م جادَ ثُمَّ أَجادَ الفَضلَ مِن يَدِه = وَمنطِق بِصحاح الدُرِّ مُنتَظِمِ
حَشا حَشا قَلبَه غيبا زَكى مخشا يَكونُ يَوماً عَلى غَيبٍ بِمُتَّهَمِ
بَدرٌ بِوَجه كَسى شَمسَ الضُحى خَجلا = زاهٍ عَلى زاهِرٍ من قدِّهِ الحَشِمِ
وَقى وَقالَ ابشِروا فَالنار لَيسَ لَها = في أمتّي طمع تيهوا عَلى الأُمَمِ
عَوِّد إِلى بُقعة عَزَّ البَقيعُ بِها = وَالقَلبُ عَوِّدهُ بِالتِردادِ وَاِستَلمِ
يُقري وَيُقريكَ ما تَرجوهُ ساكِنها = دينا وَدنيا بِلا منٍّ وَلا سَأمِ
في فيهِ طَيِّبَةٌ من طيبهِ ظَهَرَت = في طَيبَةٍ قُم فَهذي طَيبَةُ الحرمِ
حِمى حماه مَنيعٌ إِن حللت بِه = أَمنت من كُلِّ سوءٍ يا أَخا النَدَمِ
زوى زَوايا المُصَلّى فَضل حجرته = مِن أَجلِ ذاكَ الزَوايا عنهُ لَم تَنَمِ
بادِر إِلى يَمِّ جود في يَدَيهِ وَقُم = يَمِّم بِنا فَهو بَحرُ الجودِ والكَرَمِ
يَعودُ مِن فَضلِهِ المَرضى فَيَرحمهم = كَيما يَعودونَ في برءٍ من الأَلَمَ
لا يُنكر الفَضل منهُ غَيرُ جاحده = أَو كافِرٍ كَبَهيم اللَيلِ لِلنِعَمِ
يَغارُ من قَدّه الغُصنُ الرَطيب إِذا = وَالشَمسُ وَالبَدرُ من وَجهٍ عَلَيهِ جمي
حَمدي ثَنائي سُروري مُنيَتي شُغلي = لَهُ عَلَيهِ بِهِ في بابِهِ خِدَمي
كَالبَدرِ بَينَ نُجومٍ مِن صَحابَتِه = عَلى سَحابَتِهِ قَد لاحَ في الظُلَمِ
مُحَمّدٌ وَأَبو بَكرٍ وَقُل عُمَرٌ = عُثمانُ ثُمَّ عَلِيٌّ صاحِبُ الهِمَمِ
صِدقٌ وَصدّيق الفاروقُ ثالِثُهُم = ثُمَّ الشَهيدُ مَعَ المَنعوتِ بِالكَرَمِ
طَبيبي طَبيبي نَصيبي مَذهَبي حَسبي = هُمُ بِهِم فيهم منهُم بِتُربِهم
خَيرُ الكَلامِ كَلامُ الخَيرِ وَهو يُرى = في الذِكر أَو سُنَّة أَو في حَديثِهِم
قالوا اِصبِروا ايسِروا جودوا فَلَيسَ لَنا = مَيلٌ وَلا مَصرِفٌ عن حَدِّ أَمرِهِم
وَالرَفعُ فيهم وَتَمييزُ الجنابِ لِمن = فاقَ الوَرى خَبرا من مُبتَدا القِدَمِ
الفائِض الكَرم ابنُ الفائِض الكرمِ = ابنُ الفائِض الكَرم ابن الفائِض الكرم
مُحمد بنُ عَبدِ اللَهِ شيبَةُ جَدّهِ = ابنُ عَمرو زَكوا أَصلاً بفرعِهم
هو النَبِيُّ الزَكِيُّ الطاهِرُ الشِيم = هو الشَفيعُ الرَفيعُ القَدرِ وَالقِيَمِ
إن قامَ أقعد من ناواهُ عن عَمل = أَو قالَ أسكُت من ضاهاهُ في كَلِمِ
في السَيرِ وَالخَيرِ هادٍ من جَلالَتِهِ = لِمَن يَضِلُّ عَن الإِرشاد في اللُّقَمِ
وَيملُحُ البَحرُ إِن حاكى أَنامِلَه = وَيحسنُ النَهرُ في عَذبٍ من الدِيمِ
يا أَيُّها العاشِق المَندوب في شَغَفٍ = قُم وَاِقضِ فَرضاً بِذاكَ الحَيِّ وَاِغتَنمِ
سَما عَلى الأَرضِ وَالأَفلاكِ في شَرَفٍ = كَالبَدر يَعلو عَلى الأَكوان في الغَسَمِ
عَزَّت سَراياهُ من يُمن عَلى يَمَنٍ = فَاِسكُن تَعِزَّ بِأَرض الخَير وَالنِعَمِ
ما حالُ من سارَ عَن عَدنٍ إلى عَدَنٍ = وَصارَ أشهر من نارٍ عَلى عَلَمِ
وَكانَ يَخفي الهَوى من خَوف حاسِدِهِ = فَصِرتُ أبديهِ من ضَعفي وَمن سَقمي
دَمي تساقَط من عَيني فَنمَّ عَلى = حالي فَوا أَسَفا حَتّى الرَقيب دَمي
حَركتُ يَقظانَ أشواقي وَنائِمها = لَما بَكيتُ لضحك الشيب من هرمي
وَما حَماني في الثَغرِ المَنيعِ فَتىً = لكن من الثَغر ممَّن زادَ في ألمي
بَدر الدُجى قَمر الألبابِ شَمسُ ضحى = بِالظرفِ وَالظرفِ في الضاحي وَفي الشيمِ
يَكادُ يَحرق رَضوي في الهَوى نَفسي = من حرِّ نَفسي وَلو لَم أدن من ضَرَمِ
يا لَيل بَشِّر بِأحبابي وَخُذ حدقي = إن كُنتَ جِئتَ بِبُشري من دنوِّهمِ
بِاللَهِ يا سائِق الأظعانِ مُجتَهِداً = إن جِئتَ سلعاً فَسَل عَن جيرَة العَلَمِ
وَقف قَليلاً عَلى حَيٍّ بِهِ نَزَلوا = وَاقري السَلام عَلى عُربٍ بِذي سَلَمِ
فَلَو عَلمت بِما عِندي لِغَيبَتِهِم = مَزَجت دَمعاً جَرى من مُقلَةٍ بدَمِ
وَحَقّهم إنَّ عيشي بَعدهم كَدِرٌ = وَلم يَطب لي منامٌ لا وَحَقِّهم
ما نِمتُ إلا عَسى أنّي أرى لَهُمُ = طيفاً يُشَرِّف ضيفاً من عَبيدِهم
تَسعى العواذِلُ في قصري فَأنشدهم = إنَّ المُحبَّ عن العُذّالِ في صَمَمِ
من كانَ يَعلَم أنَّ الشَهد مطلبُهُ = فَلا يخافُ للذع النَحل من أَلَمِ
يا من يظنُّ نصوحاً في حواسِده = أخطَأتَ أَذنَبت مثلي عَدِّ واستَقِمِ
لَولا العَظيم عَلى اللَهِ العَظيم محى = ذَنبي العَظِمَ لَذقتُ الكُلَّ بِاللَمَمِ
لا يجبرونَ عَلى ما لا يُطاق لهُ = وَيجبرونَ الكَسير الشاكي الأَلمِ
خُضرُ الحمى حمر بيضٍ سودُ معتركٍ = في الزرق بِالسُمر كم جادوا وَصفرهم
كَأَنَّما الحَربُ عيدُ النَحرِ عندَهُمُ = فَذَبحُهُم في العدى كَالذَبح في الغَنَمِ
كُلُّ الوَرى ساعَدوني في محبَّتِهِم = إِلا العذولُ الشَقِيُّ الجالبُ النَدَمِ
فَقُم إِلى حيِّهم سَعياً عَلى القمم = وَقُل لَهُم يا مُحاة الذَنب بِالهِمَمِ
وَالنَجم ما ضَلَّ بَدرُ الحَيِّ صاحبكم = وَما غَوى وَكَفاكُم أوفَرُ القَسَمِ
بَدرٌ دَنا فَتَدَلّى رِفعَةً وَعُلا = كَقابِ قَوسَينِ أَو أَدنى إِلى النِعَمِ
حَبرٌ هو البَحرُ لكِن ذاكَ مَنظَرُهُ = غَمٌّ وَهذا حَقيقاً كاشِف الغمَمِ
في المَدحِ بالِغ فَلم تَلبُغ سِوى قِصرٍ = عَن مَدحِ من هُوَ خَيرُ الخَلقِ كُلِّهِم
وَلِلمَلائِكِ مِن تَبيلغِ حَضرَتِهِ = أَزكى السَلامِ الرّضي من بارئ النَسَمِ
لَو رامَ أَن يُغرِقَ الدُنيا وَساكِنَها = نَدى يَدَيهِ لا نَجى شاكي العَدَمِ
وَلَو نَهى الشَمسَ أن تُبدو لما طَلعت = وَلا اِستَنارَت وَعاشَ الناسُ في الظُلَمِ
تَكادُ تَشهَدُ في الدُنيا لَهُ نُطَفٌ = بِالبَعثِ لِلخَلقِ من صُلبٍ ومن رَحِمِ
كَم طارَ بِالخَوفِ في الأَقطارِ جاحِدُهُ = مِنَ الأَعادي مع الغربان وَالرَخَمِ
وَكانَ يُنكر قَول الوَحش عَن بُعُدٍ = فَصارَ يعرفُ فعلَ الطَيرِ مِن أُمَمِ
لَو اهتَدى ما اِعتَدى وَقَد يَشبّ إِذا = شابَ الغُرابُ بِهِ مَيلٌ إِلى نَعَمِ
فَالكَونُ يَشهَدُ ما الأعداء تنكره = من فَضلِ خَيرِ الوَرى وَالحَقُّ غيرُ هَمِ
فَالضَبُّ سَلَّمَ وَالثعبانُ كَلَّمَهُ = وَكَلَّمَتهُ ذراعُ السُمِّ في الدَسمِ
وَشاعَ في الصَحبِ تَسبيحُ الطَعامِ لَهُ = مَع الحَصى وَاِنشِقاق البَدر في الظُلمِ
عَلَيهِ سَلَّمتِ الأحجار ثُمَّ دَعا = الأشجار جاءَت لهُ تَسعى بِلا قَدَمِ
وَأمنت حائِط العباس حينَ دَعا = وَاِسكُفَّةُ البابِ تَأميناً بِغَير فَمِ
وَأمُّ معبد دَرَّت شاتُها لبناً = إِذ مَسَّها وَغدت من أَطيبِ الغنمِ
وَشُرِّف الغار لما صارَ مُحتَوِياً = لِلجارِ فَهو بِهِ كَاللَيثِ في الأجَمِ
حامَ الحمام لَهُ وَالعَنكَبوت علا = عَلى الحَبيب وَكانَت قَبل لم تَحُمِ
وَرَدَّ عَينَ قَتادة الَّتي عميت = كَأَنَّهُ لَم يَكُن مِن قَبل ذاكَ عَمي
إِن سارَ في الرَملِ لا يُلقى لَهُ أَثَرٌ = عَلى الثَرى وَيَغوصُ الصَخر بِالقَدَمِ
لاذَ البَعيرُ بهِ وَالذِئبُ صَدَّقَه = كَم مُعجِزات لَهُ عَنها بَكِلُّ فَمي
فَمي وَيعجز لَم يبلغ لأَيسَرِها = وَلا طروسي وَلا حِبري وَلا قَلَمي
إِذا بَدا بِصُنوفِ البرّ من يده = تَقولُ هذا السَخا أَم عارِضُ الدِيَمِ
سَهل شَديد عَلى سلم وَفي حَرَبٍ = من مثله وَحوى التَكميل في الشِيَمِ
أَما رَأَيتَ النَدى قَد فاضَ مِنهُ أَما = سَمعتَ عَنهُ الهُدى في الفِعل وَالكَلِمِ
حَياؤُهُ وَجهُهُ جَدواهُ منطقه = كَالبكر وَالبَدر مَع بحر وَدُرِّ فَمِ
الفَضل وَاللُطف وَالخَيرات قَد جُمِعت = فيهِ مع الحسن وَالإِحسان وَالنِّعَمِ
في الحاجِبين وَعَينيهِ وَفي فَمِهِ = كَالنونِ وَالعَينِ ثُمَّ الميمِ في نَعَمِ
وَقَد تَقَسَّم فيهِ الفَضل أجمعه = بِالعِلمِ وَالجودِ وَالمقدار وَالعِصَمِ
وَالماء وَالمال كُلٌّ من يَدَيهِ جَرى = هذا لظامٍ وَهذا رِفدُ مُستَلِمِ
وَالنارُ وَالنورُ هَذا خلق صورَتِهِ = وَتِلكَ هِمَّتُهُ العَلياءُ في الهِمَمِ
لَيسَ الغَزالَةُ لَمّا سَلّمت كَرَما = عَلَيهِ في الفَضلِ مثل الجدي فَاِحتَكِم
وَلَيسَ طائِفَةٌ بِالقُربِ طائِفَة = عَلى حماه كَمن لَم تَدنُ لِلجرمِ
نَزِّه لحاظِك في عَلياء حضرَتِهِ = وَعَن سِواها فَفيها سَيد الأُمَمِ
كَم سائِرٍ لِحَبيب الحَقِّ مُغتَنِم = كَم زائِرٍ بِطَبيبِ الخلقِ مُلتَزِمِ
في ذاتِهِ وَالأَيادي وَالنَدى نِعَمٌ = تَلوحُ في نِعَمٍ لِلخَلقِ من نِعَمِ
وَهابُ مرحمةٍ كَسّابُ تهنيةٍ = قَد فاقَ في كَرَم لِلعُربِ وَالعجمِ
مُعط أخا عَدَمِ مُرضٍ أَخا نَدَمِ = مُدنٍ أَخا ضَرَمٍ مُدعٍ أخا طُعُمِ
إمامُ ذي أَدَبٍ هُمامُ ذي أَربٍ = غمامُ ذي طَلبٍ في حالِ مُبتَسمِ
يهدي بِدَعوَتِه يهدي بِسُؤددهِ = نَكفي بِأَنعُمِه في الحُكم وَالحِكَمِ
جَبرٌ لِمُنكَسرٍ ذُخرٌ لِمُفتَقرٍ = بِالفَضلِ في عَدَمٍ وَالفَصل في كَلمِ
كَم قَد حَوى شَرفاً كَم قَد هدى فرقا = كَم قَد وَفى كرماً كَم قَد عَلا وَكمِ
أَرجو التَخلُص من خوفي بهِ وَأَرى = إنّي بمَدح رَسول اللَهِ لَم أُضَمِ
فَتى قُرَيشٍ إمامُ الرُسلِ قاطِبَة = أَزكى النَبِيّينَ خيرُ الخَلقِ كُلِّهِم
من لَفظِهِ واعِظ الإِيمان ينشدنا = تبارك اللَهُ منشي الدُرَّ في الكَلِمِ
وَكُلهم من رَسولِ اللَهِ ملتمسٌ = غَرفاً من البَحر أو رَشفاً من الدِيمِ
يَدعُونَ لِلخَيرِ في سِرٍّ وَفي عَلَنٍ = وَيَأمُرونَ الوَرى عَدلاً بِعُرفِهِم
في حُكم ذي رَشَدٍ في عَدل ذي قَدَرٍ = في فَضل ذي شَرَفٍ في جودِ ذي كَرَمِ
مُستَعطف عاطِفٌ مُستَحسنٌ حَسَنٌ = مُستَفتِح فاتِحٌ مُستَحكِم الحكمِ
وَفعله فاقَ أفعال الوَرى كَرماً = وَقَوله راجِح عَن وَزن قَولِهم
من كفّه وَمُحَيّاهُ وَمن فمه = بَحرٌ وَبَدرٌ وَدُرٌّ زاكِيَ القِيَمِ