دار الحبيب أحق أن تهواها*وتحن من طرب إلى ذكراها
وعلى الجفون إذا هممت بزورةٍ*يا ابن الكرام عليك أن تغشاها
فلأنت أنت إذا حللت بطيبةٍ*وظللت ترتع في ظلال رباها
مغنى الجمالِ من الخواطر والتي*سلبت قلوب العاشقين حلاها
لا تحسب المسك الذكي كتربها*هيهات أين المسك من رياها
طابت فإن تبغي لطيبٍ يا فتى*فأدم على الساعات لثم ثراها
وابشر ففي الخبر الصحيح تقرراً*إن الإله بطيبةٍ سماها
واختصها بالطيبين لطيبها*واختارها ودعا إلى سكناها
لا كالمدينة منزلٌ وكفى بها*شرفاً حلول محمد بفناها
خصت بهجرة خير من وطئ الثرى*وأجلهم قدراً وأعظم جاها
كل البلاد إذا ذكرن كأحرفٍ*في اسم المدينة لا خلا معناها
حاشا مسمّى القدس فهي قريبةً*منها ومكة إنها إياها
لا فرق إلا أن ثم لطيفةً*مهما بدت يجلو الظلام سناها
جزم الجميع بأن خير الأرض ما*قد حاز ذات المصطفى وحواها
ونعم لقد صدقوا بساكنها علت*كالنفس حين زكت زكا مأواها
وبهذه ظهرت مزية طيبة*فغدت وكل الفضل في معناها
حتى لقد خصت بهجرة حبه*الله شرفها به وحباها
ما بين قبر للنبي ومنبر*حيا الإله رسوله وسقاها
هذي محاسنها فهل من عاشق*كلف شجيٍّ ناحل بنواها
إني لأرهب من توقع بينها*فيظل قلبي موجعاً أواها
ولقلما أبصرت حال مودِّعٍ*إلا رثت نفسي له وشجاها
فلكم أراكم قافلين جماعةً*في إثر أخرى طالبين سواها
قسماً لقد أكسى فؤادي بينكم*جزعاً وفجر مقلتي مياها
إن كان يزعجكم طلاب فضيلةٍ*فالخير أجمعه لدى مثواها
أو خفتمو ضرابها فتأملوا*بركاتٍ بقعتها فما أزكاها
أف لمن يبغي الكثير لشهوةٍ*ورفاهة لم يدر ما عقباها
فالعيش ما يكفي وليس هو الذي*يطغي النفوس إلى خسيس مناها
يا رب أسأل منك فضل قناعة*بيسيرها وتحصناً بحماها
ورضاك عني دائماً ولزومها*حتى توافي مهجتي أخراها
فأنا الذي أعطيت نفسي سؤلها*فقبلت دعواها فيا بشراها
بجوار أو في العالمين بذمة*وأعز من بالقرب منه يباهى
من جاء بالآيات والنور الذي*داوى القلوبَ من العمى فشفاها
أولى الأنام بخطة الشرف التي*تدعى الوسيلة خير من يعطاها
إنسان عين الكون شرف جوده*يس وأكسير المحامد