاح الصيفي, كلية الدراسات الإسلامية والعربية جامعة الأزهر.
10- الدكتور محمد عمارة المفكر الإسلامي الكبير.
11 – الدكتور عبد الودود شلبي وكيل الأزهر الشريف.
12 – الدكتورة عبلة الكحلاوي أستاذ الفقه المقارن جامعة الأزهر.

1 - فضيلة الإمام الأكبر الشيخ محمد الفحام
:يقول الشيخ محمد الفحام شيخ الأزهر الأسبق
[ لقد عاصرت في شبابي فترة من فترات حياة الإمام أبي العزائم، فلمست عن قرب جهاده في إعلاء كلمة الدين، وأسلوبه الحكيم في معالجة الأمور بما يجب أن يكون عليه العلماء المرشدون، والأئمة الصالحون.
وسيرة الإمام محمد ماضي أبي العزائم تعتبر نبراسا للشباب، ومنارا للجيل يسير على هديها فيعبر الطريق إلى الحق.
وإن جهود الإمام أبي العزائم في إرساء قواعد التصوف على أساس سليم منزه مما علق به من شوائب
وجهوده في لم شعث الأمة، والتنبيه إلى مخاطر الحزبية البغيضة
وتوجيه نصائحه إلى الزعماء
ودوره في ثورة 1919م وفي أعقابها
ثم دوره الفعال في مسألة الخلافة الإسلامية
ما يشهد لهذا الرجل بأن يكون في طليعة المجاهدين الذين لا يسألون عن جهادهم أجرا، ولا عن عملهم شكراً ]. (الموسوعة الذهبية جـ 34 ص 302).
2 - فضيلة الإمام الأكبر الدكتور عبد الحليم محمود
يقول الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق حين طُلِبَ منه أن يقدم لكتاب (أسرار القرآن) للإمام المجـدد أبي العزائم: [ أنا لا أستطيع أن أقدم لكتاب أسرار القرآن للإمام المجدد أبي العزائم، وأتحدث عن عمله في تفسير القرآن، لأنه تفسير جامع وشامل، ولا يستطيع أن يقدم لهذا العمل سوى الإمام أبي العزائم نفسه، وأرجو ألا تطلبوا مني ولا من غيري أن يقدم الإمام أبا العزائم ]. (الموسوعة الذهبية حـ 34 ص303)
3 - الدكتور حسن جاد عميد كلية اللغة العربية جامعة الأزهر
يقول الدكتور حسن جاد: [ كان الإمام أبو العزائم آية من آيات العصر العجيبة فيما وعى من العلوم والمعارف والفنون، وموسوعة عظمى اختزنت كل ألوان المعرفة، ودائرة معارف كبرى جمعت بين كل علوم الدنيا والدين.
لقد كان إماماً في التصوف علما وسلوكا، وترك لنا من آثاره فيه كثيرا من الكتب النفيسة التي توضح معالمه، وتحدد أصوله ومناهجه، كما خلف لنا آلاف القصائد التي تترنم بمواجيد الشوق، وتتغنى بالمناجاة الإلهية، وتشدو بأعذب ألحان السماء.
وكان فقيها متمكنا وخلف تراثا زاخرا من المؤلفات في أصول الشريعة وأسرار أحكامها.
وكان كاتبا إسلاميا دافع عن الإسلام، وهاجم خصومه وبدد مزاعمهم ودحض أباطيلهم.
وكان مفسرا أدرك بصفائه الروحي وإلهامه الرباني أسرار القرآن الكريم، وجلي معانيه، وأوضح مراميه.
ولم يقف عن ذلك بل تجاوز هذا كله إلى الكتابة في السياسة والاجتماع وما يتصل بهما من علوم الدنيا ونحو ذلك. ومن هنا أحسب أن هذا المحيط الهادر، إنما كان فيضا من المدد الإلهي الذي يفيضه الله على بعض عباده المخلصين. فما كان بوسع أحد من رجال الدين في زمنه أن يلم بكل هذه الجوانب، فيكون شاعرا أديبا متصوفا فقيها مفسرا، اجتماعيا سياسيا على هذا النحو المستوعب الشامل ]. (مقدمة كتاب وسائل إظهار الحق للإمام أبي العزائم).
4 - الدكتور مصطفي محمود المفكر الإسلامي الكبير
يقول الدكتور مصطفي محمود في كتابه (السر الأعظم) بعد أن عرض بعضاً من المعانى السامية التي تناولتها مواجيد الإمام أبي العزائم : [ والإمام أبو العزائم يقول هذا الكلام عن علم كشف لدنى، وليس عن اجتهاد برأي، وللإمام أكثر من مائتين من الكتب والمخطوطات من المواجيد الشعرية والإلهامات العرفانية، وهو في نظري كنز لم يكتشف بعد، وقطب ينافس الفحول قدما وعلما وسلوكا.. ولا يصح أن يقرأ شعره على أنه شعر، كما هو الحال عند ابن الفارض، فشعره لا يخضع للمواصفات الفنية للشعر، وإنما هو شفرة ورموز عرفانية عالية، يفهم منها كل واحد على قدر حظه، ونحن ما قدمنا من علم الرجل إلا نقطة من بحر] (السر الأعظم ص 104).
5 - الدكتور عبد المنعم الحفني
أدرج الدكتور عبد المنعم الحفني في الموسوعة الصوفية الإمام أبا العزائم بين أعلام التصوف فقال: تحت عنوان"أبو العزائم ": [ محمد ماضـي أبو العـزائم ، توفي سنة 1356هـ، له المصنفات في التصـوف ومنها: أصول الوصول لمعية الرسول، وشراب الأرواح من فضل الفتاح، ومعارج المقربين، ومذكرة المرشدين والمسترشدين، والنور المبين لعلوم اليقين.
ولعل أبرز ما في طريقته التربية الأخلاقية.
ويقول في ترجمته لنفسه: إن اسمه ماضي نسبة إلى عين ماضي بالمغرب الأقصى، وأبوه من نسل إدريس الأكبر، وجده لأمه من نسل الشيخ عبد القادر الجيلاني، وفد من بغداد إلى مصر وهي معه، وميلاد أبي العزائم برشيد من أعمال مصر، ثم انتقل والده إلى محلة أبي علي غربية- قبل أن تُضم إلى كفر الشيخ- من بلاد مصر، ونشأ بها وتعلم.
وأبو العزائم يستخدم بدلا من العارف بالله اسم العالم بالله، ويذكر له خمس علامات هي: الخشية، والخشوع، والتواضع، وحسن الخلق، والزهد.
وأبو العزائم كان في حياته ومع مريديه هكذا، وكان كلامه في الأخلاق والتوحيد، وامتهن التدريس، وكان يصرف بقية وقته يعلم العامة حتى صار له إخوان يعينونه على مواجيده، وانتقل بعلمه إلى المنيا ثم الشرقية فسواكن فأسوان ثم حلفا ثم أم درمان فالخرطوم.
وكان علم التصوف هو علمه المفضل والذي أفاض في الشرح له، ويعرفه بأنه العلم الذي يُعرف منه أحوال النفس في الخير والشر، وكيفية تنقيتها من عيوبها وآفاتها، وتطهرها من الصفات المذمومة والرذائل والنجاسات المعنوية التي ورد الشرع باجتنابها، والاتصاف بالصفات المحمودة التي طلب الشرع تحصيلها، وكيفية السلوك والسير إلى الله تعالى والفرار إليه. وموضوعه القلب من ناحية ما يعرض له من اللمحات والخواطر والهواجس والوساوس والعلوم والنيات والقصود والعزائم والاعتقادات وحديث النفس، ومسائله والأحكام المتعلقة بهذه الخواطر والهواجس والنيات وسائر أحوال النفس. وعلوم اليقين التي بها الترقي الإيماني للسالك هي علوم أخلاقية تتناول التوبة والصبر والشكر والرجاء والخوف والزهد والتوكل والرضا، وأعلاها علم المحبة، ومن عرف الله من طريق المحبة أحبه الله فقربه وعلمه ومكنه، وذلك نهاية الطريق ومطلب المريد والسالك على السواء ] (الموسوعة الصوفية / 292 - 294).
6 – موسوعة الزِرِكْلي
جاء في موسوعة الزركلي ترجمة موجزة تحت عنوان: (ترجمة الإمام أبي العزائم) أبو العزائم (1286- 1356هـ / 1869- 1937م) فقيل عنه: [ محمد ماضي أبو العزائم ، فقيه متصـوف مصري. ولد في مدينة رشيد، وانتقل مع أبيه إلى محلة أبي علي (بالغربية، من بلاد مصر) فتعلم بها. وعين مدرسا للشريعة الإسلامية بكلية غوردون بالخرطوم، ثم ترأس جماعة الخلافة بالقاهرة، وتوفي بها.
له كتب، منها: "أصول الوصول لمعية الرسول" مطبوع، و"معارج المقربين" مطبوع، و"مذكرة المرشدين والمسترشدين" مطبوع، و"النور المبين لعلوم اليقين" مطبوع، و" أساس الطريق" مطبوع، و"الإسراء" مطبوع ] (الأعلام 7/ 16).
7 - الشيخ أحمد السكري مؤسس جماعة الإخوان المسلمين
يقول الشيخ أحمد السكري مؤسس جماعة الإخوان المسلمين: [ لكل قرن مجدد، ومجدد هذا العصر هو الإمام أبو العزائم ]. (الموسوعة الذهبية حـ 34 ص 303).
8 - فضيلة الشيخ أحمد سعد العقاد من علماء الأزهر الشريف
يقول فضيلة الشيخ أحمد سعد العقاد إمام مسجد الروبي بالفيوم في كتابه "المواهب الإلهية":
[ الوارث المحـمدى من ورث كل الحقـائق النورانية، فسرى المدد المحـمدي في جميع جوارحه فكان في عصره الإمام..
وقد جمع الله الميراث في الأستاذ السيد محمد ماضي، إمام السادة العزمية، فكمل تلاميذه، وجملهم وسقاهم من الحوض المحمدى صافي المدام.. فهنيئا لمن رآه فهو كنز واسع العطية، وبشرى لمن أحبه مع التشبه والاستسلام.
أما جمالات الإمام وكمالاته فلا تحصى بالعبارة القولية، وكيف يحصر اللسان ميراث سيد المرسلين، ورث من الرسول ﴿ ص وآله﴾ العقيدة التوحيدية، فكان إذا تكلم في التوحيد هامت الأرواح، وصعقت الأشباح، وطاب الأنين.
ورث من رسول الله ﴿ ص وآله﴾ الأخلاق فكان يشرحها ببيانه ويؤيدها بحاله وأعماله الجلية، فكان يؤثر الإخوان بلطفه ورحمته ويتواضع للمساكين.
ورث العبادات فكانت حركاتها كلها مرضية، حتى يتحير الإنسان من قوة صبره وجهاده فيحكم بأنه بشر في الصورة، وفي العبادات من الملائكة المقربين.
ورث المعاملة فكان يعامل الإخوان بالنصيحة الأبوية، يتعهدهم ويفرح بزيارتهم كأنهم أعطوه الكنز الثمين.
كان له مع كل فرد من الإخوان معاملة على قدر وسعته الفطرية، كان يخاطب كل إنسان على قدر عقله، وينزل له على قدر فهمه، حتى صار محبوبا للأميين والمتعلمين.
كان يؤلف العاصي باللين ويكشف له عن وسعة كرم الله في البرية، فيصبح ببركته من التائبين.
كان يؤلف المسيحيين ويرحب بهم ويذكر لهم أن النبي أوصى أمته بالإحسان إلى الأمة المسيحية، ويشرح لهم جمال الإسلام حتى تخالط قلوبهم بشاشة الدين.
منح الله الأستاذ بإمدادات مؤيدة بروح قدسية. كان إذا دخل عليه الفيلسوف يتكلم معه بالفلسفة، حتى يقر له بأنه فيلسوف الإسلام.
وإذا دخل عليه فقيه أو من يمارس العلوم العقلية يخـاطبه من جنس كلامه، حتى يندهش من فصاحة الكلام.
وإذا دخل عليه طبيب تذاكر معه في الطب وفي الدقائق التشريحية، ويبين له حكم الله في الإنسان حتى يعشق ربه بكل احترام.
وإذا دخل عليه سياسي تناقش معه بالأدلة القوية، وبين السبيل، حتى يعتقد أنه ماهر بين الأنام.
وإذا دخل عليه صوفي تكلم معه في معارج الرجال بالأدلة القرآنية، حتى يؤمن أنه عارف متمكن وهو خير إمام.
ويكلم العامي بلسانه والسوداني بلغته، وهكذا كل طبقة باصطلاحاتها الكلامية، فكنت ترى في مجالسه الغرائب والعجائب من الخاص والعام.
وكان الأستاذ من أكمل المتأدبين مع الله ورسوله وأهل المقامات العلية، وأنه هو الخائف من الله، المراقب لعظمة ذى الجلال والإكرام.
وأنه هو من أكبر نعم الله وأعظم هدية، وأنه نفحة من رسول الله للإسلام.
فابحثوا عن أقواله فهي كالكواكب الدرية، واحفظوها من الجهال فإنهم عن الحقائق نيام ].
9 - الدكتورة عزيزة عبد الفتاح الصيفي
كلية الدراسات الإسلامية والعربية جامعة الأزهر تقول في بحثها من روائع الشعر الصوفي: [ اعتمد الصوفية في كتاباتهم على التعبير بالشعر، حتى إن هناك من آثر نظم الشعر على الكتابة النثرية كابن عربي، الذي ترك لنا تراثا شعريا عظيم الفائدة، وهناك من جمع بين الكتابة النثرية والشعرية كابن الفارض وأبو العزائم والحلاج وغيرهم الكثير.
وفي محاولة للتعرف على واحد من هؤلاء الشعراء المتصوفة توصلنا إلى شاعر استطاع أن يجمع بين الشعر المذهبى التصوف الفلسفي، وبين معالجة قضايا مجتمعه وعالمه المعاصر له، واستطاع ببراعة العارف بالله أن يعبر عن آرائه السياسية والوطنية، وذلك الشاعر هو الصوفي المجدد الإمام السيد محمد ماضي أبو العزائم ، فهو رجل متعدد المواهب، أغدق المولى عليه من أنعمه الكثير، درس وتعلم حتى صـار داعية إسلامى من الطراز العالى، ومتصوف إيجـابي يرتكز على كتاب الله وسنة رسوله، ومصلح اجتماعى، وثائر، ومحارب سياسي.
فالإمام المجدد أبو العزائم ، كانت حياته كلها نشاط وحركة وفدائية ووطنية، كتب مؤلفاته في الدين والدنيا، ونشر مقالاته التي تدعو إلى الإصلاح والتجديد، والحث على العمل، والتعاون في بناء الوطن.
عجبت كل العجب لمن استغرقوا في الحديث عن زعماء الإصلاح، ولم يذكروا الإمام أبا العزائم، فتراهم ينقلون عن بعضهم البعض لرأي القائل بأن الإمام محمد عبده والسيد جمال الدين الأفغاني وعبد الرحمـن الكواكبى، يمثلون المثلث الثقافي في مصر بلا منازع، وقام الكتاب يمدحون ويمجدون أعمالهم، ونسوا أو قُل تناسوا وتغافلوا عمن يبذهم ويفوقهم- كما وكيفا- في أفكاره وآرائه في التجديد والإصلاح.
وعرض آراء الإمام أبي العزائم الإصلاحية يحتاج إلى بحث مستقل ومقام آخر، فنحن بصـدد الحديث عن ناحية خاصة من آداب الإمام ألا وهو الشعر، وفي رأيه أن الأدب والفنون وسيلة ملائمة لرقي الأمم، حيث يرتقي بإحساس الشعوب ]. (مجلة الإسلام وطن عدد 94).
10 - الدكتور محمد عمارة المفكر الإسلامي الكبير
في كلمة الدكتور محمد عمارة بمناسبة الاحتفال بمولد الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبي العزائم في شهر رجب 1417هـ قال: [ سررت لأول مرة في حياتي أن أرى طريقة صوفية عندها من الوعي والنضج والمسئولية ما يجعلها أن تجعل كلمة (الإسلام وطن) اسما لمجـلتها، وأن يكون في اهتماماتها وهمومها ومسئولياتها أن تبصر الأمة، وتبصر المريدين لهذه المخاطر والتحديات التي يحيكها الغرب بالإسلام وحاله وحضارته وداره. هذا شئ جديد بالنسبة لي، أن يكون هناك مشتغلون بالقلب ويشتغلون بالفكر والعقل ، وهذه كانت سنة حضارتنا الإسلامية قبل أن يصيبها العطب.. لم يكن هناك تناقض بين العقل والقلب لأنه سبحانه وتعـالى هو الذي يقول: ﴿ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا ﴾ (الأعراف: 179). ولأن علماءنا يقولون: إن العقل لطيفة ربانية لها تعلق بالقلب، فلما ظهر فقهاء لا قلوب لهم، وصوفية لا عقول لهم، حدثت الأزمة والمأساة في حياتنا.
ولكن الإمام أبا العزائم أعاد اللحمة مرة أخرى بين العقل والفكر، وبين القلب والوجدان، وصحح طريق الأمة, فكان القلب مفكرا، والعقل خاشعا، والعلم قربة إلى الله سبحانه وتعالى.. وهذا مبعث سرور.. وظاهرة خير أن يؤسس الإمام أبو العزائم طريقة صوفية شرعية تقف على ثغرات الفكر، كما تقف على ثغرات القلوب والوجدان وتصحح طريق الأمة ].
11 – الدكتور عبد الودود شلبي وكيل الأزهر الشريف
لو استقبلت من أمري ما استدبرت، لكنت (عزمياً) من جنود الإمام المجاهد محمد ماضي أبي العزائم!!.. فقد اكتشفت أن الإمام أبا العزائم كان من نوع آخر غير من عرفت من شيوخ الطرق! كما كان في حياته نموذجاً حياً لأسلافه من عظماء الأئمة الذين جاهدوا في الله حق الجهاد ، كما كان في حياته أسوة وقدوة لأبنائه وأحبابه من المريدين والأحباب.
لم أكن أعرف شيئاً عن هذا الإمام قبل أن ألتقي بالسيد علاء أبو العزائم غير أننى كنت أعرف أن هناك مسجداً في شارع مجلس الشعب يحمل اسمه، وبقيت هذه المعرفة محصورة.. في نطاق هذه الذكريات العابرة دون محاولة مني للاستزادة في التعرف على طريقة الشيخ. أو عن من يكون هذا القطب الكبير الذي يحمل هذا الاسم.
وشاء الله - الذي لا راد لمشيئته - أن ألتقي بالسيد علاء أبو العزائم في مؤتمر إسلامي خارج مصر.. لقد عرفـني السيد علاء.. وإن كنت لم أره من قبل.. عرفني من خلال مؤلفاتي التي كان يشتريها من المكتبات أو من باعة الصحف، فظنني عزمياً من خلال هذه المؤلفات أو هذه الكتب، وربما يكون قد رأى في مؤلفاتى وكتبي قبساً من روح جده الإمام المجدد!! ومنذ ذلك الحين فاض المدد!! ورأى كل منا في الآخر أخاه الذي يبحث عنه!.
لقد نشأت في بيئة صوفية تمتد جذورها إلى القطب الصوفي الكبير سيدي عبد الوهاب العفيفي المدفون بجـوار مسجده القائم في قايتباى في سفح جبل المقطم.. إنه الجد الرابع لأمي! لهذا فقد ولدت وروحي مشبعة بهذا العبق الصوفي!.
وقد قرأت كثيراً مما كتبه الإمام المجدد محمد ماضي أبو العزائم .. فأى رجل كان هذا الرجل؟. موسوعة متنوعة في شئون الدين وفي شئون الدنيا.. وروح إيمانية صافية تتوهج بسنا النور المحمدي!.. ما ترك باباً من أبواب الخير إلا طرقه، وما عرف منفذاً من منافذ الشر إلا أغلقه وسده، ولا يتحقق ذلك لغير أهل البصيرة من أمثال حجة الإسلام الغزالي، والقطب الصوفي أبو الحسن الشاذلي.
والتصوف المعاصر- كما أراه –ويوافقني في ذلك السيد علاء أبو العزائم نوعان:
1 - تصوف ميت يعيش شيوخه على هامش الحياة لا يصلحون فاسداً ولا يُقَوِّمونَ معوجاً.
2 - وتصوف حي يخوض شيوخه معركة الحياة تحت راية الكتاب والسنة.. يصلحون ما فسد، ويُقومونَ ما انحرف أو شرد، ويقدمون المثل والأسوة في الإخلاص والتجرد.
نرى ذلك كله واضحاً في سيرة الإمام محمد ماضي أبي العزائم.. الذي كانت حياته ملحمة من ملاحم الجهاد لا تعرف الكلل.. والدفاع عن الإسلام بالقول والعمل، والغيرة على الدين التي لا تعرف باباً من أبواب الشر إلا حذرت منه، ولا باباً من أبواب الخير إلا دعت إليه.
اقرأ كتاب (خاتم الورَّاث المحمديين) الذي أصدرته الطريقة العزمية عن جهاده ومناقبه، فسترى أن ما قلته عنه قليل.. قليل كالقطرة من البحر، أو كورقة ذابلة في بستان يتضوع شذاه برائحة الورد!.
وماذا يقول مثلي عن إمام تعددت مواهبه.. وولد في عصر كان الناس فيه أحوج ما يكونون إلى رجل يفجر في نفوسهم ثورة الغضب على مظاهر الإباحية والإلحاد، ويأخذ بقلوبهم وأرواحهم إلى ساحة الحق والإيمان والرشاد.. ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لكان لي مع الطريقة العزمية شأن وأمر!..
ولرآني الناس واقفاً بين المريدين والمحـبين في حلقات الذكر!.. وتلك هي مهمة السيد علاء أبو العزائم الذي يستطيع- بمشيئة الله- أن يجمع حوله كل المحبين من أصحاب الهمم والعزائم!!.
12 – الدكتورة عبلة الكحلاوي أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف
لو تركت لقلمي العنان كي أكتب عن غزير علم الإمام المجدد حبيب الحبيب حضرة النبى ﴿ ص وآله﴾ وتنوعه ونظرته المستقبلية، وإلهاماته العالية الذاهلة، لغيبت أناملي في الثري ولم أوفه حقه.
لقد رأيته في لقاء حميم من بين سطور مؤلفاته روحاً آمرة معلمة بالعبر، ففقهت بعض الحكمة من قوله تعالى: ﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ﴾ (البقرة: 31)وعرفت به قدر الرجال من حملة الأمانة حقاً، أمانة التفكر والتدبر من أجل الآخرين، إنه المعراج الرباني للأرواح التي لم تبرح مقام البعضية من الأمر، وصدق الله العظيم حيث قال: ﴿ عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً ﴾ (الكهف: 65).
وبصرت في كتب الإمام فيوضات تلوح بالحكم والأسرار، ووجدت رئة أتنفس من خلالها من عبق الجنة، فعكفت على المنهل الرقراق بين أسرار القرآن، وأصول الوصول لمعية الرسول، وشراب الأرواح، ومعارج المقربين، ومحكمة الصلح الكبرى، والإسلام وطن، والإسلام نسب..
ووجدت معيناً متفرداً يسكب الشريعة في أوعية الحب فتمتزج في الأفئدة، وفي أغوار الشعور فجاءت أبواب الفقه محببة ميسرة.. ووجدت تصانيف جامعة للعقيدة والشريعة والأخلاق والآداب والسير والسلوك.. ووجدت إشارات روحية توقـظ السر وسره، وتبعث الحياة في النفوس المطفأة الخامدة، تلك التي أضاعت دفقة الإقبال، ورجفة الإدبار. وهذا قليل من كثير أمتعنا به الشيخ الإمام، وكأن الله فتح عليه طاقات المعارف، فها هو يكتب في غير المقامات واللطائف، إنه يشهد أوجاع الأمة في زماننا ينكأ جرحاً ليفرغ قذاه، الذ ربما ألفناه بطول الصحـبة.. أهمته عذابات الثكالى والأرامل واليتامى، أضناه تصحر العقول والقلوب، وقهر الرجال.
الإمام المجدد الذي عاش روحاً صافية نقية راضية، آمنت فسكنت، فخاطبها الحق خطاباً تعرفه جيداً: ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ {27} ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً {28} فَادْخُلِي فِي عِبَادِي {29} وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ (الفجر: 27 – 30).
وحفظ الله من عكفوا على حفظ تراثه من أهله وعشيرته وأحبابه.. ونسأل الله أن يجمعنا بمن سبقونا على الإيمان. اهـ
ويختم السيد محمد علاء الدين أبو العزائم في كتاب (خاتم الوراث المحمديين) بكلمة جامعة عن الإمام المجدد فيقول: (وكما أن الحياة تستحيل بدون الشمس، إذ أن حركات الشمس وتنقلها في بروجها إنما هي لحفظ كيان الحياة الجسمانية، فإن حياة الرجال حتما هي قوت وغذاء للأرواح. وعند تعرضنا لتلك السيرة، هنا تبرز المواهب والفضائل والمكارم والمناقب والآداب لتفرض نفسها في مجالها، وتربيته وعلمه وحكمته، وغيرته في الله ورسوله، وتفانيه في خدمة الإسلام والمسلمين، ورحمته بالبؤساء والفقراء والأيتام، ورأفته بالعصاة والمذنبين حتى أنقذهم من بؤرة الفساد، وسياسته الحكيمة في نهضة الوطن، وقيادة الزعماء برأيه الصائب وفكره الثاقب.. كلها مواهب تفوق الحصر، وكذلك خدمته للصوفية والتصوف حتى أحياها وأعادها شمسا ساطعة بعد اندراسها وزوالها، وقد حولها المتصوفة من حياة تجريد إلى حياة ثريد، ومن معرفة إلى خرافة، ومن حياة نور إلى معيشة ظلمة، ومن علم إلى جهالة’ ، مما أدى بأهل الاستنارة في العالم الإسلامي إلى ازدراء التصوف وأهله مما شاهدوه من بدع وخرافات حيث كان مقصورا على الدجل والشعوذة والطبول والدفوف.
إن الشخصية عظيمة، لأنها حوت من السمو والنيل وكرم الأخلاق والعفة والنزاهة وعزوف النفس عن النقائص ما يعرفه كل من خالطها عن كثب، حتى أعداؤه الذين عادوه وآذوه، فما فعلوا ذلك إلا غيرة منه، إمام ضحى بكل ما يملك من نفس ونفيس، فقد قام في كل أدوار حياته بسلسلة من الإصلاحات العظيمة حفظها له التاريخ وسجلها بمداد من نور لا يمحي على مر العصور والدهور).
أخلاق الإمام[عدل]
بر الإمام بوالديه ووصله للرحم
إن الأرحام هم أقرب طريق إلى الجنة بل إن الله عز وجل يغلق أبواب الرحمة أمام قاطع الرحم.ولقد كان الإمام بارًا بوالديه إلى أن لقيا ربهما ولم ينقطع ذلك بعد وفاتهما. ولما توفي والد الإمام أرضي زوجة أبيه بكافة الطرق، وترك لها كل شيء بل ومنحها الزيادة، بل ولم يأخذ من بيت أبيه إلا مكتبته الخاصه وبعد أن استأذنها فرضيت وكذلك لما مات أخوه فإنه آثر مصلحة أولاد أخيه وتزوج أمهم برًا بأخيه وأولاده ليقوم بتربيتهم ويكونوا تحت رعايته.
وبعد أن عاد الإمام من السودان كان يتوجه لزيارة بلدته محلة أبو علي مرة كل عام لزيارة روضة والديه، ولزيارة أهله وأقاربه وأصحابه ويتودد إليهم ويغدق عليهم مما أتاه الله من فضله لكل بحسب حاله، وكانوا يصحبونه لزيارة روضة والديه حيث يجلس هناك فيتمثل حاله وهو في المهد صبيًا مع والدته وحالها معه من الحنو والعطف والرحمة والشفقة وكذا الوالد، فيترجم لسانه من شهوده، وإليك بعض ما قاله عند زيارته لهما:
أعني أبر والدي يا ربي * فإنهما أصلاي مذ كنت في الغيب
بررتهما حيين هب لي عناية * أبرهما في القبر بالجسم والقلب
أيا رب واجعلني لكل قرابتي * وصولا بإخلاص لوجهك في جذب
ومواجيد الإمام في زياراته لروضة والديه كثيرة (ذكرها سماحة السيد محمد علاء الدين أبو العزائم في كتاب خاتم الوراث)، فهو يترجم مظهرا مدى إحسانه بفضلهما عليه في حياتهما وبعد انتقالهما.
وعندما كان الإمام بالفيوم أخبروه أن ابنة أخته قد وضعت، فسر سرورًا كبيرًا وتلقي التهاني وسماه نصر، وخرج الإمام في طريقه للقاهرة، ولما وصل لمشارف الجيزة قال لصهيب سائقة الخاص: إرجع للفيوم فإني قد نسيت شيئًا مهمًا فعرض عليه صهيب أنه سيحضر له ما نسي إحضاره، فقال له: لا أستطيع ان أتخلي عنه يا صهيب، ولا تستطيع أن تعمله بدلاً مني وفوجيء أهل بيته بدخوله وهو مستند علي من معه من فرط إعياء السفر، وكان عمره آنذاك اثنين وستون عامًا، ولما سألوه عن سبب العودة، قال: إنني لم أسلم علي ابنة أخي رحمي بعد أن ولدت ولم أهنئها بعد فرجعت إليها لأدخل علي قلبها الفرحة والسرور.
أخلاقه جذبت أهل القلوب له * لين وبشر وعطف عمّ بالكرم
ومن الأحداث التي تؤكد رسوخ قدمه أنه لم يستغل حب أولاده ومريديه له لما كانوا يقدمونه علي حب آبائهم وأمهاتهم، بل كان يأمرهم دائمًا بمحبة والديهم وطاعتهم، وزيارتهم كثيرًا، وكان بعض خاصة الإخوان يأتي من بلدة، قريبة كانت أم بعيدة، ويمكث شهرًا أو أكثر، فكان الإمام يقول له: سافر لوالديك فإن لهم عليك حقًا، مذكرًا إياه بالواجب عليه لهما.
وكان دائمًا ما يوجه الإخوان إلى البر بالوالدين، فقد توجه أحد الإخوان إلى مصيف الإمام ببرج البرلس، وكان الإمام يلقي درساً. وبعد انتهاء الدرس قام جميع الحاضرين لمصافحة الإمام قبل الإنصراف، ولما جاء دور هذا الأخ للمصافحة إذ بالإمام يشد علي يده بقوة شعر الأخ عندها رغم فتوته وشبابه أن يده تكاد تتقطع.
وكان هذا الأخ قد طلب من أمه أن تصنع له شبكة ليصطاد بها السمك، ولما ذهب للصيد وجد أن فتحات وثقوب هذه الشبكة يتسرب منها السمك بعد صيده وما كان منه عند عودته إلى المنزل إلا أن قذف بها في وجه أمه وسبها، ولما جاء دوره في السلام علي الإمام كما سبق وذكرنا إذ بالإمام يقول له: إذا كنت تكفر بمن قامت بتربيتك وتنشأتك وسهرت علي خدمتك ورعايتك حتى صرت شيئًا مذكوراً فتسبها، فكيف تؤمن بالغيب المصون يا بني ؟! إذهب واطلب منها الصفح والمغفرة فإذا سامحتك فلتأتي إلى ، وقبل يديها قبل أن تقبل يدي.
ولقد انطبعت صورة بره بأبويه في أبنائه، خاصة ابنه الأكبرالسيد أحمد ماضي أبو العزائم حيث جلس الإمام ذات مرة يلقي درسه وهو يعاني من المرض والضعف، فوقعت عينه علي ابنه الأكبر السيد أحمد، وجاشت في قلبه عاطفة الأبوة واشتد تأثره بها، لكنه كره أن يستحوذ أحد علي قلبه إلا ربه وبعد أن انتهي من إلقاء درسه وجد أن ابنه السيد أحمد واقفًا بجوار الباب في انتظار خروج سيده وأستاذة ووالده، فما كان من الإمام إلا أن ضربه علي كتفه علي غير عادته ضربة شديدة وعلي مرأي من الجميع، فاتجهت الأنظار إلى السيد أحمد لمطالعة ما يحدث، فإذا به يخرج مسرعاً، ويغيب قليلاً، ويعود فرحاً مسروراً متهلل الوجه وهو يحمل ثلاثة صناديق مياة غازية، وأعطي منها والده والحاضرين جميعاً. ولما سئل عما حدا به إلى فعل ذلك بعد أن ضربه أبوه، فإذا به يقول: لقد كنت حزيناً لما رأيت من اعتلال صحة أبي ، لكنه لما ضربني وأوجعني أدركت أن صحته علي ما يرام وقد عافاه الله مما ألم به من مرض، فسارعت لعمل ما ترون شكرًا لله تعالى أن من علي أبي بالشفاء.
من وصايا الإمام أبي العزائم في صلة الأرحام من كتاب (الإسلام نسب)
يا أبنائي : صلة الأرحام تطيل الأعمار وترضي الرحمن وتكثر الأنصار وتجعل الرجل سيداً عظيماً في عشيرته، وهي من صفات رسول الله ﴿ ص وآله﴾، وصلة الرحم صلة للرحيم.
هذا فضلاً عما يشعر به المرء المسلم من الشفقة والرحمة والعاطفة علي أقاربه، ولو لم تكن صلة الرحم شرعًا وعقلاً لكانت فطرة وسجية، وقاطع الرحم كأنه يقول: أنا لست إنسانًا ولكن وحش، لأن الإنسان ولو ابن زنا يعطف علي أبناء أمه وأقاربها ويتعصب لها.
إحفظوا يا أبنائي أرحامكم، وصلوهم وإن قطعوكم، وأحسنوا إليهم وإن أساءوا إليكم، فإن الصلة واجبه عليكم بحكم الله وبسنة رسول الله ﴿ص وآله﴾ لأنها أرحامكم لا لأنهم أحسنوا إليكم، فهم وإن أساءوا لا تسقط حقوقهم عندكم، لأنكم يا أبنائي لو أنكم قطعتم أرحامكم بسبب إساءتهم إليكم تكونون قد حكمتم بغير ما أنزل الله ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) المائدة: ٤٥.
صلوا أرحامكم صلة لله ورسوله، فإن الذي لا يصل من أرحامه إلا من أحسن إليه فليس بواصل ولكنه مكافيء، وإنما الواصل لرحمه بل والقائم بما فرضه الله عليه من وصل أرحامه لله تعالى ولو قطعوه، وأحسن إليهم وإن أساءوا إليه غير ناظر إلى عملهم فإن نظر إلى عملهم وحكم عليهم بما حكموا به عليه كان من الأخسرين أعمالاً.
يا أبنائي : إن الرجل تكون له الزوجة، والزوجة تبغض أقارب الرجل لأنهم يشاركونها في نعمته، وهم يبغضونها لأنها استقلت بنعمة قريبهم وتصرفت في ماله إلا من حفظ الله، والمرأه ألصق بقلب الرجل، فقد تخلو بهم وترميهم بالبهتان فيقوم الرجل بقطع أرحامه ويحارب أقاربه ويؤذي من أمره الله بالإحسان إليهم، فتكون المرأه في مثل هذا أشر من الشيطان وأضر من النار، وإذا قدم الرجل لشهوته البهيمية المرأة الأجنبية علي أرحام له أمر الله بصلتهم، فإنه يكون كالبهيم بل أقل.
يا بني لا تجهل من أنت، وما لا يجب عليك، ولا ما يجب لك. لعلك يا بني تظن أنك بما تجده من عواطف أمك وأبيك ومن حرصهما على سرورك وخيرك، ومن بذل نفائس أموالهما فيما فيه راحة بدنك وزيادة صحتك، أن ذلك واجب عليهما أو حق لازم عليهما لك، فتجهل قدرك وتنسى قدر النعمة عليك من ربك، فتقوم مطالبا بحقوق توهمتها لم يوجبها الشرع ولم يستحسنها العقل، فتكلف والدتك بخدمتك أو تغضب عليها إن تهاونت بشأنك أو تأبى أن تلبس أو تأكل ما قدم لك أو تستقل ما أكرماك به، فتكون كالفراش الذي يطوف حول النار لا يرضى بضوئها وحرارتها حتى يسقط في لهيبها.
أسرع بأن تعلم منزلتك وأنب إلى ربك تائبا والى والديك متذللا متملقا. لم يبذلا لك ما بذلا من المال والنفس لواجب عليهما، بل لأنك شجرتهما ومرآة حقيقتهما. فإن نظرت بنظر الابن للوالدين نظر تعظيم وإطاعة لأمرهما وحب لهما ورغبة في نيل رضاهما من الله عليك بأن جعل عاطفتهما عليك في مزيد، وجعلك لهما ظهيرا ونصيرا بعد كبرك، فتكون لهما والدا شفيقا ويكونا لك كوالدين رحيمين، وتكون قد قمت بالواجب عليك لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللوالدين.
إذا من الله عليك بأن جعلك غنيا عن شرار خلقه عالما، فكن رجلا خارج المنزل، فإذا دخلت على والديك فكن طفلا كما كنت أولا، عبدا كما كنت سابقا تملك ولا تملك، واجعلهما يدبران لك شأن داخليتك وإن اخطئا، وحسن شأن خارجيتك، فإنك لا تدري متى يأتيهما الموت. لعلك يا أخي إذا تزوجت صارت زوجتك أحب إليك من أبيك وأمك وإخواتك، وهي إنما رضيت بك لأنك قوي سوي غني، ولو ذهبت صفة من تلك الصفات ذهبت معها وكانت حربا على زوجها. فاصحب زوجتك على حذر منها، وكن عبد الله مطيعا لوالديك.
يا بني: بعض الظالمين الضالين الذين حرموا الكمالات الإنسانية يتهاون بشأن والديه ويعتني بشأن زوجته- أعوذ بالله أن أكون منهم أو تكون منهم- فإنهم عبيد لشهواتهم، وعباد الدراهم والدنانير أقرب للبهيمة منهم إلى الإنسانية. أنظر إلى والديك تراك غصن شجرتهما وصورة حقيقتهما وخلاصة حياتهما فلا تعبد يا بني شهوتك وتكفر بربك سبحانه وتعق والديك، واجعل والديك في أعلى المراتب من قلبك، وقم لزوجتك بما فرض الله تعالى عليك وبما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تنس الفضل بينك وبينها، ولا تجعلها سببا في عقوق والديك وقطيعة رحمك، فإن الإنسان لا يدري لعله يجمع المال ويحرم من أرحامه ثم تحوزه الزوجة وتنفقه على زوج أجنبي. أحب يا بني زوجة أبيك وإن كانت كدرا لوالدتك بر بوالدك إلا أن توفيت والدتك فاجعلها في منزلتها وأحب اخوتك منها كحبك لاخوتك، واجعلهم لك أنصارا وأعوانا وكنوزا وجمالا لتكون كثيرا بهم.
اجتهد يا بني إن كان ورثك والدك مجدا وشرفا أن تحافظ على ميراث والدك وأن تجتهد في أن تزيده وتنميه ليحيا والدك. واعلم يا بني أن بعض أهل الغواية الأنذال المفسدين الذين هم مرض في جسم الأسر يتمنى الخبيث منهم أن يموت والده ليرث ماله، فإذا مات والده قام ببذل المال في شهواته وحظوظه حتى إذا لم يبق في يده ما يستعين به ندم- ولات حين مندم- فتمنى إن والده عاش لـه بعد أن أحوجته الضرورة إلى خدمة من كان خادما عنده أو ارتكب ما به يحشر إلى السجون.
ومن الآداب للوالدين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alrefaee.ahlamontada.com
 
الإمام أبو العزائم 2
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» اهل العزائم
» السيد محمد ماضي أبو العزائم
» سلوك الإمام الشاذلي
» هذه مناظرة بين الإمام جعفر الصادق
» الإمام أحمد بن عيسى المهاجر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منى الفخرانى :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول-
انتقل الى: