متى ستعرف كم أهواك يا رجلا
أبيع من أجله الدنيا وما فيها
يا من تحديت في حبي له مدنا
بحالها وسأمضي في تحديها
لو تطلب البحر في عينيك أسكبه
أو تطلب الشمس في كفيك أرميها
أنا أحبك فوق الغيم أكتبها
وللعصا فير والأشجار أحكيها
أنا أحبك فوق الماء أنقشها
وللعنا قيد والأقداح أسقيها
أنا أحبك يا سيفا أسال دمي
يا قصة لست أدري ما أسميها
أنا أحبك حاول أن تساعدني
فإن من بدأ المأساة ينهيها
وإن من فتح الأبواب يغلقها
وإن من أشعل النيران يطفيها
يا من يدخن في صمت ويتركني
في البحر أرفع مرساتي وألقيها
ألا تراني ببحر الحب غارقة
والموج يمضغ آمالي ويرميها
إنزال قليلا عن الأهداب يا رجلا
مازال يقتل أحلامي ويحييها
كفاك تلعب دور العاشقين معي
وتنتقي كلمات لست تعنيها
كم اخترعت مكاتيبا سترسلها
وأسعدتني ورودا سوف تهديها
وكم ذهبت لوعد لا وجود له
وكم حلمت بأثواب سأشتريها
وكم تمنيت لو للرقص تطلبني
وحيرتني ذراعي أين ألقيها
ارجع إلى فإن الأرض واقعة
كأنما فرت من ثوانيها
أرجع فبعدك لا عقد أعلقه
ولا لمست عطوري في أوانيها
لمن جمالي لمن شال الحرير لمن
ضفائري منذ أعوام أربيها
ارجع كما أنت صحوا كنت أم مطرا
فما حياتي أنا إن لم تكن فيها
هذا أنا
1
أدمنت أحزاني
فصرت أخاف أن لا أحزنا
وطعنت ألافا من المرات
حتى صار يوجعني بأن لا أطعنا
ولعنت في كل اللغات
وصار يقلقني بأن لا ألعنا
ولقد شنقت على جدار قصائدي
ووصيتي كانت
بأن لا أدفنا
وتشابهت كل البلاد
فلا أرى نفسي هناك
ولا أرى نفسي هنا
وتشابهت كل النساء
فجسم مريم في الظلام كما مني
ما كان شعري لعبة عبثية
أو نزهة قمرية
إني أقول الشعر سيدتي
لأعرف من أنا
2
يا سادتي
إني أسافر في قطار مدامعي
هل يركب الشعراء إلا في قطارات الضنى؟
إني أفكر باختراع الماء
إن الشعر يجعل كل حلم ممكنا
وأنا أفكر باختراع النهد
حتى تطلع الصحراء بعدي سوسنا
وأنا أفكر باختراع الناي
حتى يأكل الفقراء بعدي " الميجنا"
إن صادروا وطن الطفولة من يدي
فلقد جعلت من القصيدة موطنا
3
يا سادتي
إن السماء رحيبة جدا
ولكن الصيارفة الذين تقاسموا ميراثنا
وتقاسموا أوطاننا
وتقاسموا أجسادنا
لم يتركوا شبرا لنا
يا سادتي
قاتلت عصرا لا مثيل لقبحه
وفتحت جرح قبيلتي المتعفنا
أنا لست مكترثا
بكل الباعة المتجولين
وكل كتاب البلاط
وكل من جعلوا الكتابة حرفة
مثل الزنى
4
يا سادتي
عفوا إذا أقلقتكم
أنا لست مضطرا لأعلن توبتي
هذا أنا
هذا أنا
هذا أنا
حزب المطر
أنا لا أسكن في أي مكان
إن عنواني هو اللامنتظر
مبحرا كالسمك الوحشي في هذا المدى
في دمي نار وفي عيني شرر
ذاهبا أبحث عن حرية الريح
التي يتقنها كل الغجر
راكضا خلف غمام أخضر
شاربا بالعين آلاف الصور
ذاهبا حتى نهايات السفر
مبحرا نحو فضاء آخر
نافضا عني غباري
ناسيا اسمي
وأسماء النباتات
وتاريخ الشجر
هاربا من هذه الشمس التي تجلدني
بكرابيج الضجر
هاربا من مدن نامت قرونا
تحت أقدام القمر
تاركا خلفي عيونا من زجاج
وسماء من حجر
ومضافات تميم ومضر
لا تقولي عد إلى الشمس فإني
أنتمي الآن إلى حزب المطر
تقول حبيبي إذا ما نموت
ويدرج في الرض جثماننا
إلى أي شيء يصير هوانا
أيبلى كما هي أجسادنا؟
أيتلف هذا البريق العجيب
كما سوف تتلف أعضاؤنا
إذا كان للحب هذا المصير
فقد ضيعت فيه أوقاتنا
أجبت: ومن قال إنا نموت
وتنأى عن الأرض أشباحنا
ففي غرف الفجر يجري شذانا
وتكمن في الجو أطيابنا
نفيق مع الورد صبحا وعند
العشيات تقفل أجفاننا
وإن تنفخ الريح طي الشقوق
ففيها صدانا وأصواتنا
وإن طننت نحلة في الفراغ
تطن مع النحل قبلاتنا
نموت.. أما آسف أن نموت
وما يبست بعد أوراقنا
يقولون من نحن نحن الذين
حرام إذا مات أمثالنا
ندوس فتمشي الطريق غلالا
وتنمي الحشائش أقدامنا
سيسأل عنا الرعاة الشيوخ
وتبكي العصافير أصحابنا
سيخسرنا الحرج والحاطبون
وتكسد في الأرض أخشابنا
غدا لن نمر عليهم مساء
ولن تملأ الغاب نيراننا
وزرق الحساسين من بعدنا
سيطعمها وهي أولادنا
وفرشتنا كورنا في الشتاء
بها اللفافات وألعابنا
أنتركها كيف نتركها
وما أرهقت بعد أعصابنا
ومخبأنا في السياج العتيق
تدور تدور حكاياتنا
وأنت بقلبي ملصوقة
يطول على الارض إغماؤنا
سنبقى وحين يعود الربيع
يعود شذانا وأوراقنا
إذا يذكر الورد في مجلس
مع الورد تسرد أخبارنا