منى الفخرانى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منى الفخرانى

روحانيات وتصوف اسلامى
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 باب تفسير الفهم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 798
تاريخ التسجيل : 30/03/2013

باب تفسير الفهم Empty
مُساهمةموضوع: باب تفسير الفهم   باب تفسير الفهم Emptyالإثنين سبتمبر 16, 2013 8:35 pm

باب تفسير الفهم

وقال الفهم من الفهيم يكون بثلاثة أشياء: أوّله: بفراغة القلب، والثاني: بالتضرّع بينه وبين الله حتى يفهمه، والثالث: بالمطارحة والمناظرة والمذاكرة مع من يفهم أمر الدارين، ولا يفهمه إلاَّ البصراء؛ حتى يكون فهماً. وشكل الفهم البصر، وضد الفهم الوهم، وللفهم ثلاث علامات: أولهما: أنه معصوم من التّهلُكة، لأن الفهم يحفظه، والثاني: لا يغضب لأنه يفهم أصل كلّ شيء، ويتفكر بفهمه في عاقبته، والثالث: لا يتعجب من أمر الله، لأنه يفهم أن الله قادر على أن يفعل كلّ شيء.

وثلاثة أشياء من فعال الفهم، أولهما: تفنن الكلام، لأنه يفهم في الدقائق، والثاني بصير بالحجة، والثالث: مشغول بأحكام أمر البدن.

( كتاب العقل والهوى - الحكيم الترمذيرأي المرأة بالرجل

ذكروا أن الأخطل «1» كانت عنده امرأة، وكان بها معجبا، قطلقها وتزوج بمطلقة رجل من بني تغلب، وكانت بالتغلبي معجبة، فبينا هي ذات يوم جالسة مع الأخطل، إذ ذكرت زوجها الأول، فتنفست الصعداء، ثم ذرفت دموعها، فعرف الأخطل ما بها، فذكر امرأته الأولى، وأنشأ يقول:

كلانا على وجدٍ يبيت كأنما ... بجنبيه من مس الفراش قروح

على زوجها الماضي تنوح وزوجها ... على الطلة الأولى كذاك ينوح

قال العتبي: كنت كثير التزوج، فمررت بامرأة فأعجبتني فأرسلت إليها: «ألك زوج» ؟ قالت: «لا» ، فصرت إليها، فوصفت لها نفسي، وعرفتها موضعي فقالت: «حسبك قد عرفناك» ، فقلت لها:

«زوجيني نفسك» ، فقالت: «نعم ولكن ههنا شيء تحتمله» ، قلت:

«وما هو» ؟ قالت: «بياض في مفرق رأسي» ، قال: فانصرفت، فصاحت بي: «ارجع» ، فرجعت إليها فأسفرت عن رأسها فنظرت إلى وجه حسن، وشعر أسود، فقالت: «إنا كرهنا منك، عافاك الله، ما كرهت منا» وأنشدت:

أرى شيب الرجال من الغواني ... بموضع شيبهن من الرّجال «1»

وعن عطاء بن مصعب قال: جاءت امرأة إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقالت: «يا أمير المؤمنين لا أنا ولا زوجي» ، فقال لها: «وما لك من زوجك» ؟ قالت: «مر بإحضاره» ، فأحضر، فإذا رجل قذر الثياب قد طال شعر جسده وأنفه ورأسه، فأمر عمر أن يؤخذ من شعره، ويدخل الحمام، ويكسى ثوبين أبيضين، ثم يؤتى به، ففعل ذلك، ودعا المرأة فلما رأت الزوج قالت: «الآن» ، فقال لها عمر: «اتقي الله، وأطيعي زوجك» ، قالت: «افعل يا أمير المؤمنين» . فلما ولت قال عمر: «تصنعوا للنساء فأنهن يحببن منكم ما تحبون منهن» . ويقال: «إن المرأة تحب أربعين سنة، وتقوى على كتمان ذلك، وتبغض يوماً واحداً، فيظهر ذلك بوجهها ولسانها، والرجل يبغض أربعين سنة فيقوى على كتمان ذلك، وإن أحب يوما واحداً شهدت جوارحه» .

( كتاب المحاسن والاضداد – الجاحظ

محاسن الدنيا [ومساوئها]

قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: «الدنيا دار صدق لمن صدقها، ودار عافية لمن لها عنها، ودار غنى لمن تزود منها، مسجد أنبياء الله، ومهبط وحيه، ومصلى ملائكته، ومتجر أوليائه يكسبون فيها الرحمة، ويربحون فيها الجنة، فمن ذا يذمها؟ وقد آذنت ببنيها، ونادت بفراقها، ونعت نفسها، وشوقت بسرورها إلى السرور، وببلائها إلى البلاء تخويفاً وتحذيراً، وترغيباً وترهيباً. فيا أيها الذام للدنيا والمفتتن بغرورها متى غرتك: أبمصارع آبائك من البلى، أم بمضاجع أمهاتك تحت الثرى؟ كم عللت بكفيك، وكم مرضت بيديك؟ تبتغي لهم الشفاء، وتستوصف لهم الأطباء، وتلتمس لهم الدواء؟ لم تنفعهم بطلبتك، ولم تشفعهم بشفاعتك، ولم تستشفهم باستشفائك بطبك. مثلت بهم الدنيا مصرعك ومضجعك، حيث لا ينفعك بطاؤك، ولا يغني عنك أحباؤك» .

ثم التفت إلى قبور هناك، فقال: «يا أهل الثراء والعز، الأزواج قد نكحت، والأموال قد قسمت، والدور قد سكنت. هذا خير ما عندنا، فما خير ما عندكم» ؟ ثم قال لمن حضر: «والله، لو أذن لهم لأجابوا بأن خير الزاد التقوى» . وأنشد:

ما أحسن الدنيا وإقبالها ... إذا أطاع الله من نالها

من لم يواس من فضلها ... عرض للإدبار إقبالها

قال أبو حازم «1» : «الدنيا طالبة ومطلوبة. طالب الدنيا يطلبه الموت حتى يخرجه منها، وطالب الآخرة تطلبه الدنيا حتى توفيه رزقه» .

وقال الحسن البصري: «بينا أنا أطوف بالبيت، إذا أنا بعجوز متعبدة، فقلت:

«من أنت» ؟ فقالت: «من بنات ملوك غسان» ، قلت: «فمن أين طعامك» ؟ قالت: «إذا كان آخر النهار، جاءتني امرأة متزينة، فتضع بين يدي كوزاً من ماء، ورغيفين، قلت لها: «أتعرفينها» ؟ قالت: «اللهم لا» . قلت: «هي الدنيا خدمت ربك، جل ذكره، فبعث إليك الدنيا فخدمتك» .

وضده، زعموا أن زياد أبن أبيه مر بالجدة، فنظر إلى دير هناك، فقال لخادمه: «لمن هذا» ؟ قيل له: «هذا دير حرقة بنت النعمان بن المنذر» ، فقال: «ميلوا بنا إليه نسمع كلامها» ، فجاءت إلى وراء الباب فكلمها الخادم فقال لها: «كلمي الأمير» ، فقالت: «أأوجز أم أطيل» ؟ قال: «بل أوجزي» ، قالت: «كنا أهل بيت طلعت الشمس علينا وما على الأرض أحد أعز منا، وما غابت تلك الشمس حتى رحمنا عدونا» ، قال: فأمر لها بأوساق من شعير، فقالت: «أطعمتك يد شبعاء جاعت، ولا أطعمتك يد جوعاء شبعت» ، فسر زياد بكلامها، فقال لشاعر معه: قيد هذا الكلام ليدرس، فقال:

سل الخير أهل الخير قدماً ولا تسل ... فتىً ذاق طعم الخير منذ قريب

ويقال: إن فروة بن إياس بن قبيصة انتهى إلى دير حرقة بنت النعمان، فألفاها وهي تبكي، فقال لها: «ما يبكيك» ؟ قالت: «ما من دار امتلأت سرورا إلّا امتلأت بعد ذلك تبوراً» ، ثم قالت:

فبينا نسوس الناس والأمر أمرنا ... إذا نحن فيهم سوقة نتنصف

فأف لدنيا لا يدوم نعيمها ... تقلب تارات بنا وتصرف

قال: وقالت حرقة بنت النعمان «2» لسعد بن أبي وقاص: «لا جعل الله لك إلى لئيم حاجة، ولا زالت لكريم إليك حاجة، وعقد لك المنن في أعناق الكرام، ولا أزال بك عن كريم نعمة، ولا أزالها بغيرك إلا جعلك سبباً لردها عليه» .

قال: وقال عبد الله بن مروان لسلم بن يزيد الفهمي: «أي الزمان أدركت أفضل وأي ملوكه أكمل» ؟ قال: «أما الملوك فلم أر إلّا ذاماً وحامداً، وأما الزمان فرفع أقواماً ووضع آخرين، وكلهم يذم زمانه لأنه يبلي جديدهم ويهرم صغيرهم، وكل ما فيه منقطع إلا الأمل» ، قال: «فأخبرني عن فهم» ، قال: هم كما قال الشاعر:

درج الليل والنهار على فه م بن عمرو فأصبحوا كالرميم

وخلت دارهم فأضحت قفاراً ... بعد عز وثروة ونعيم

وكذاك الزمان يذهب بالنا ... س وتبقى ديارهم كالرسوم

قال: فمن يقول منكم:

رأيت الناس مذ خلقوا وكانوا ... يحبون الغني من الرجال

وإن كان الغني أقل خيراً ... بخيلاً بالقليل من النوال

فلا أدري علام وفيم هذا ... وماذا يرتجون من المحال

أللدنيا فليس هناك دنيا ... ولا يرجى لحادثة الليالي

قال: أنا، وقد كتمتها. قال: ولما دخل علي صلوات الله عليه المدائن فنظر إلى إيوان كسرى أنشد بعض من حضره قول الأسود بن يعفر «1» :

ماذا يؤمل بعد آل محرق ... تركوا منازلهم وبعد إياد «2»

أهل الخورنق والسدير وبارق ... والقصر ذي الشرفات من سنداد

نزلوا بأنقرة يسيل عليهم ... ماء الفرات يجيء من أطواد

أرض تخيرها لطيب نسيمها ... كعب بن مامة وابن أم دواد

جرت الرياح على محل ديارهم ... فكأنما كانوا على ميعاد

فإذا النعيم وكل ما يلهى به ... يوماً يصير إلى بلىً ونفاد

وقال علي صلوات الله عليه: «أبلغ من ذلك قول الله تعالى: «كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين كذلك، وأورثناها قوماً آخرين، فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين» .

وقال عبد الله بن المعتز: «أهل الدنيا كركب، يسار بهم، وهم نيام» . وقال غيره: «طلاق الدنيا مهر الجنة» ، وذكروا أن إعرابياً ذكر الدنيا، فقال: «هي جمة المصائب، رنقة المشارب» . وقال آخر: «الدنيا لا تمتعك بصاحب» . قال أبو الدرداء: «من هوان الدنيا على الله تعالى إنه لا يعصى إلا فيها، ولا ينال ما عنده إلا بتركها» . وقال: «إذا أقبلت الدنيا على امرىء أعارته محاسن غيره، وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه» .

وقال الشاعر:

أيا دنيا حسرت لنا قناعاً ... وكان جمال وجهك في النقاب

ديار طالما حجبت وعزت ... فأصبح إذنها سهل الحجاب

وقد كانت لنا الأيام ذلت ... فقد قرنت بأيام صعاب

كأن العيش فيها كان ظلاً ... يقلبه الزمان إلى ذهاب

قال الأصمعي: وجد في دار سليمان بن داود، عليه السلام، على قبته مكتوباً:

ومن يحمد الدنيا لشيء يسره ... فسوف لعمري عن قريب يلومها

إذا أدبرت كانت على المرء حسرةً ... وإن أقبلت كانت كثيراً همومها

وكان إبراهيم بن أدهم «1» ينشد:

نرقع دنيانا بتمزيق ديننا ... فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع

وقال أبو العتاهية:

يا من ترفع بالدنيا وزينتها ... ليس الترفع رفع الطين بالطين

إذا أردت شريف القوم كلهم ... فأنظر إلى ملك في زي مسكين

ذاك الّذي عظمت في النّاس همّته ... وذاك يصلح للدنيا وللدين

وقال آخر:

هب الدنيا تساق إليك عفواً ... أليس مصير ذاك إلى زوال

وقال محمود الوراق «1» :

هي الدنيا فلا يغررك منها ... مخائل تستفز ذوي العقول

أقل قليلها يكفيك منها ... ولكن لست تقنع بالقليل

تشيد وتبتني في كل يوم ... وأنت على التجهز للرحيل

ومن هذا على الأيام تبقى ... مضاربه بمدرجة السيول

وقال آخر:

دنيا تداولها العباد ذميمة ... شيبت بأكره من نقيع الحنظل

وثبات دنيا ما تزال ملمةً ... منها فجائع مثل وقع الجندل

وقال آخر:

حتى متى أنت في دنياك مشتغل ... وعامل الله بالرحمن مشغول

وقال أبو نواس الحسن بن هانيء:

دع الحرص على الدنيا ... وفي العيش فلا تطمع

ولا تجمع لك المال ... فما تدري لمن تجمع

ولا تدري أفي أرض ... ك أم في غيرها تصرع؟

قال الأصمعي: سمعت أبا عمرو بن العلاء وهو يقول: بينا أنا أدور في بعض البراري، إذا أنا بصوت:

وإن امرأ دنياه أكثر همه ... لمستمسك منها بحبل غرور

فقلت: «أإنسي أم جني؟» ، فلم يجبني، فنقشته على خاتمي.

قال: وسمع يحيى بن خالد بيت العدوي في وصفه الدنيا:

حتوفها رصد، وعيشها نكد ... وشربها رنق، وملكها دول

فقال: «لقد نظن في هذا البيت صفة الدنيا» قال: وسمع المأمون بيت أبي نواس:

إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت ... له عن عدو في ثياب صديق

فقال: «لو سئلت الدنيا عن نفسها ما وصفت نفسها كصفة أبي نواس» . وقيل للحسن البصري: «ما تقول في الدنيا» ؟ قال: «ما أقول في دار، حلالها حساب، وحرامها عقاب» ، فقيل: «ما سمعنا كلاماً أوجز من هذا» . قال: «بلى، كلام عمر بن عبد العزيز، كتب إليه عدي بن أرطأة: «ولهي على حمص، قد تهدمت واحتاجت إلى صلاح حيطانها» ، فكتب إليه: «حصنها بالعدل ونق طرقها من الظلم، والسلام» .

( كتاب المحاسن والأضداد - الجاحظ )



تفسير الصواب وضده الخطأ

تفسير الصواب

والصواب من المصيب يكون بثلاثة أشياء: أحدها: أن يكون علمه بالحجة، حتى يكون قوله بالصواب، والثاني: يخرج العيوب من نفسه حتى تكون أعضاؤه بالصواب، والثالث: يخرج الآفة من قلبه حتى يكون قلبه بالصواب.

فشكل الصواب الحق، وضده الخطأ، والخطأ والباطل شكل، وللمصيب ثلاثة علامات: أولها: أن لا يحب المداهنة لأن المداهن لا يقدر على الصواب، والثاني: لا يحب الخصومة والجدال لأن فيه نقصان الرجل وعداوته، والثالث: يحب العاقبة لأن فيها سلامة لأمر دينه.

وثلاثة أشياء من فعال المصيب: أولها: أن لا يكتم الشهادة لمن أحسن إليه، أو أساء إليه، أو مدحه، أو ذمه، لأن قيامه على الصواب يكثر، والثاني: أن يكون موفياً بالعهود، والثالث: أن يكون مؤدياً للأمانة لأنه قد أصاب طريق الصواب.

ولا يصيب الرجل الصواب حتى يخرج من قلبه الآفة، ومن نفسه العيوب كلها، فنعم الباب القيام بالصواب، فطوبى لمن وفقه الله للصواب، والقيام به، لأن له به العزّ والسرور وراحة البدن والأمن له من عقوبات الله وملامته، وعقوبات الناس وملامتهم له بذلك، لأن المصيب أمين، مسرور، مكرم، مدّاح، عزيز، والمخطئ: خائف، مهان، متعب، ذليل. تفسير الإخلاص وضده الرياء

تفسير الإخلاص

فالإخلاص من المخلص يكون بسبعة أشياء:

أحدها: بالتوكل على الله، والثاني: بالتفويض إلى الله، والثالث: بألاّ يأس عن المخلوقين، والرابع: بتذكرة ضعف الخلق وقلة حيلتهم، والخامس: بتذكرة العزّ والذي والرفعة والوضع من الله لا من المخلوقين، لقول الله تعالى: (قل اللهم مالك الملك) والسادس: بتذكرة جزاء الأعمال بعد الموت عند الميزان والجنة، والسابع: بتذكرة وسوسة الشيطان إياه الرياء والثناء والمحمدة بألاّ يقبل ذلك منه.

فشكل الإخلاص الاستقامة على ذلك العمل، وضده الرياء، وللمخلص ثلاث علامات: أولها: أن يخاف من المحمدة لأنه يبطل عمله، ويعطل عمره في تلك الأعمال، ولا يرجو الثواب إلاّ من الله، والثاني: لا يخاف ملامة اللائمين، لأن من خاف من ملامة الناس ترك كثيراً مما كان لله فيه رضا ويكون خوفهم ملامة الله، والثالث: لا يحب المعذرة لأن صاحب المعذرة لا يكون مخلصاً.

وثلاثة أشياء من فعال المخلص: أولها: أن يتكلم بالحق، وإن كان مراً ولا يبالي ممن يكون، والثاني: أن يعمل بالحق ولا يتركه مخافة الناس وإن لم يكن له عون لأن الله تعالى يعينه في طاعته، والثالث: إذا أراد أن يعمل من مخافة الله فلا يدع شيئاً من مخافة الناس، فإن مخافة الله تمنع قلبه من مخافة الناس، ولا يكون الرجل مخلصاً حتى يجتهد في هاتين الخصلتين، أولها: أن يجتهد حتى يكرمه الله بالأمن وقد يكفل الله له من مصلحة نفسه. والثاني: أن يكون ذاكراً لضعف الناس إنهم لا يقدرون أن يصنعوا به شيئاً غير الذي قدره الله له فاخلص العمل لله، فنعم الباب الإخلاص، فطوبى لمن رزقه الله ووفقه للإخلاص.

( كتاب العقل والهوى - الحكيم الترمذي )



فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَفْعِ ضَرَرِ الْأَغْذِيَةِ وَالْفَاكِهَةِ وَإِصْلَاحِهَا بِمَا يَدْفَعُ ضَرَرَهَا، وَيُقَوِّي نَفْعَهَا

ثَبَتَ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جعفر، قَالَ: رأيت رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ الرُّطَبَ بِالْقِثَّاءِ «1» .

وَالرُّطَبُ: حَارٌّ رَطْبٌ فِي الثَّانِيَةِ، يُقَوِّي الْمَعِدَةَ الْبَارِدَةَ، وَيُوَافِقُهَا، وَيَزِيدُ فِي الْبَاهِ، وَلَكِنَّهُ سَرِيعُ التَّعَفُّنِ، مُعَطِّشٌ مُعَكِّرٌ لِلدَّمِ، مُصَدِّعٌ مُوَلِّدٌ لِلسَّدَدِ، وَوَجَعِ الْمَثَانَةِ، وَمُضِرٌّ بِالْأَسْنَانِ، وَالْقِثَّاءُ بَارِدٌ رَطْبٌ فِي الثَّانِيَةِ، مُسَكِّنٌ لِلْعَطَشِ، مُنْعِشٌ لِلْقُوَى بِشَمِّهِ لما فيه من العطرية، مطفىء لِحَرَارَةِ الْمَعِدَةِ الْمُلْتَهِبَةِ، وَإِذَا جُفِّفَ بِزْرُهُ، وَدُقَّ وَاسْتُحْلِبَ بِالْمَاءِ، وَشُرِبَ، سَكَّنَ الْعَطَشَ، وَأَدَرَّ الْبَوْلَ، وَنَفَعَ مِنْ وَجَعِ الْمَثَانَةِ. وَإِذَا دُقَّ وَنُخِلَ، وَدُلِكَ بِهِ الْأَسْنَانُ، جَلَاهَا، وَإِذَا دُقَّ وَرَقُهُ وَعُمِلَ مِنْهُ ضِمَادٌ مَعَ الْمَيْبَخْتَجِ، نَفَعَ مِنْ عَضَّةِ الْكَلْبِ الْكَلِبِ.

وَبِالْجُمْلَةِ: فَهَذَا حَارٌّ، وَهَذَا بَارِدٌ، وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا صَلَاحُ الْآخَرِ، وَإِزَالَةٌ لأكثر ضَرَرِهِ، وَمُقَاوَمَةُ كُلِّ كَيْفِيَّةٍ بِضِدِّهَا، وَدَفْعِ سُورَتِهَا بِالْأُخْرَى، وَهَذَا أَصْلُ الْعِلَاجِ كُلِّهِ، وَهُوَ أَصْلٌ فِي حِفْظِ الصِّحَّةِ، بَلْ عِلْمُ الطِّبِّ كُلُّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا. وَفِي اسْتِعْمَالِ ذَلِكَ وَأَمْثَالِهِ فِي الْأَغْذِيَةِ وَالْأَدْوِيَةِ إِصْلَاحٌ لَهَا وَتَعْدِيلٌ، وَدَفْعٌ لِمَا فِيهَا مِنَ الْكَيْفِيَّاتِ الْمُضِرَّةِ لِمَا يُقَابِلُهَا، وَفِي ذَلِكَ عَوْنٌ عَلَى صِحَّةِ الْبَدَنِ، وَقُوَّتِهِ وَخَصْبِهِ، قَالَتْ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: سَمَّنُونِي بِكُلِّ شَيْءٍ، فَلَمْ أَسْمَنْ، فَسَمَّنُونِي بِالْقِثَّاءِ وَالرُّطَبِ، فَسَمِنْتُ.

وَبِالْجُمْلَةِ: فَدَفْعُ ضَرَرِ الْبَارِدِ بِالْحَارِّ، وَالْحَارِّ بِالْبَارِدِ، وَالرُّطَبِ بِالْيَابِسِ، وَالْيَابِسِ بِالرُّطَبِ، وَتَعْدِيلُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مِنْ أَبْلَغِ أَنْوَاعِ الْعِلَاجَاتِ، وَحِفْظِ الصِّحَّةِ، وَنَظِيرُ هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَمْرِهِ بِالسَّنَا والسنوات، وَهُوَ الْعَسَلُ الَّذِي فِيهِ شَيْءٌ مِنَ السَّمْنِ يَصْلُحُ بِهِ السَّنَا، وَيُعْدِلُهُ، فَصَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَى مَنْ بُعِثَ بِعِمَارَةِ الْقُلُوبِ وَالْأَبْدَانِ، وَبِمَصَالِحِ الدنيا والآخرة. فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَفْعِ ضَرَرِ الْأَغْذِيَةِ وَالْفَاكِهَةِ وَإِصْلَاحِهَا بِمَا يَدْفَعُ ضَرَرَهَا، وَيُقَوِّي نَفْعَهَا

ثَبَتَ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جعفر، قَالَ: رأيت رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ الرُّطَبَ بِالْقِثَّاءِ «1» .

وَالرُّطَبُ: حَارٌّ رَطْبٌ فِي الثَّانِيَةِ، يُقَوِّي الْمَعِدَةَ الْبَارِدَةَ، وَيُوَافِقُهَا، وَيَزِيدُ فِي الْبَاهِ، وَلَكِنَّهُ سَرِيعُ التَّعَفُّنِ، مُعَطِّشٌ مُعَكِّرٌ لِلدَّمِ، مُصَدِّعٌ مُوَلِّدٌ لِلسَّدَدِ، وَوَجَعِ الْمَثَانَةِ، وَمُضِرٌّ بِالْأَسْنَانِ، وَالْقِثَّاءُ بَارِدٌ رَطْبٌ فِي الثَّانِيَةِ، مُسَكِّنٌ لِلْعَطَشِ، مُنْعِشٌ لِلْقُوَى بِشَمِّهِ لما فيه من العطرية، مطفىء لِحَرَارَةِ الْمَعِدَةِ الْمُلْتَهِبَةِ، وَإِذَا جُفِّفَ بِزْرُهُ، وَدُقَّ وَاسْتُحْلِبَ بِالْمَاءِ، وَشُرِبَ، سَكَّنَ الْعَطَشَ، وَأَدَرَّ الْبَوْلَ، وَنَفَعَ مِنْ وَجَعِ الْمَثَانَةِ. وَإِذَا دُقَّ وَنُخِلَ، وَدُلِكَ بِهِ الْأَسْنَانُ، جَلَاهَا، وَإِذَا دُقَّ وَرَقُهُ وَعُمِلَ مِنْهُ ضِمَادٌ مَعَ الْمَيْبَخْتَجِ، نَفَعَ مِنْ عَضَّةِ الْكَلْبِ الْكَلِبِ.

وَبِالْجُمْلَةِ: فَهَذَا حَارٌّ، وَهَذَا بَارِدٌ، وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا صَلَاحُ الْآخَرِ، وَإِزَالَةٌ لأكثر ضَرَرِهِ، وَمُقَاوَمَةُ كُلِّ كَيْفِيَّةٍ بِضِدِّهَا، وَدَفْعِ سُورَتِهَا بِالْأُخْرَى، وَهَذَا أَصْلُ الْعِلَاجِ كُلِّهِ، وَهُوَ أَصْلٌ فِي حِفْظِ الصِّحَّةِ، بَلْ عِلْمُ الطِّبِّ كُلُّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا. وَفِي اسْتِعْمَالِ ذَلِكَ وَأَمْثَالِهِ فِي الْأَغْذِيَةِ وَالْأَدْوِيَةِ إِصْلَاحٌ لَهَا وَتَعْدِيلٌ، وَدَفْعٌ لِمَا فِيهَا مِنَ الْكَيْفِيَّاتِ الْمُضِرَّةِ لِمَا يُقَابِلُهَا، وَفِي ذَلِكَ عَوْنٌ عَلَى صِحَّةِ الْبَدَنِ، وَقُوَّتِهِ وَخَصْبِهِ، قَالَتْ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: سَمَّنُونِي بِكُلِّ شَيْءٍ، فَلَمْ أَسْمَنْ، فَسَمَّنُونِي بِالْقِثَّاءِ وَالرُّطَبِ، فَسَمِنْتُ.

وَبِالْجُمْلَةِ: فَدَفْعُ ضَرَرِ الْبَارِدِ بِالْحَارِّ، وَالْحَارِّ بِالْبَارِدِ، وَالرُّطَبِ بِالْيَابِسِ، وَالْيَابِسِ بِالرُّطَبِ، وَتَعْدِيلُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مِنْ أَبْلَغِ أَنْوَاعِ الْعِلَاجَاتِ، وَحِفْظِ الصِّحَّةِ، وَنَظِيرُ هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَمْرِهِ بِالسَّنَا والسنوات، وَهُوَ الْعَسَلُ الَّذِي فِيهِ شَيْءٌ مِنَ السَّمْنِ يَصْلُحُ بِهِ السَّنَا، وَيُعْدِلُهُ، فَصَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَى مَنْ بُعِثَ بِعِمَارَةِ الْقُلُوبِ وَالْأَبْدَانِ، وَبِمَصَالِحِ الدنيا والآخرة.







فِي الْأَركان)

(وَهُوَ فصل وَاحِد)

الْأَركان هِيَ أجسام مَا بسيطة هِيَ أَجزَاء أولية لبدن الْإِنْسَان وَغَيره وَهِي الَّتِي لَا يُمكن أَن تَنْقَسِم إِلَى أَجزَاء مُخْتَلفَة بالصورة وَهِي الَّتِي تَنْقَسِم المركبات إِلَيْهَا وَيحدث بامتزاجها الْأَنْوَاع الْمُخْتَلفَة الصُّور من الكائنات فليتسلم الطَّبِيب من الطبيعي أَنَّهَا أَرْبَعَة لَا غير اثْنَان مِنْهَا خفيفان وإثنان ثقيلان

فالخفيفان: النَّار والهواء

والثقيلان: المَاء وَالْأَرْض

وَالْأَرْض جرم بسيط مَوْضِعه الطبيعي هُوَ وسط الْكل يكون فِيهِ بالطبع سَاكِنا ويتحرك إِلَيْهِ بالطبع إِن كَانَ مباينا وَذَلِكَ ثقله الْمُطلق وَهُوَ بَارِد يأبس فِي طبعه أَي طبعه طبع إِذا خلى وَمَا يُوجِبهُ وَلم يُغَيِّرهُ سَبَب من خَارج ظهر عَنهُ برد محسوس ويبس. ووجوده فِي الكائنات وجود مُفِيد للاستمساك والثبات وَحفظ الأشكال والهيآت.

وَأما المَاء فَهُوَ جرم بسيط مَوْضِعه الطبيعي أَن يكون شَامِلًا للْأَرْض مشمولا للهواء إِذا كَانَا على وضعيهما الطبيعيين وَهُوَ ثقله الإضافي وَهُوَ بَارِد رطب أَي ظبعه طبع إِذا خلى وَمَا يُوجِبهُ وَلم يُعَارضهُ سَبَب من خَارج ظهر فِيهِ برد محسوس وَحَالَة هِيَ رُطُوبَة وَهِي كَونه فِي جبلته بِحَيْثُ يُجيب بِأَدْنَى سَبَب إِلَى أَن يتفرق ويتحد وَيقبل أَي شكل كَانَ ثمَّ لَا يحفظه ووجوده فِي الكائنات لتسلس الهيئات الَّتِي يُرَاد فِي أَجْزَائِهَا التشكيل والتخطيط وَالتَّعْدِيل فَإِن الرطب وَإِن كَانَ سهل التّرْك للهيئات الشكلية فَهُوَ سهل الْقبُول لَهَا كَمَا أَن الْيَابِس وَإِن كَانَ عسر الْقبُول للهيئات الشكلية فَهُوَ عسر التّرْك لَهَا وَمهما تخمر الْيَابِس بالرطب اسْتَفَادَ الْيَابِس من الرطب قبولا للتمديد والتشكيل سهلا واستفاد الرطب من الْيَابِس حفظا لما حدث فِيهِ من التَّقْوِيم وَالتَّعْدِيل قَوِيا وَاجْتمعَ الْيَابِس بالرطب عَن تشتته واستمسك الرطب باليابس عَن سيلانه

وَأما الْهَوَاء فَإِنَّهُ جرم بسيط مَوْضِعه الطبيعي فَوق المَاء وَتَحْت النَّار وَهَذَا خفته الإضافية وطبعه حَار رطب على قِيَاس مَا قُلْنَا ووجوده فِي الكائنات لتتخلخل وتلطف وتخف وتستقل.

وَأما النَّار فَهُوَ جرم بسيط مَوْضِعه الطبيعي فَوق الأجرام العنصرية كلهَا ومكانه الطبيعي هُوَ السَّطْح المقعر من الْفلك الَّذِي يَنْتَهِي عِنْده الْكَوْن وَالْفساد وَذَلِكَ خفته الْمُطلقَة وطبعه حَار يَابِس ووجوده فِي الكائنات لينضج ويلطف ويمتزج وَيجْرِي فِيهَا بتنفيذه الْجَوْهَر الهوائي

( القانون في الطب - ابن سينا )




فِي الْأَركان)

(وَهُوَ فصل وَاحِد)

الْأَركان هِيَ أجسام مَا بسيطة هِيَ أَجزَاء أولية لبدن الْإِنْسَان وَغَيره وَهِي الَّتِي لَا يُمكن أَن تَنْقَسِم إِلَى أَجزَاء مُخْتَلفَة بالصورة وَهِي الَّتِي تَنْقَسِم المركبات إِلَيْهَا وَيحدث بامتزاجها الْأَنْوَاع الْمُخْتَلفَة الصُّور من الكائنات فليتسلم الطَّبِيب من الطبيعي أَنَّهَا أَرْبَعَة لَا غير اثْنَان مِنْهَا خفيفان وإثنان ثقيلان

فالخفيفان: النَّار والهواء

والثقيلان: المَاء وَالْأَرْض

وَالْأَرْض جرم بسيط مَوْضِعه الطبيعي هُوَ وسط الْكل يكون فِيهِ بالطبع سَاكِنا ويتحرك إِلَيْهِ بالطبع إِن كَانَ مباينا وَذَلِكَ ثقله الْمُطلق وَهُوَ بَارِد يأبس فِي طبعه أَي طبعه طبع إِذا خلى وَمَا يُوجِبهُ وَلم يُغَيِّرهُ سَبَب من خَارج ظهر عَنهُ برد محسوس ويبس. ووجوده فِي الكائنات وجود مُفِيد للاستمساك والثبات وَحفظ الأشكال والهيآت.

وَأما المَاء فَهُوَ جرم بسيط مَوْضِعه الطبيعي أَن يكون شَامِلًا للْأَرْض مشمولا للهواء إِذا كَانَا على وضعيهما الطبيعيين وَهُوَ ثقله الإضافي وَهُوَ بَارِد رطب أَي ظبعه طبع إِذا خلى وَمَا يُوجِبهُ وَلم يُعَارضهُ سَبَب من خَارج ظهر فِيهِ برد محسوس وَحَالَة هِيَ رُطُوبَة وَهِي كَونه فِي جبلته بِحَيْثُ يُجيب بِأَدْنَى سَبَب إِلَى أَن يتفرق ويتحد وَيقبل أَي شكل كَانَ ثمَّ لَا يحفظه ووجوده فِي الكائنات لتسلس الهيئات الَّتِي يُرَاد فِي أَجْزَائِهَا التشكيل والتخطيط وَالتَّعْدِيل فَإِن الرطب وَإِن كَانَ سهل التّرْك للهيئات الشكلية فَهُوَ سهل الْقبُول لَهَا كَمَا أَن الْيَابِس وَإِن كَانَ عسر الْقبُول للهيئات الشكلية فَهُوَ عسر التّرْك لَهَا وَمهما تخمر الْيَابِس بالرطب اسْتَفَادَ الْيَابِس من الرطب قبولا للتمديد والتشكيل سهلا واستفاد الرطب من الْيَابِس حفظا لما حدث فِيهِ من التَّقْوِيم وَالتَّعْدِيل قَوِيا وَاجْتمعَ الْيَابِس بالرطب عَن تشتته واستمسك الرطب باليابس عَن سيلانه

وَأما الْهَوَاء فَإِنَّهُ جرم بسيط مَوْضِعه الطبيعي فَوق المَاء وَتَحْت النَّار وَهَذَا خفته الإضافية وطبعه حَار رطب على قِيَاس مَا قُلْنَا ووجوده فِي الكائنات لتتخلخل وتلطف وتخف وتستقل.

وَأما النَّار فَهُوَ جرم بسيط مَوْضِعه الطبيعي فَوق الأجرام العنصرية كلهَا ومكانه الطبيعي هُوَ السَّطْح المقعر من الْفلك الَّذِي يَنْتَهِي عِنْده الْكَوْن وَالْفساد وَذَلِكَ خفته الْمُطلقَة وطبعه حَار يَابِس ووجوده فِي الكائنات لينضج ويلطف ويمتزج وَيجْرِي فِيهَا بتنفيذه الْجَوْهَر الهوائي

( القانون في الطب - ابن سينا )

قال الأصمعي: أتيت البادية، فإذا أعرابيّ قد زرع برّاً، فلمّا استوى وقام على سنبله، مرّ به رجلٌ من جرادٍ، وتضيّفوا به، فجعل الأعرابي ينظر إليه ولا حيلة له، فأنشأ يقول:

(مر الجراد على زرعي فقلت له ... ألمم بخيرٍ ولا تلمم بإفساد)

(فقال منهم عظيمٌ فوق سنبلةٍ ... إنّا على على سفرٍ لا بد من زاد)
-------

-قال عيسى بن عمر: ولي أعرابيٌ البحرين، فجمع يهودها، فقال: ما تقولون في عيسى بن مريم؟ قالوا: نحن قتلناه وصلبناه؛ قال: فوالله لا تخرجون حتى تؤدوا ديته؛ فأخذها منهم.

------

- وولي أعرابيٌّ تبالة، فصعد المنبر، فقال: إنّ الأمير ولاّني بلدكم، وإني والله ما أعرف من الحق موضع سوطي، ولا أوتى بظالم ولا مظلومٍ إلا أوجعتهما ضرباً، فكانوا يتعاطون الحق بينهم ولا يترافعون إليه.

------

قال نصرٌ بن سيار: قلت لأعرابي: هل أتخمت قط؟ فقال: أمّا من طعامك وطعام أبيك فلا. فيقال: إن نصراً حم من هذا الجواب أياّماً.

( أخبار الظراف والمتماجنين - ابن الجوزي )
عتاب المرء نفسه

عاتبت نفسي وقلت الشيب أنذرني ... وأنت يا نفس عنه اليوم في صمم

عتاب المرء نفسه، هو توبيخ النفس على حالة منها غير مرضية.

قال الشيخ صفي الدين الحلي في شرح بديعيته: هذا النوع أدخله ابن المعتز في البديع، وليس في شيء منه، بل هو حكاية واقعة، ولم يمكني أن أحل بذكره.

وهو كقول المتنبي:

وأنا الذي اجتلب المنية طرفه ... فمن المطالب والقتيل القاتل

انتهى. ومن أمثلته في القرآن العظيم، قوله تعالى: (يوم يعضُّ الظالم على يديه يقول يا ليتني - الآيات -) . وقوله تعالى: (أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله. الآيات) .

ولم يورد ابن المعتز في هذا النوع غير بيتين ذكر أن الأسدي أنشدهما عن الجاحظ وهما:

عصاني قومي في الرشاد الذي به ... أمرت ومن يعص المجرب يندم

فصبرا بني بكر على الموت أنني ... أرى عارضا ينهل بالموت والدم

قال ابن أبي الإصبع - ونعم ما قال -: لم أر في هذين البيتين ما يدل على عتاب المرء نفسه، إلا أن هذا الشاعر لما أمر بالرشاد وبذل النصح، لم يطع على بذل النصيحة لغير أهلها؛ ويلزم من ذلك عتابه لنفسه؛ فتكون دلالة البيتين على عتابه لنفسه دلالة التزامية؛ لا دلالة مطابقة.

فلا يصلح أن يكون شاهدا على هذا النوع إلا قول شاعر الحماسة:

أقول لنفسي في الخلاء ألومها ... لك الويل ما هذا التجلد والصبر

انتهى كلامه.

ومن بديع هذا النوع قول الشريف الرضي رضي الله عنه:

فوا عجبا مما يظن محمد ... وللظن في بعض المواطن غرار

يقدر أن الملك طوع يمينه ... ومن دون ما يرجو المقدر أقدار

له كل يوم منية وطماعة ... ونبذ قريض بالأماني سيار

لئن هو أعفى للخلافة لمةً ... لها طرر فوق الجبين وأطرار

وأبدى لها وجها نقيا كأنه ... وقد نقشت فيه العوارض دينار

ورام العلى بالشعر والشعر دائبا ... ففي الناس شعر خاملون وشعار

وأني أرى زندا تواتر قدحه ... ويوشك يوما أن تشب له نار

ومنه قول الحيص بيص يخاطب نفسه:

إلام يراك المجد في زي شاعر ... وقد تخلت شوقا فروع المنابر

كتمت بصيت الشعر علما وحكمة ... ببعضهما ينقاد صعب المفاخر

أما وأبيك الخير أنك فارس ال ... مقال ومحي الدراسات الغوابر

وإنك أغنيت المسامع والنهى ... بقولك عما في بطون الدفاتر

ثم انتقل بعد هذا إلى التكلم بالياء التي هي ضمير المتكلم فقال:

تطاول ليلي فابغني ذا نباهة ... يجلي دجى ظلمائه عن خواطري

سهرت لبرق من ديار ربيعة ... ولم أك للبرق اللموع بساهر

والشاهد في البيتين الأولين.

وقول الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد:

أتعبت نفسك بين ذلة كادح ... طلب الحياة وبين حرص مؤمل

وأضعت عمرك لا خلاعة ماجن ... حصلت فيه ولا وقار مبجل

وتركت حظ النفس في الدنيا وفي الأخرى ورحت عن الجميع بمعزل

وقول الشريف الرضي رضي الله عنه:

قد قلت للنفس الشعاع أضمها ... كم ذا القراع لكل باب مصمت

قد آن أن أعصي المطامع طائعا ... لليأس جامع شملي المتشتت

وقلت أنا في أوائل نظمي:

أظننت أن الوجد مكتمن ... وخفي سرك في الهوى علن

أنى لقلبك أن يقال صحا ... وثني جموح ضلاله الرسن

قد طال مكثك حيث لا فرح ... يصفو به عيش ولا حزن

وأضر قلبك طول مغترب ... لا منية تدنو ولا وطن

فإلى مَ ترضى لا رضيت بأن ... ينهى إليك العجز والجبن

أحلى لنفسك أن يقال لها ... هذا علي حطه الزمن

حصل الجهول على مآربه ... ومضى بغير طلابه القمن

حتى متى قول ولا عمل ... وإلى متى قصد ولا سنن

ما شأن شأنك قط منتقص ... أنت العلي وذكرك الحسن

فاقطع برجلك حيث لا عتب ... واربأ بعرضك حيث لا درن

وافخر بسبقك لا بسبق أبٍ ... شرفا فأنت السابق الأرن

أن يبل ثوبك فالنهى جنن ... أو تود خيلك فالعلى حصن

لا تبتئس لملمة عرضت ... لا فرحة تبقى ولا حزن

ومثل هذا في كلام العرب كثير، وفي هذا المقدار كفاية.

وبيت بديعية الشيخ صفي الدين الحلي قوله:

أنا المفرط اطلعت العدو على ... سري وأودعت نفسي كف مجترم

الشيخ صفي الدين نظم هذا العتاب على أسلوب قول المتنبي الذي استشهد به في شرحه على هذا النوع وهو قوله:

وأنا الذي اجتلب المنية طرفه ... فمن المطالب والقتيل القاتل

ولو نظمه على أسلوب قول الحماسي الذي استشهد به ابن أبي الإصبع لكان أحلى. ولعمري إن لتمكن عتابه وتقريعه لنفسه حيث قال:

أقول لنفسي في الخلاء ألومها ... لك الويل ما هذا التجلد والصبر

حلاوة في السمع، ووقوعا في القلب، كادا أن يدخلاه في أنواع البديع.

ولم ينظم ابن جابر هذا النوع في بديعيته.

وبيت بديعية الموصلي قوله:

عتبت نفسي إذ أتعبتها بهوى ... مجهول سبل بلا هاد ولا علم

هذا البيت ساقط النظم والمعنى جدا، مع سهولة مأخذ هذا النوع.

وبيت بديعية ابن حجة قوله:

يا نفس ذوقي عتابي قد دنا أجلي ... مني ولم تقطعي آمال وصلهم

هذا البيت لا ترضى كل نفس بإنشاده، لما جبلت عليه من الطيرة من نحو هذا الكلام، فإن فيه من قبح الفأل ما تنبو عنه الأسماع.

وبيت بديعية الشيخ عبد القادر الطبري قوله:

لم ترعو النفس عتبا ويحك أتته عن ... تصدير غيك كيما يكتفى بلم

قلق تركيب هذا البيت وتداعي نظمه ليس لهما نظير في هذا الباب.

وبيت بديعيتي هو قولي:

عاتبت نفسي وقلت الشيب أنذرني ... وأنت يا نفس عنه اليوم في صمم

أقول هنا كما قال محمد بن يعقوب الفيروز أبادي في ديباجة القاموس: لو لم أخش ما يلحق المزكي نفسه من المعرة والدمان، لتمثلت بقول أحمد بن سليمان أديب معرة النعمان.

وبيت بديعية شرف الدين المقري قوله:

أطلعته فحكى سري علانيتي ... جهلا فيا نفس عضي الكف من ندم

هذا مأخوذ من بيت الشيخ صفي الدين الحلي. قال ناظمه: وفيه زيادة التورية، فإن قوله (علانيتي) يحتمل أنه يريد العلانية بقرينة السر، وإنما يريد: على نيتي من النية.

( انوار الربيع في انواع البديع - ابن معصوم الحسني )



في السيرة الفاضلة

إن السيرة التي بها سار وعليها مضى أفاضل الفلاسفة هي بالقول المجمل معاملة الناس بالعدل والأخذ عليهم من بعد ذلك بالفضل واستشعار العفة والرحمة والنصح للكل والاجتهاد في نفع الكل، إلا مَن بدأ منهم بالجور والظلم وسعى في إفساد السياسة وأباح ما منعته وحظرته من الهرج والعبث والفساد ومن أجل أن كثيراً من الناس تحملهم الشرائع والنواميس الرديئة على السيرة الجائرة كالديصانية والمحمرة وغيرهم ممن يرى غش المخالفين لهم واغتيالهم، والمنانية في امتناعهم من سقى مَن لا يرى رأيهم وإطعامه ومعالجته ن كان مريضاً، ومن قتل الأفاعي والعقارب ونحوها من المؤذية التي لا طمع في استصلاحها وصرفها في وجهٍ من وجوه المنافع، وتركهم التطهر بالماء ونحوها من الأمور التي يعود ضرر بعضها على الجماعة وبعضها على نفس الفاعل لها، ولم يمكن نزع هذه السيرة الرديئة عن هؤلاء وأشباههم لألا من وجوه الكلام في الآراء والمذاهب، وكان الكلام في ذلك مما يجاوز مقدار هذا الكتاب ومغزاه، لم يبق لنا من الكلام في هذا الباب إلا التذكير بالسيرة التي إذا سار بها الإنسان سلم من الناس وأُعطي منهم المحبة. فنقول إن الإنسان إذا لزم العدل والعفة وأقل من مماحكة الناس ومجاذبتهم سلم منهم على الأمر الأكثر، وإذا ضم إلى ذلك الإفضال عليهم والنصح والرحمة أُوتي منهم المحبة. وهاتان الخلتان هما ثمرتا السيرة الفاضلة، وذلك كافٍ في غرضنا من هذا الكتاب

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alrefaee.ahlamontada.com
 
باب تفسير الفهم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير الفهم وضده الوهم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منى الفخرانى :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول-
انتقل الى: