تقع مدينة إسنا على الضفة الغربية لنهر النيل على بعد حوالي 50 كم إلى الجنوب من مدينة الأقصر والى الشمال من مدينة أسوان على بعد حوالي 150 كم ، وهى مدينة قديمة يرجع تاريخها القديم إلى عصور ما قبل التاريخ حيث عثر على جبانات خاصة بتلك المرحلة في منطقة العضايمة جنوب غرب إسنا بحوالي 10 كم .
كانت إسنا طوال العصور الفرعونية جزءاً من الإقليم الثالث من أقاليم مصر الجنوبية والذي كان يضم المنطقة الواقعة بين (الكاب) شمال إدفو إلى منطقة الجبلين وأرمنت جنوب الأقصر وكانت هذه المقاطعة تسمى (لاتوبوليت) نسبة إلى نوع من السمك وكان يقدس في مدينة إسنا .
ولم تنل إسنا أهمية كبيرة خلال المرحلة الأولى من التاريخ الفرعوني خلال عصر الاضطراب الأول حيث كانت جبانة الإقليم الثالث تقع في شمال شرق إسنا بما يعرف بمقابر ( المعلا ) 15كم شمال شرق وفى عصر الدولة الحديثة وخاصة الأسرة 18 زادت أهمية إسنا كمركز تجارى هام بين الجنوب والشمال خاصة عندما قاد تحتمس حملته ضد بلاد النوبة كما ورد ذكر توريد ضرائب إسنا في عهد الملك تحتمس ، ثم أخذت مدينة إسنا وضعها السياسي والاقتصادي في العصر اليوناني والروماني حيث أصبحت عاصمة للإقليم الثالث بدلا من (نخت – الكاب) العاصمة القديمة للإقليم .
أصل مدينة إسنا :-
عرفت إسنا في العصور الفرعونية باسم "تاسنت - أو تاسنى" ربما بمعنى أرض العبور" حيث كانت ملتقى لطرق القوافل الصحراوية التي تربط الوادي بالسودان وفى العصر القبطي حٌرف الاسم من " تاسنى " إلى " سنى " ثم سماها العرب إسنا .
وفى العصر اليوناني الروماني عرفت باسم " الاتوبوليس " نسبة إلى نوع من السمك يسمى " لاتو" أو " اللوت" كان يقدس في هذه المدينة حيث عثر على جبانة لدفن الأسماك المقدسة تقع غرب مدينة إسنا .
أهم آثار ومعالم مدينة إسنا السياحية
تضم مدينة إسنا العديد من المعالم الأثرية والسياحية والتي من أهمها بلا شك معبد إسنا الذي يتوسط المدينة القديمة ومواقع أخرى ذات شهرة عالمية أثرية مثل :-
منطقة الجبلين منطقة كومير
منطقة المعلا منطقة العضايمة
منطقة الحلة منطقه اصفون المطاعنة
هذا وسنتكلم بإيجاز عن أهمية كل منطقة على حده وموقعها على الخريطة السياحية
أولا ً : معبد إسنا
يعد معبد إسنا من أهم المعالم السياحية بمدينة إسنا وهو المعبد الوحيد الباقي من أربعة معابد كانت موجودة في إسنا ثلاث منهم في شمال غرب إسنا في (أصفون – كوم الدير – غرب إسنا) أما الرابع فكان يقع في شرق إسنا الحلة وفى عام 1830م تم اكتشاف معبد آخر في كومير جنوب غرب إسنا بحوالي 10 كم إلا أن هذه المعابد قد اختفت منذ القرن الماضي ولم يبقى منها غير ما يدل عليها .
تاريخ بناء معبد إسنا
يرجع اكتشاف معبد إسنا وتنظيفه من الرديم إلى عام 1843م أي في أواخر عصر محمد على باشا ويسبق هذا التاريخ زيارة العالم الفرنسي (شمبليون) له فى عام 1828م الذي ذكر أنه رأى نقوش تحمل اسم الملك تحتمس في هذا المعبد .
يعتقد أن المعبد الحالي أقيم على أطلال معبد قديم يرجع بدايته إلى عصر الأسرة الثامنة عشر حيث عثر على نقوش تحمل اسم الملك تحتمس عام 1468 – 1436 ق.م الذي جاء ذكر مدينة إسنا باسمها فى عهده .
وهناك بحث أثرى لم ينشر بعد يذكر أن معبد إسنا يرجع إلى عصر الدولة الوسطي الأسرة الثانية عشر 1991- 1778 ق.م وقد تهدم هذا المعبد وأعيد بناءه في العصر الصاوي الأسرة السادسة والعشرين ويرقد معظمه أسفل المنازل الحديثة بإسنا. أما المعبد الحالي فقد بدأ تشييده في عهد الملك البطلمى بطليموس الملقب باسم فيلوميتور أى المحب لأمه .
وقد أضيف إليه في العصر الروماني قاعة أساطين ترجع لعصر الإمبراطور الروماني (كلوديوس) 40م وتمت زخرفة الصالة فى عصر كل من فيسيان وتراجان وهادريات وآخر نقوشها ترجع لعهد الإمبراطور دكيوس حوالي سنة 249 – 250م على الجدار الغربي للمعبد أى أن هذا المعبد استمر فى بناءه وزخرفتة خلال 400 عام على فترات منفصلة ما بين عام 181 ق.م – عام 250 م
إله المعبد :-
يقع معبد إسنا على الضفة الغربية لنهر النيل على بعد 100م تقريباً من نهر النيل ويتعامد راسياً عليه على محور واحد وتنخفض أرضية المعبد بعمق 9 م تقريباً عن مستوى الأرض الحديثة لمدينة إسنا وينزل إليه بسلم حديث .
خصص هذا المعبد لعبادة الإله خنوم مع كل من زوجته منحيت – نيبوت أما الاله خنوم فقد مثل برأس كبش وجسد إنسان ويعرف باسم الإله الفخرانى أو خالق البشر من الصلصال وباسم خنوم رع سيد إسنا .
أما الإلهة منحيت فقد مثلت برأس أنثى الأسد ويعلوها قرص الشمس وجسد أنثى وتشبه الإلهة سخمت لهذه القوة .
أما الآلهة نيبوت الزوجة الثانية لخنوم ويعنى اسمها سيدة الريف وقد مثلت بهيئة أدمية على شكل سيدة يعلو رأسها قرص الشمس بين قرنين وهى هنا تشبة الإلهة ايزيس فى هيئتها .
وصف معبد إسنا وأهم مناظره :-
معبد إسنا عبارة عن صالة مستطيلة الشكل ذو واجهة ذات طراز معماري خاص بعمارة المعابد المصرية القديمة في العصر اليونانى والرومانى ويحمل سقفها 24 اسطوانة بارتفاع 13 م ومزخرفة بنقوش بارزة ذات تيجان نباتية متنوعة .
وتعتبر هذه القاعة (الصالة) من أجمل صالات الأعمدة فى مصر على وجه العموم من حيث تماثل النسب وطريقة نحت تيجان أعمدتها وبقائها فى حالة جيدة من الحفظ وتتميز واجهة المعبد بحوائط نصفية أو ساترية لكى تستر المعبد وتحافظ على أسرار الطقوس التي كانت تؤدى بداخله وقسمت جدرانه الداخلية والخارجية إلى سجلات أو صفوف أربعة بكل سجل منظر متكامل بذاته وتمثل مناظر المعبد بصورة عامة الملوك البطالمة في الجدار الغربى والأباطرة الرومان فى هيئات فرعونية وهم يقدمون الهبات والقرابين والزهور المقدسة لآلهة المعبد (خنوم – منحيت – نيبوت) آلهة أخرى مثل (مين – سوبك – صخور – ايزيس)
والمناظر الداخلية للمعبد تتعلق أغلبها بالديانة والعقيدة فى تلك الفترة وتتكون من مؤلفات دينية ونصوص عن خلق العالم وأصل الحياة بالإضافة إلى التضرعات والتراتيل الدينية وأعياد الاله خنوم ومناظر فلكية ومناظر تأسيس المعبد ومناظر سحرية تمثل صيد وقتل الأرواح الشريرة وهزيمة الأعداء .
أهم مناظر المعبد :-
يبدأ المعبد بواجهة ذات طراز معماري شاع فى العصور المتأخرة يعرف باسم الأعمدة المتصلة أو الحوائط النصفية ويحلى الجزء الجنوبى من الواجهة مناظر تمثل خروج الامبراطور (تيتوس) فى هيئة فرعونية من قصره حاملا رموز إلهية أربعة للإله "خنوم – تحوت – حورس – أنوبيس " اله التحنيط ثم يليه منظر يمثل عملية تطهير الإمبراطور بواسطة الإلهين حورس – تحوت بأواني التطهير وبعلامات الحياة أمام الاله خنوم ثم منظر قيادة إلهى الشمال والجنوب للإمبراطور إلى داخل المعبد والناحية الشمالية تمثل مناظر تتويج الإمبراطور .
المناظر الداخلية :-
يضم المعبد العديد من المناظر ولكن من أهمها :-
فى الواجهة الغربية (مدخل المعبد القديم) نجد في أعلاها منظر رئيسي يمثل الاله خنوم برأس كبش وجسد إنسان بالزى الإلهى داخل قرص الشمس سيد إسنا ويعنى هذا المنظر أن الاله خنوم محمى من قبل الاله رع .
وفى الجزء الجنوبى من الواجهة الغربية نجد منظر الملك بطليموس منشىء المعبد بهيئة فرعونية وهو يقدم رمز الاله خنوم إله المعبد وبجواره منظر يمثل زوجته كليوباترا واسمها داخل خرطوش ملكي ،على أن من أهم مناظر المعبد يوجد فى نفس هذا الجانب وهو يمثل قصة خلق الكون ووظيفة الاله خنوم فى هذه القصة وهى صانع البشر من الصلصال على عجلة الفخرانى وفى هذا المنظر يمثل خنوم جالسا ً على العرش وهو يقوم بخلق جسد الإنسان من الصلصال على عجلة الفخرانى ثم يقوم بخلق القرين أو الروح ثم نجد الطفل بعد اكتمال نموه داخل المياه الأزلية أو داخل رحم الأم وهو يتأهب للخروج للعالم الجديد ثم نجد الأم الحامل فى جلسة استرخاء للولادة ونلاحظ انتفاخ البطن والطفل متدلي منها وفى النهاية نجد شخصاً مساعداً يرفع الوليد الجديد ويقدمه للآلهة وفى نهاية المنظر نجد أدعية وتعاويذ ورموز تدل على علامات الملايين وتعنى أن الاله خنوم خلق ملايين البشر لبداية الحياة ويعد هذا من أهم مناظر المعبد .
وفى الجزء الجنوبى من صالة المعبد نجد منظراً هاما وهو يحكى قصة حقيقية حدثت فى العصر الرومانى والتى تمثل قتل الامبراطور كاركالا لأخيه جيتا ليستولى على حكم الإمبراطورية بمفرده فى عام 212م تقريباً تم إزالة صورة أخيه واسمه من جدران المعبد ويمثل المنظر الإمبراطور سينروس أو زوجته دومنا خوليا وابنيه كاركالا وجيتا أمام الاله خنوم الذى يهبه علامة الحياة .
وعلى الجدار الشمالي منظر يمثل صيد أو قتل الأرواح الشريرة التى تخيلها المصري القديم متمثلة فى الحيوانات والأسماك والطيور ويمثل هذا المنظر الامبراطور الرومانى كومودروس يتوسط الاله حورس والإله خنوم وهو يسحب شبكة الصيد المليئة بالأسماك وهى تسبح والطيور والنباتات فى صورة طبيعية غاية فى الروعة .
وتوجد مناظر بالسقف تمثل الاله نوت لهذا السماء وحيوانات خرافية لها مغزى سحري ثم نجد مناظر فلكية تمثل الأبراج السماوية فى سقف الجزء الجنوبى للمعبد وفى سقف الجزء الشمالي نجدها يمثل أيام السنة عند المصريين القدماء متمثلا فى 18 مركب على كل جانب وكل مركب تمثل 10 أيام بما يعادل جمعها 360 يوم أما الخمسة أيام الأخرى فكانت مخصصة للاحتفالات بأعياد الهة الخمسة الكبرى سراهم أمام الاله خنوم اله المعبد بحجم كبير .
أما أهم ما تمتاز به صالة معبد إسنا فهما تيجان الأعمدة ذات الزخارف الهندسية والبنائية المختلفة كل تاج عن الآخر بما يعبر عن عبقرية الفنان المصري فى تلك المرحلة .
أهم المواقع الأثرية الأخرى في إسنا :-
منطقة الجبلين :-
تقع منطقة الجبلين إلى الشمال الغربى من مدينة اسنا على بعد حوالى 20 كم على الضفة الغربية لنهر النيل وهى من المناطق الأثرية الهامة فى إسنا وترجع أهميتها إلى العصور الفرعونية الأولى حيث كانت الحد الفاصل بين الإقليم الثالث والإقليم الرابع من أقاليم مصر الجنوبية ويعنى اسمها القديم والحديث (التلين) أو الجبلين لأنها تقع بين الجبلين الشرقي والغربي على الضفة الغربية للنيل، كما كانت تسمى Perhathar أى معبد أو مقر الالهة حتمور التى كان يوجد معبد لها فى الجبل الشرقي والذي يرجع فى أصله إلى ما قبل الأسرة الثالثة الفرعونية وكان يضم نقوش من عصر الاضطراب الأول وأسماء الملوك (منتوحتب – بنحتب رع) من الأسرة 11 الفرعونية وملوك من الأسرة 13 مثل جدف – نفر رع – جد عنخ – رع – منتو ام – ساف الى نفر – حبت رع ثم من ملوك الهكسوس الأسرة 15 مثل خيان أوس رع – أبوقيس .
كما كانت منطقة الجبلين تحوى مقابر من عصر الاضطراب الأول على الجبل الغربى من أهمها مقبرة إتى ITI المحفوظة حاليا بجناح المتحف المصري فى تورين بإيطاليا ، كما عثرت البعثة الإيطالية حديثا على سور ضخم ربما كان يحمى القرية القديمة بالمنطقة .
منطقة المعلا :-
وهى من المناطق الأثرية الهامة بإسنا وكانت تعتبر جبانة حكام الإقليم الثالث من أقاليم مصر الجنوبية التى ترجع أيضا لعصر الانتقال الأول وهى تقع إلى الشمال من إسنا على بعد حوالي 15 كم على الضفة الشرقية للنيل وتشتهر بمقبرتين هامتين هما لحكام الإقليم الثالث خلال عصر الاضطراب الأول وهو عنخ تيفى ومقبرة أخرى للأمير سوبك جيت وتعتبر مقبرة عنخ تيفى من المقابر الهامة فى تلك الفترة لأنها تحوى سجل تاريخي لإحداث المنطقة فى عهده كما تمتاز بمناظر الرعي وصيد الأسماك مع عائلته ،
وتعطينا فكرة عن أسلوب الحياة الفنية فى تلك الحقبة الغامضة فى نهاية الدولة القديمة وعصر الاضطراب الأول .
منطقة أصفون (المطاعنة) :-
تقع أصفون شمال غرب إسنا بحوالى 8 كم وعلى بعد 1.5 كم من نهر النيل على الضفة الغربية وهى منطقة قديمة ترجع للعصور الفرعونية حيث ذكرها العالم جوتيه فى معجمه باسم AMENTI-HR بمعنى مقر الاله حورس فى الغرب ويجع تاريخها واسمها الى عهد الملك سنفرو مؤسس الأسرة الرابعة الفرعونية حيث سميت PR SNFRU بمعنى قصر الملك سنفرو ثم سميت فى العصر اليونانى الرومانى ASPHINIS أسفنيس ثم فى العصر القبطي SBOUN أو HASFOUN حاصفون ومنه اشتق اسمها العربي أصفون وتحوى معبدا من العصر الرومانى مبنى على أطلال معبد قديم من العصر الفرعوني عليه نقوش تحمل اسم الفرعون بسماتيك من الأسرة 26 الفرعونية إلا أنه اختفى وعثر على بقاياه فى عام 1905 م، كما أنها مشهورة بالعجل بوخيس من العصر الرومانى .
منطقة كومير :-
تقع جنوب إسنا بحوالى 10 كم ويجع اسمها إلى أصل قديم يسمى PR.MR ثم اسمها MERA ثم اسمها العربي كومير وقد عثر بها على بقايا معبد من العصر الرومانى بناه الإمبراطور انتينيوس بيوس وفى عام 161م للالهة ايزيس وعنقت عثر عليه عام 1830م .
منطقة العضايمة :-
وهى من المناطق الأثرية الهامة التى تضم حضارات ما قبل التاريخ المعروفة بحضارات الفخار وهى تقع جنوب غرب إسنا على بعد 5 كم تقريبا وقد كشفت البعثة الفرنسية العاملة بها على مدينة قديمة ومقابر من عصور ما قبل التاريخ ومن أهم مزاياها أنهم أول من استخدم عملية الألوان كان فى منطقة العضايمة فى تلك الحقبة .
منطقة الحلة :-
تقع جنوب شرق إسنا بحوالي 5 كم وكانت توجد بجوارها بقايا مدينة من العصر اليونانى الرومانى وكان بها معبد من العصر البطلمى ولكن اختفى الآن.
كانت هذه هي أهم معالم إسنا الأثرية والسياحية الهامة الموضوعة على الخريطة والمشهورة عالميا وقد تكلمنا عنها بإيجاز وإتقان علمي قدر الاستطاعة .
تاريخ وآثار العصر القبطي فى مدينة إسنا
أهم أحداث مدينة إسنا التاريخية في العصر القبطي :-
القرن الأول الميلادي :-
مدينة إسنا من أوائل المدن التي اعتنق سكانها الديانة المسيحية فى القرن الأول الميلادي وأقاموا فيها الكنائس والأديرة التي مازالت قائمة حتى الآن .
القرن الثالث الميلادي :-
فى نهاية القرن الثالث الميلادي أثناء حكم الإمبراطور الروماني دقلديانوس (284م – 305م) شهد المسيحيون فى مصر أشد صنوف العذاب والاضطهاد والقتل من الرومان بسبب رفض المسيحيون اعتناق ديانة الرومان الوثنية .
وشهدت مدينة إسنا فى ذاك الوقت أشد حلقات الاضطهاد من جنود الرومان بقيادة الوالي اديانوس سنة (299- 303م) قتل فيها معظم سكان إسنا من المسيحيين حين كانوا يحتفلون بعيد احد القديسين حتى أنه فى يوم واحد قتل الرومان عدة آلاف من المسيحيين في مذبحة سميت بمذبحة الشهداء وذكر أن المقبرة أقيمت لهم بعد ذلك بلغت مساحتها 80 فدان بالمقياس المصري أي ما يعادل 336000 متر مربع تقريبا وبسبب تلك الإحداث أطلق الأقباط على مدينة إسنا اسم مدينة الشهداء .
القرن الرابع الميلادي :-
بداية من اعتناق الإمبراطور الروماني قسطنطين المسيحية بدأت حركة إنشاء الكنائس وبنيت الأديرة فى الصحراء ليعيش فيها الرهبان .
آثار العصر القبطي في مدينة إسنا :-
بنيت الآثار القبطية فى مدينة إسنا وتجددت على مراحل زمنية مختلفة من القرون الأولى للمسيحية وحتى الآن ، وأهم الآثار الباقية حتى الآن هي :-
دير الأنبا امونيوس المعروف بدير الشهداء :-
يعتبر هذا الدير من الأديرة الهامة القائمة بمدينة إسنا نظرا لوجود ثروة زخرفية هامة من زخارف الفرسكو القديمة .
موقع الدير :-
يقع دير الشهداء على مسافة 5 كيلو متر جنوب غرب مدينة إسنا على مشارف الصحراء الغربية بنى الدير الحالى فى نفس مكان دير قديم يسمى دير أنبا اسحق وسمي بدير الشهداء لأنه نفس المكان الذى استشهد فيه معظم سكان إسنا من المسيحيين على يد جنود الرومان فى نهاية القرن الثالث الميلادي ويحمل هذا الدير أيضا اسم الأنبا امونيوس الشهيد أسقف مدينة إسنا وقت الاستشهاد .
أهم معالم الدير الأثرية : -
الدير بتخطيطه الحالى عبارة عن مساحة مستطيلة الشكل ( حوالى 50 متر وطول 40 متر ) يحيط بعمائره الداخلية سور مرتفع ويمكن تقسيم عمارة الدير الداخلية إلى الأتي : -
الكنيسة القديمة :-
ترجع مباني الكنيسة القديمة للقرن 11/12 م وهى مقسمة إلى ثلاث كنائس وتتميز بتعقيد تخطيطها وبقاء كمية كبيرة من زخارف الفرسكو القديمة على جدرانها وقبابها التى تعد من أهم الزخارف المائية الباقية من القرن 11/12 فى الكنائس المصرية تحوى جميع هذه الزخارف رسوم السيد المسيح جالسا على العرش يحي به الملائكة ورسوما للسيدة العذراء مريم وهى تحمل المسيح الطفل وحولهما ملكان ورسوما للقديس بطرس الرسول ، ورسوم الشهداء الفرسان اقلاديوس وتاودروس وبقطر .
الكنيسة الحديثة :-
ترجع مبانيها إلى النصف الأول من القرن العشرين وبها بعض الأيقونات القديمة.
المغطس :-
يرجع تاريخ المغطس الحالى إلى نفس تاريخ الكنيسة الحديث وقد بنى مكان مغطس قديم وبنفس أسلوب بنائه والمغطس عبارة عن حفرة فى الأرض اسطوانية الشكل كان يملأ بالماء ويغطس فيه المسيحيين أثناء احتفالهم بعيد الغطاس تذكارا لغطس السيد المسيح فى مياه الأردن وهى عادة قديمة ذكر فيها المقريزى فى القرن الخامس عشر الميلادي أن المصريون يغطسون فى مياه النيل فى هذا العيد .
الدير فى كتابة المؤرخين والرحالة والبعثات الأثرية :-
ذكر الدير الكثير فى كثير من كتابات المؤرخين والرحالة مثل المقريزى من القرن 15 م فانسب فى القرن 17 ونوردن فى القرن 18 وقلاديمردى بون فى القرن 19 وسومرز كلارك فى القرن 20 وقام المعهد الفرنسي للآثار الشرقية بدراسة الدير ونشر عنه فى مجلد خاص بأديرة إسنا فى القرن 20 م.
دير الأنبا متاؤس المعروف بدير الفاخورى :-
يعتبر دير الفاخورى من أهم الأديرة التى احتفظت بأجزائها المعمارية الأثرية .
يقع دير الفاخورى جنوب غرب مدينة إسنا بحوالى 18 كيلو متر ويرجع تاريخ انشاؤه إلى القرن الرابع الميلادي وهو أحد سلسلة أديرة الرهبان المنتشرة فى جنوب مصر التى تأسست على نظام القديس باخوميوس فى الرهبنة والذي يقضى بان يعيش الرهبان فى حياة مشتركة داخل الدير ، ينسب دير الفاخورى إلى القديس متاؤس الفاخورى رئيس الدير فى القرن الثامن الميلادي وهو الذى قام بتعمير الدير وأقام مبانيه ولقب بالفاخورى لأن صناعة الفخار كانت الحرفة الرئيسية للقديس متاؤس ولرهبان الدير والمعروف أن صناعة الفخار وهى أحد الحرف البيئية التى تشتهر بها محافظة قنا حتى الآن .
أهم معالم عمارة الدير الأثرية :-
أسوار الدير : بنيت أسوار الدير من الطوب اللبن سمكها حوالى واحد متر تقريبا وتم تدعيمها من الخارج بتحصينات قوية تمثلت فى دعائم ساندة وقد تهدمت معظم الأسوار الأصلية للدير .
الكنيسة المتهدمة :-
استخدم فى بناؤها الطوب اللبن والآجر وقد تهدمت ولم يبق منها إلا الجدار الشمالي .
كنيسة الدير الأثرية :-
يرجع تاريخها إلى القرن الثاني عشر الميلادي وبها رسوم فرسكو تعد من أهم المناظر المائية التى رسمت فى الكنائس المصرية طيور وأشكال هندسية وأشكال للصليب بديعة المناظر ومن الرسوم الباقية حتى الآن رسوم للسيد المسيح والتلاميذ الإثنى عشر ورسوم الأنبياء للعهد القديم ورسوم للقديس متؤس المنسوب إليه الدير .
حصن الدير :-
وهو أحد نماذج العمارة الدفاعية كان الرهبان يحتمون به عند هجوم الأعداء واللصوص عليهم والحصن مصمم بطريقة معمارية لا تمكن أى مهاجم من اختراقه وهى مجموعة من الحجرات لسكن الرهبان .
الدير فى كتابات المؤرخين والرحالة والبعثات الأثرية :-
ذكر الدير من المؤرخين والرحالة أبو المكارم فى القرن 12م والمقريزى فى القرن الخامس عشر الميلادى وفانسبت فى القرن 17م وتوردن فى القرن 18م وقام المعهد الفرنسي للآثار الشرقية بدراسة الدير والنشر عنه فى مجلد خاص .
كنيسة الأم دولاجى وأولادها الأربعة :-
وهى من الكنائس الأثرية بمدينة إسنا بعد 150 م تقريبا من نهر النيل تنسب هذه الكنيسة إلى الشهيدة الأم دولاجى وأولادها الأربعة صورص وهرمان وابانوفا وسنظاس الذين استشهدوا فى القرن الثالث الميلادي أثناء الاضطهاد الرومانى .
وقد تعمد جنود الرومان أن يقتلوا الأبناء على ركبتي الأم إمعانا فى تعذيبها وبعدهم قتلوا الأم، ثم بنيت هذه الكنيسة مكان منزل هؤلاء الشهداء فى القرن الرابع الميلادي وتجددت عدة مرات وأهم ما يميز هذه الكنيسة اثريا ً هو حجاب الهيكل وهو مصنوع من خشب معشق على شكل صلبان متداخلة .
مقبرة الثلاثة شهداء الفلاحين : -
(وهم صورص وانطوكيون ومشهورى)
هى مقبرة أثرية بمدينة إسنا تقع على بعد حوالي 30 متر من نهر النيل يوجد فيها أجساد الثلاثة فلاحين الشهداء الذين قتلهم الرومان بفؤسهم أثناء الاضطهاد الروماني في القرن الثالث عشر الميلادي وأهم المعالم الأثرية للمقبرة هي قبة المقبرة وهى تصميمها المعماري بطريقة فريدة فى شكلها تشتمل على أشكال زخرفية هندسية بديعة ترمز فى شكلها العام إلى السماء .
الكشوفات الأثرية عن أثار العصر القبطي فى مدينة إسنا :-
تولى وزارة الثقافة المصرية اهتماما خاصا للاكتشافات الأثرية بالتعاون مع الهيئات الدولية التي تعمل فى هذا المجال وقد تم الكشف عن بعض آثار العصر القبطي في مدينة إسنا وهى :
آثار كنيسة بجوار معبد إسنا :-
تم اكتشاف بقايا كنيسة أثرية فى الركن الشرقي القبلي من المساحة التى أمام معبد إسنا أثناء تنظيف هذه الساحة سنة 1987م ويرجع تاريخها إلى القرن السادس الميلادي وهى تشبه الكنائس التى حول معبد الأقصر .
دير الرومانية :-
توجد أثار هذا الدير بجوار قرية الدير على الجانب الشرقي من النيل على بعد 3 كم شمال إسنا ويرى من أثار هذا الدير بعض المباني وساقية قديمة .
مغارات الرهبان المتواجدين بالصحراء الغربية مدينة إسنا :-
ترجع هذه المغارات إلى العصر الأول للرهبان المتوحدين بمدينة إسنا وتقع غرب دير الفاخورى فى الصحراء الغربية غرب مدينة إسنا تم اكتشافها بالتعاون ما بين هيئة الآثار المصرية وبعثة المعهد الفرنسي للآثار الشرقية .
بقايا دير غرب قرية الطوايع :-
يقع هذا الدير غرب قرية الطوايع ويرى بمدينة إسنا منه أساسات الجدران بالآجر والطوب اللين ويشار إلى أن مساحته كانت شاسعة ، تم اكتشافه بالتعاون ما بين هيئة الآثار المصرية وبعثة المعهد الفرنسي للآثار الشرقية .