أَلاَ أُمُّ عَمْروٍ أَجْمَعَتْ فاسْتقَلَّتِ ... وما وَدَّعَتْ جِيرانَها إِذْ تَوَلَّتِ
وقد سَبَقَتْنَا أُمُّ عَمْروٍ بأَمرِها ... وكانت بأَعْناقِ المَطِيِّ أَظَلَّتِ
بِعَيْنَيَّ ما أَمْستْ فبَاتتْ فأَصبحت ... فقَضَّتْ أُمُوراً فاستقَلَّتْ فَوَلَّتِ
فَوَاكَبِدَا على أُميْمَةَ بَعْدَ ما ... طَمِعْتُ، فهَبْها نِعْمةَ العَيْشِ زَلَّتِ
فيَا جارَتِي وأَنتِ غيرُ مُلِيمَة ... إِذَا ذُكِرَتُ، ولاَ بِذَاتِ تَقَلَّتِ
لقد أَعْجَبَتْنِي لا سَقُوطاً قِناعُها ... إِذا ما مَشَتْ، ولا بِذَات تَلَفُّتِ
تَبِيتُ بُعيدَ النَّوْمِ تُهْدِي غَبُوقَها ... لِجارَتِها إِذَا الهَدِيّةُ قَلَّتِ
تَحُلُّ بِمِنْجَاةٍ مِن اللَّوْمِ بَيْتَها ... إِذا ما بُيُوتٌ بالمَذَمَّةِ حُلَّتِ
كأَنَّ لهَا في الأَرضِ نِسْياً تَقُصُّهُ ... على أَمِّها، وإِنْ تُكَلِّمْكَ تَبْلَتِ
أُميْمةُ لا يُخْزِي نَثَاهَا حَلِيلَها ... إِذا ذُكِرَ النِّسْوَانُ عَفَّتْ وجَلَّتِ
إِذا هُوَ أَمْسَى آبَ قُرَّةَ عَيْنِهِ ... مآبَ السَّعيدِ لم يَسَلْ أَيْنَ ظَلَّتِ
فَدَقَّتْ وجَلَّتْ واسْبَكَرَّتْ وأُكْمِلَتْ ... فَلْوْجُنَّ إِنسانٌ من الحُسْنِ جُنَّتِ
فَبِتْنا كأَنَّ البَيْتَ حُجِّرَ فَوْقَنَا ... برَيْحانِةٌ رِيحَتْ عِشاءً وطُلَّتِ
بِريْحانَةٍ مِن بَطْنِ حَلْيَةَ نَوَّرَتْ ... لهَا أَرَجٌ، ما حَوْلهَا غيرُ مُسْنِتِ
وبَاضِعَةٍ حُمْرِ القِسِيِّ بَعَثْتُها ... ومَنْ يَغْزُ يَغْنَمْ مَرَّةً ويُشَمَّتِ
خَرجْنا مِن الوَادِي الَّذِي بيْنَ مِشْعَلٍ... وبَيْنَ الجَبَا هَيْهاتَ أَنشَأْتُ سُرْبَتِي
أُمَشِّي على الأَرضِ التي لن تَضُرَّنِي ... لأَِنْكِيَ قوماً أَو أَصادِفَ حُمَّتِي
أُمَشِّي على أَيْنِ الغَزَاةِ وبُعْدها ... يُقَرِّبُنِي مِنها رَوَاحِي وغُدْوَتي
وأُمُّ عِيَالٍ قد شَهِدتُ تَقُوتُهُمْ ... إِذا أَطَعَمْتُهْمْ أَوتَحَتْ وأَقَلَّتِ
تَخافُ علينا العَيْلَ إِنْ هي أَكثرتْ ... ونحْنُ جِيَاعٌ، أَيَّ آلٍ تَأَلَّتِ
وما إِنَّ بها ضِنٌّ بما في وِعَائِها ... ولكنَّها مِن خِيفِةِ الجُوعِ أَبْقَتِ
مُصَعْلِكَةٍ لا يَقْصُرُ السِّتْرِ دُونَها ... ولاَ تُرْتَجَى للبَيْتِ إِن لم تُبَيِّتِ
لها وفْضةٌ فيها ثلاثونَ سَيْحَفاً ... إِذا آنَسَتْ أُولَى العَدِيّ أقْشَعَرَّتِ
وتأْتِي العَدِيَّ بارِزاً نِصْفُ سَاقِها ... تَجُولُ كَعَيْرِ العَانَةِ المُتَلَفِّتِ
إِذَا فَزِعُوا طارتْ بأَبيضَ صارِمٍ ... ورامَتْ بِما فِي جَفْرِها ثُمَّ سَلَّتِ
حُسامٍ كلَوْنِ المِلْح صافٍ حَديدُهُ ... جُزَارٍ كأَقطاعِ الغَدِيرِ المُنَعَّتِ
تَرَاها كأَذْنابِ الحَسِيلِ صَوَادِراً ... وقد نَهِلَتْ مِنَ الدِّمَاءِ وعَلَّتِ
قَتَلْنَا قَتِيلاً مُهْدِياً بِمُلَبِّدٍ ... جِمَارَ مِنىً وَسْطَ الحَجِيجِ المُصَوِّتِ
جَزَيْنا سَلاَمَانَ بنَ مُفْرِجَ قَرْضَها ... بما قَدَّمتْ أَيديهِمُ وأَزلَّتِ
وهُنِّيءَ بِي قومٌ وما إِنْ هَنأْتُهُمْ ... وأَصبحتُ في قومٍ وليْسوا بمُنْيَتي
شَفَيْنَا بِعَبْدِ اللهِ بَعْضَ غَلِيلِنَاوعَوْفٍ لَدَى المَعْدَى أَوَانَ اسْتَهَلَّتِ
إِذا ما أَتَتْنِي مِيتَتي لم أُبالِهَا ... ولم تُذْرِ خَالاتِي الدُّمُوعَ وعمَّتِي
ولو لم أَرْمِ في أَهْلِ َبْيِتِيَ قاعداً ... إِذَنْ جاءَنِي بينَ العمودَيْنِ حُمَّتِي
أَلاَ لا تَعُدْنِي إِنْ تَشَكَّيتُ، خُلَّتِي ... شَفَانِي بِأَعْلَى ذِى البُرَيْقَيْنِ غَدْوَتِي
وإِنِّي لَحُلْوٌ إِنْ أُرِيدَتْ حَلاَوَتِي ... ومُرُّ إِذا نَفْسُ العَزُوفِ اسْتَمرَّتِ
أَبِيٌّ لِمَا آبى سَرِيعٌ مَباءَتِي ... إِلى كلِّ نَفْسِ تَنْتَحِي في مَسَرَّتِي