محمَّدٌ هو نورُ اللَهِ أرسَلَه = بِالحَقِّ في هيكَل الإِنسانِ للأُمَمِ
وَاللَيثُ وَالغَيثُ في حَربٍ وَفي كَرَمٍ = مِنَ الوَرى دونَه وَاِسأَل عن الهِممِ
وَمُذ سَرى في الثَرى صارَ التُرابُ بهِ = مطهراً لِلوَرى من وَطأة القَدَمِ
واشتَقَّ من اِسم مَولاه اسمُهُ كرماً = فَقل محمدُ من محمود في العِظَمِ
عَدُّ اسمِهِ أَربَعٌ إن فاتَ واحدُها = يَبقى به أحدُ الأَعدادِ لِلفَهِم
لا خَيرَ يَشمل من وافى لِحَضرَتِهِ = إِن لَم يَكُن مُخلِصاً في الحُبِّ وَالخِدَمِ
فازَ القَريب بهِ فَوزاً وَنالَ هُدى = وَطابَ بِالقُربِ من آثار مُحتَرمِ
في رُؤيَة وَسَماعٍ وَالمَقال وَفي = ذات وَفي السَعي من فَرقٍ إِلى قَدَمِ
بادِر أَفِد امدَح احمِد جِدَّ مُدَّ أَعِد = شَنِّف أجِد خُصَّ عَمِّم قُل أَدِر أَدِمِ
يا عاجِزاً عَن فُنونِ الخَيرِ سَوف غداً = تَقولُ بَعدَ فَواتِ العُمرِ وا نَدَمي
يا وَيلَتا لَيتَني لَم اتّخِذ كَسلا = يا حَسرَتا في سَبيلِ اللَهِ لَم أقمِ
دَع عَنكَ قَول النَصارى وَاليَهود وَما = يَقولُهُ الرافِضِيُّ الطرفُ وَهو عَمِ
فَلِلنَصارى اِعتِناءٌ في مَذاهِبِهم = بِزورِهم وَاِغتِناءٌ في مَسيحِهِم
وَلِليَهود اِفتِتانٌ حَرَّفوا كَذبوا = وَغَيَّروا وَاِفتنانٌ في عُزَيرِهِم
وَلِلمُشيحينَ في الأَصحابِ خُلفُ هدىً = وَبَدَّلوا حُبَّهم فيهِم بِبُغضِهِم
إِن هُم بِغَفلَتِهِم إِلا كَغَفلَتِهم = بَل هُم أَضلُّ من الأنعام وَالغَنَمِ
قَومٌ يَروا ما بَدا مِنهُم لِضارِبِهم = أَشقّ مِمّا يَراهُ عائِبٌ بهِم
كَم عاذِلٍ منهُم لامَ المَشوقَ وَكم = قالَ اختَصِر قُلتُ سَمعي عَنكَ في صَممِ
تَبّاً لِباغِضِهِم يا وَيلَ جاحِدِهِم = لأنَّهم مَعدِنُ الإنصافِ وَالكَرَمِ
افنوا أَعادِيَهُم أَبقوا أيادِيَهُم = من حلَّ نادِيَهُم قَد حَلَّ في حَرمِ
وَإِن أَتاهُم قَوِيٌّ مَع ضَعيف يَدٍ = كانا سَواءً وَكَم اغنوا بِجودِهِم
لا عَيبَ فيهِم سِوى أَنَّ المُحِبَّ لَهُم = يَلقى الهَنا وَالغِنى وَالفَوزُ بِالنِعَمِ
فَالمَح بِعَينِكَ ثُمَّ اسمَح بِها كَرَماً = في حُبِّهِم مَن يَروم الوَصلَ لَم يَنَمِ
قالَ العَذولُ ثَنيتَ العَزم قُلتُ نَعم = ثَنيتُ عَزمي عَن مَيلي لِغَيرِهِم
وَحَيثُ زُرتُ حِماهُم ذَلَّ قُلتُ لَهُ = ذُق إِنَّك اليَومَ ذو عِزٍّ وَذو كَرَمِ
حكَمتَ بِالعَدلِ ضاءَ القَولُ مِنكَ فَيا = أَحمى الوَرى أَنتَ عِندي من أخصّهم
فَاِعطِف شُهِرتَ بِفِعل العَفوِ مُحتَكِماً = في العَطفِ حُزتَ مقامَ القَلبِ من سُدُمِ
لأَنتَ وَاللائِمُ التَعبانُ في نَظَري = كَالبانِ في البَرِّ أَو في البَحرِ كَاللخمِ
لا تَلحني فَدما عينَيَّ جارِيَةٌ = قَد رَخَّمت دَمعَ عبد الحُبِّ بِالعَنَمِ
يَحكي الهَواءُ مَقال العذل في أُذني = فَأَكفف حَماني الهَوى عن ذلِكَ النَغَم
يُحيي اللياليَ من يهوى فقالَ أنا = أُحيي الأَسى وأميتُ القلبَ بالسّدمِ
عَسى بهيم الدجى أَضناكَ قُلتُ لَه = أَشكو البَهيمَ الَّذي يَسعى لِغَيرِهِم
تُب لِلإِله وَطب نَفساً بِأَنعمهم = وَالمح فَفي التَوبَة استِظهار فَضلِهِم
أَصحابُ خير الوَرى إِن تَرجُ غَيرَهُمُ = عن خيرِهِم فَقَد اِستَسمنتَ ذا وَرَمِ
أَحبابُهُ وَالأَعادي قَطّ ما أَتلفا = هَيهاتَ لَيسَ البزاةُ الشهبُ كالرَخَمِ
من كانَ مُختَرِعاً جنس البَديعِ لَهُم = فَذا مُحِبٌّ رَعى مَعنى جَميلِهِم
إِذا رَماني زَماني في مَخاوِفِه = أَيقَنتُ أَن أَماني في مَديحِهِم
ما أَفخَرُ الدُرّ في أَبهى العقود عَلى = أَزهى الغَواني بأَغلى منهُ في القِيمِ
في العَزمِ وَالعَهدِ وَالجَدوى وَفي شَرَفٍ = وَفي القَرابَةِ كلٌّ ثابتُ الرَحمِ
لَهُم مَنازِل قِف وَاِنشد بِها لَكِ يا = مَنازِلَ الامنِ مِن تَعريضِ مِثلهم
نعم المَقام بِوادٍ طابَ من نِعَمٍ = نعَم بِهِم وَبِما يُعطونَ مِن نعَمِ
عَلى الحَقيقَةِ لَيسَ القَولُ يَمدَحهُم = وَإِنَّما القَولُ مَمدوح بِذِكرِهِم
ما أَحسَن المَوتُ في حَيٍّ بِهِ نَزَلوا = ما أَقبَح المَوتُ عِندي قَبل وَصلِهِم
القَلبُ مُشتَغِلٌ وَالرَأسُ مُشتَعِلٌ = شيباً وَعيباً وَلم أظفَر بِرَبعِهم
أَطاعَني دَمع عَيني وَالمَنام عَصى = وَقامَ عُذري وَعزم السَعي لَم يَقُمِ
من جَدَّ في السَير شَدَّ السَير مُحتَزِماً = عَلى مَطِيٌّ دَعَتها العُربُ لِلعَجَمِ
بادِر قُبَيلَ تصاريف العُمير إِلى = تِلكَ العُريب وَاضرِب عَن كُليبهِم
فَاجهَر بِحُبِّكَ وَانهَر في العَذول بِهِم = وَاسهَر عَلَيهِ وَلا تَغفَل وَلا تَنمِ
إن رامَ يَثني ضُلوع الحُبّ مِنكَ فَقُل = دَع عَنكَ ذا كَيف حالُ اللَحم في الوَضَمِ
إِن قالَ أهلَكتُ نُصحي في هَواك فَما = سَمَحتَ قُل ما نَصَحت ارجِع عَنِ التُهَمِ
وَدَع لسانَيه مَع وَجهَيه في عَذَلي = فَعاذِلي وَالهَوى كَالسَيفِ وَالجَلَمِ
طالَت لَهُ قِصَّةٌ فينا مُعَقَّدَة = قُل كَالقَناة وَلكِن عِندَ مُنهَزِمِ
يَوم اللقا قُل لَهُ احصُد ما زَرَعت وَذُق = ما قَد كَنَزت فَهَذا موجب النِقَمِ
يا قَلب ماذا التَمادي في الضَلالِ وَيا = نَفس ارجِعي فَالتَواني جالِبُ الأضَمِ
رَجَعتُ عَن كُلِّ مَدح كُنتُ أنظمه = سِوى مَديح مَليح الذاتِ وَالشِيَمِ
قَلَّت مَدائِحُ خَلقِ اللَهِ قاطِبَةً = إلا مَدائِحُهُ جَلَّت بِكل فَمِ
فَمَدحه كَيفَ لا يَعلو وَفيهِ أَتى = مَدح الإله لَهُ في نون وَالقَلمِ
وَفاقَ في الخَلقِ حَتّى أَنَّ خالِقَهُ = أَثنى عَلَيهِ من الإِعزازِ بِالعظَمِ
بَحر الحَبا محسنٌ رحب الحِمى حَسَنٌ = حاوي المَحاسِنَ حامي الحل وَالحرمِ
في الفَضلِ مُكتَمِل في العَدل مُشتَمِل = في البَذلِ مُحتَمل لِلخَلقِ كُلِّهِم
غَمامُ كَفَّيهِ كَم عَمَّت وَكَم غَمَرَت = مِن غَيرِ سوءٍ عَلى من باتَ في غُمَمِ
محمدٌّ بَدر تِمٍّ في كَواكِبِهِ = عَشرَةٌ فَخرهم من عِشرَةِ الكَرَمِ
مُحمَّدٌ بَدر تِمٍّ في كَواكِبِهِ = قَدِّم بِذِكرِ أَبي بَكر عَتيقهم
مُحمَّدٌ بَدر تِمٍّ في كَواكِبِهِ = فَاِثني عَلى عُمر الثاني لعدّهِم
مُحمَّدٌ بَدر تِمٍّ في كَواكِبِهِ = أَكرِم بِثالِثِهِم عُثمانَ ذي النِعَمِ
مُحمَّدٌ بَدر تِمٍّ في كَواكِبِهِ = فَاِشكُر لِرابِعِم عَدّا عَلَيِّهِم
مُحمَّدٌ بَدر تِمٍّ في كَواكِبِهِ = فَطَلحَة خامِسٌ إيفاء نِصفهم
مُحمَّدٌ بَدر تِمٍّ في كَواكِبِهِ = فَسادِس القَومِ عَدا في زَبيرِهم
مُحمَّدٌ بَدر تِمٍّ في كَواكِبِهِ = فَسابِع القَوم عَدّاً عندَ سَعدِهِم
مُحمَّدٌ بَدر تِمٍّ في كَواكِبِهِ = فَثامِنُ القَومِ عدا في سَعيدِهم
مُحمَّدٌ بَدر تِمٍّ في كَواكِبِهِ = فَتاسِعُ القَومِ عَدّا في اِبنِ عَوفهم
مُحمَّدٌ بَدر تِمٍّ في كَواكِبِهِ = فَعامِرٌ عاشِرٌ وافى بِخَتمِهِم
بَدرٌ سِوى أنهُ بَحرٌ لِطالِبه = لَيثٌ سِوى أنَّهُ غيثٌ لمُغتَنِمِ
يَروي النَدى عَن سُيولِ الحي عَن ديم = فاضَت عَن البَحرِ عن كَفَّيهِ في الكَرَمِ
فَاِشكُرهُ وَاذكُرهُ في سِرٍّ وَفي عَلَنِ = وَاحمَدهُ وَاِمدَحه في نَثرٍ وَمُنتَظمِ
أسنى مُلوك الوَرى في بابِ حَضرَتِهِ = يَغض طَرفاً وَيَحكي أَصغَر الخدمِ
مَلابِسَ الجودِ بِالتَفصيلِ منهُ لِمن = عَرى مِن الضعفِ وَالأَيتامِ وَالحَرَمِ
في الفَضلِ يُتبَع فَضلَ العِلمِ فَضل يَد = لِلطالِبينَ فَيَغنى من يَد وَفمِ
لَو لَم يَكُن جوده بَحراً لما شَمِلت = يَداهُ لِلخَلقِ في الوجدانِ وَالعَدَمِ
إِن قامَ أَو قالَ في خَطبٍ وَفي خطَبٍ = حَمى الحِمى وَرَمى في اللُسنِ بِالبكمِ
ثَبت الجنان وَقَد فاقَت مَحاسِنهُ = عَلى الجِنانِ الَّتي تَعلو عَلى إِرمِ
سَل الكَتائِب عَن أَحوالِ سيرَتِهِ = تَلقَ العَجائِبَ وَاكشِف نَصَّ كُتبِهِم
كُل الحُروف لِخَير الخَلقِ ناطِقَة = فَضلاً وَما خَط يَوماً قَط بِالقَلَمِ
زينٌ تَقِيٌّ نَقِيٌّ بَيِّنٌ شَفِقٌ = يُجيزُ يغني بثَّ في شِيَمِ
عَدُوُّهُ مهملٌ عارٍ وَصارَ لَهُ = عارٌ وَلاحَ لَهُ حالٌ مَعَ العَدَمِ
دَواء دائي وُرودي دارَه وَإِذا = وَردتُ زُرت وُروداً ذَلَّ ذا وَرَمِ
ذو الفَضلِ وَالفَضل في حُكم وَفي حِكَمٍ = كَم هَمَّ وَهو وَفِيُّ الفِعل بِالهِمَمِ
مُكَرَّمٌ جارُهُ دُنيا وَآخِرَةً = مُنَزَّهٌ لَفظُهُ عَن لا وَلَن وَلمِ
مُهَذَّبٌ يَألَفُ التَأديبَ حَيثُ بَدا = حَتّى غَدا كَنز عِلمٍ لِلهُدى عَلَمِ
ميلادُهُ مَكَّةُ الحسنا وَتُربَتُهُ = بِطيبَةٍ فَهوَ في الحالَينِ في حَرَمِ
وَعِندَهُ العُمران امدحهما كَرماً = هَذا وَذا القَمران أعجَب لِنورِهِم
بَرٌّ بِنا بَحرُ فَضلٍ يا لَهُ عَجَبٌ = فَردٌ هُوَ البر وَهو البَحر للأُممِ
سُبحانَ خالِقَه سُبحان مُنشِئه = حازَ المَحاسِنَ في عُرب وَفي عجمِ
خَيرُ البَرِيَّة مَعناهُ وصورَتُهُ = شَيئانِ سيّانِ في فَخرٍ وَفي عِظَمِ
مُحَمَّدٌ في نَعيم شامِلِ النِعَمِ = مُؤَيَّدةٌ من كَريمٍ كامِلِ الكَرَمِ
يا أَكرَم الرُسل يا خَير الأَنامِ وَيا = مَن خصَّ بِالسَعدِ من مَولاهُ في القِدَمِ
أنتَ المُرادُ فَما سُعدى وَجيرتَها = وَما سُعاد وَما عُربٌ بِذي سَلَمِ
وَما حَوى أَحدٌ مدحاً وَفاقَ بهِ = إِلا وَمدحك أَزكى مِنهُ في القِيَمِ
وَحَيثُ قيلَ لِموسى اخلَع وَقِف أَدبا = سُئِلتَ شَرِّف وَدُس بِالنِعل وَالقَدمِ
مُرادنا لِبِساط النورِ تكرمةٌ = بِتُربِ نَعليكَ يا اِبنَ البَيتِ وَالحرمِ
مُوسى وَعيسى وَكُل الرُسل أَجمعهم = في دينِ خيرِ البَرايا نسخُ دينهم
فَدينُهُ الجِنسُ لِلأَديانِ أَجمَعها = وَالكُل أَنواعُه في سائِر الأُممِ
كُلّ بالاِسم يُنادى وَالحَبيب لَهُ = يُقال بِالرَفعِ وَالعِظَمِ
وَالأَنبياء جَميعاً مَع جَلالَتِهِم = يَقومُ فيهِم مَقام البُرءِ في السَقَمِ
مكرَّم الذاتِ في يومي ندىً وَردىً = بِحَوزِهِ الجابِرين النصر وَالكَرمِ
ما أَطيَب العَيش في آثارِ حضرَتِهِ = لِطالب الغامِرَينِ البحرِ وَالدِيَمِ
لَهُم أَياد وَلكن فَضل خاتِمِهم = قَد فاقَهُم وَهو عنوانٌ لِختمهِم
يا مَن يُؤَمِّلُ أَن يَحظى بِوارِثِهِم = فَضلاً وَفَضلاً فَيمِّم ناصر الأُمَمِ
هَذا سَمِيُّ رَسولِ اللَهِ مالِكُنا = بعهدة الخادِمَين السيفِ وَالقَلَمِ
تَمكينُهُ في مَعالي المُلك متفق = بِطاعَة الفئتَين العربِ وَالعَجمِ
أَسنى المُلوكِ إِمامُ الكُلِّ أَحمدُهُم = الناصِرُ ابنُ المَليكِ الأَشرفِ العَلَمِ
في العلمِ وَالحُكم قَد فاقا وَالابنُ زَكا = فَهماً وَكُلّ سما في الفَضلِ وَالنِعَمِ
وَزادَهُ بسطَةً مَولاهُ فاقَ بِها = في العِلمِ وَالجِسمِ وَالاحكامِ وَالحكمِ
الصَفحُ وَالفَتحُ منهُ لِلجناة فَلم = تَرى الوَرى مثل هذا الحُلم في الحُلُمِ
قَوِّم بِأَلفِ مَليكٍ عَدل قامَته = وَاِحسِب سِواه بِربع الشَخص أَو فَنَمِ
يَنهي عَن المُنكر الفاني وَيَأمُرُنا = بِمَدح مَن هُوَ خيرُ خَلقِ اللَهِ كُلِّهم
بِأحمد الرُسلِ أضحى أحمدُ الخلفا = في عَصرِ نصر وَقَصر غير مُنهَدِم
يا رَبَّنا اجعَلهُ في خَيرٍ وَعافِيَة = وَانصُرهُ نَصراً عَزيزاً غيرَ مُنصَرِم
هَذا بَديعُ البَديعِ المح محاسِنهُ = وَفي مَديح الشَفيع اذكره تَغتَنِم
أَبياتُهُ الغُرّ لِلراجين حافِظةٌ = جَمعاً ثَلاثُ مئينٍ عِندَ عَدِّهِم
في لَيلَة النِصفِ من شَعبان قَد نجزت = في عام سَبعٍ وَأثمَن من مَئينهم
تَكونُ لِلبردة الحَسناءِ حاشِيَةً = تكُف عَنها الأَذى مِن كَفِّ مجتَرِمِ
يَرومُ يَستُرُ عَينَ الشَمسِ مِن حَسَدٍ = بِكَفِّهِ وَهو اعمى بَيِّنُ الصَمَمِ
فَاللَهُ يَرضى عَن الأَصحابِ كلّهم = رغما لأَنف الأَبيِّ المظهر الشَمَمِ
ذو المَين لَيسَ لَهُ قَولٌ وَلا عَمل = وَلَو حَوى السَبق في نَثرٍ وَمُنتَظم
عِندَ العَزيزِ غَداً في الحَشر ذِلَّتُهُ = لانَّهُ باءَ في الدُنيا بِرَفضِهِم
فَاللَهُ يَكفي البِلا دنيا وَآخِرَةً = في الدينِ وَالنَفسِ وَالأَهلين وَالنعمِ
يا رَبِّ عَبدٌ عَلى الأبوابِ مدَّ يَداً = بذلّة وَانكِسارٍ وَهو ذو أَلَمِ
أَرجو رِضاكَ بِدُنيائي وَآخِرَتي = مَعَ الشَفاعَة لي من فَضل مُحترمِ
أَدمَجتُ شَكوايَ في مَدحي لَهُ لِيَرى = في حالِ مُحتَسِبٍ بِاللَهِ مُعتَصم
كَتَمتُ في النَفس حاجاتي وَفيهِ غِنى = بِعِلمِه عَن بَياني عِندها بِفَمي
أَضمَرتُ حالي وَآمالي مُحَقَّقَةٌ = بأَنَّ ما لي سِوى المَبعوث لِلأُمَمِ
لَعَلَّ أَنجو بِما أَرجو وَيَشفَع لي = في مَوقِف بِجَميع الخَلقِ مُزدَحِم
كُلٌّ يُراقِب كُلاً لا مَفَرَّ وَهُم = ما بَينَ مُضطَربٍ فيهِ وَمُضطَرمِ
لَيتَ المُفرط لَم يُخلق فَما حَصلت = يَداهُ قَطُّ عَلى شَيءٍ سِوى النَدَمِ
يا سَيِّدي يا رَسول اللَهِ ما ظَمَئي = وَقد وَقَفت بِشاطي البَحر من أمَمِ
فَاِنظُر لِعَبدٍ شَكَت أَعضاؤُه أَلَماً = لَمّا أَتاها نَذيرُ الشَيبِ وَالهَرمِ
أتاكَ بِالجَوهَرِ المَكنونِ من صَدَفٍ = مَدحاً يُقدمه من أَطيب الكَلمِ
فإِن قبلتُ فَيا فَوزي وَيا شَرَفي = وَإِن رُدِدتُ بِها يا زَلَّةَ القَدَمِ
حاشاك حاشاك يا خيرَ البَرِيَّةِ من = رَدّي وإِن كُنت ذا ذَنبٍ وَذا جُرمِ
فَجازِني بِأَماني فَهو جائِزَتي = يا سَيِّداً يَألف الإيفاء بِالذِّممِ
ذَكَرتَني زِدتَني يا سَيِّدي شَرَفاً = وَجُدتَ لي بِيَدٍ بَيضاءَ في الحُلُمِ
ليَ البِشارَةُ يا سَعدي وَيا فَرَحي = وَيا هَنائي وَيا فَوزي وَيا نعمي
نَعم أَنا المُسرف الجاني وَلي أَملٌ = بِعتقِ شيبَتي الغَبراء في اللِمَمِ
لأَنَّني خادِمُ الآثارِ مُرتَجِياً = بِخِدمَتي رحمة المَخدومِ لِلخَدَمِ
أَبرّ أجمل من يَبدو بطلعَتِهِ = أَغرُّ أَكملُ من يعدو عَلى قَدَمِ
مَن كانَ مَولاهُ في القُرآنِ مادِحُهُ = فَلَيتَ شعري وَما شعري وَما حِكَمي
كُلّ المَدائِحِ وَالمُدّاح في قِصَرٍ = وَلَو أَطالوا لمالو نحو عَجزِهم
يَفنى المَديحُ وَيَبقى البَدرُ في شرفٍ = عَلى مَدى الدَهر في عزٍّ وَفي عِظَمِ
صَلّى وَسَلَّم رَبّي دائِماً أَبداً = عَلَيهِ في مُبتدا مَدحي وَمختَتمي