وَضَحَ الحقُّ المبينُ؛"
"وَنَفَى الشّكَّ اليَقيِنُ
وَرَأى الأعْداءُ مَا غَرَّ"
"تْهُمُ منهُ الظّنونُ
أمّلُوا ما لَيْسَ يُمْنَى ؛"
"وَرَجَوْا مَا لا يَكُونُ
وتمنّوءا أنْ يخونَ الـ"
"ـعَهدَ مَوْلًى لا يَخُونُ
فإذا الغيبُ سليمٌ،"
"وإذا الودُّ مصونُ!
قُل لمَنْ دانَ بهَجْرِي،"
"وَهَوَاهُ ليَ دِينُ
يا جَوَاداً بيَ! إنّي"
"بِكَ، واللَّهِ، ضَنِينُ
أرخصَ الحبُّ فؤادي"
"لكَ، والعلقُ ثمينُ
يا هلالاً! تترَا"
"ءاهُ نفوسٌ، لا عيونُ
عَجَباً للقَلِبِ يَقْسُو"
"مِنْكَ، وَالقَدّ يَلِينُ
مَا الّذي ضرَّكَ لوْ سُـ"
"ـرّ بِمَرْآكَ الحَزِينُ
وَتَلَطّفَتْ لِصَبٍّ،"
"حينُهُ فيكَ يحينُ
فوجوهُ الّلفظِ شتّى ،"
"وَالمَعَاذِيرُ فُنُونُ
يا غزالاً ! أصَارني"
"موثقاً، في يد المِحنْ
إنّني، مُذْ هَجرْتَني،"
"لمْ أذُقْ لذّة َ الوسنْ
ليتَ حظّي إشارة ٌ"
"منكَ، أو لحظة ٌ عننْ
شافِعي، يا مُعذّبي،"
"في الهوَى ، وجهُكَ الحسنْ
كُنْتُ خِلواً منَ الهَوى ؛"
"فأنَا اليَوْمَ مُرْتَهَنْ
كانَ سرّي مكتًّماً؛"
"وَهُوَ الآنَ قَدْ عَلَنْ
ليسَ لي عنكَ مَذهَبٌ؛"
"فكما شئتَ لي فكُنْ
خَليلَيّ، لا فِطرٌ يَسُرّ وَلا أضْحَى ،"
"فما حالُ من أمسَى مَشوقاً كما أضْحَى ؟
لَئِنْ شاقَني شَرْقُ العُقابِ فَلَمْ أزَل"
"أخُصّ بمحوضِ الهَوى ذلك السفحَا
وَمَا انفكّ جُوفيُّ الرُّصَافَة ِ مُشعِرِي"
"دوَاعي ذكرَى تعقبُ الأسَفَ البَرْحا
وَيَهْتاجُ قصرُ الفارسيّ صبابة ً،"
"لقلبيَ، لا تألُوا زِنادَ الأسَى قدْحا
وَليس ذَميماً عَهدُ مَجلسِ ناصحٍ،"
"فأقْبَلَ في فَرْطِ الوَلُوعِ به نصْحَا
كأنِّيَ لمْ أشهَد لَدَى عَينٍ شَهْدَة ٍ"
"نِزَالَ عِتَابٍ كانَ آخِرُهُ الفَتْحَا
وَقائِعُ جانيها التّجَنّي، فإنْ مَشَى"
"سَفِيرُ خُضُوعٍ بَيْنَنا أكّدَ الصّلْحَا
وَأيّامُ وَصْلٍ بالعَقيقِ اقتَضَيْتُهُ،"
"فإلاّ يكُنْ ميعادُهُ العِيدَ فالفِصْحَا
وآصالُ لهوٍ في مسنّاة ِ مالكٍ،"
"مُعاطاة َ نَدْمانٍ إذا شِئتَ أوْ سَبْحَا
لَدَى رَاكِدٍ يُصْبيكَ، من صَفَحاته،"
"قواريرُ خضر خلتّها مرّدتْ صرحَا
مَعاهِدُ لَذّاتٍ، وَأوْطانُ صَبْوة ً،"
"أجلْتُ المعلّى في الأماني بها قدْحَا
ألا هلْ إلى الزّهراء أوبَة ُ نازحٍ"
"تقضّى تنائيهَا مدامعَهُ نزْحَا
مَقَاصِيرُ مُلكٍ أشرَقَتْ جَنَباتُهَا،"
"فَخِلْنَا العِشاء الجَوْنَ أثناء صِبحَا
يُمَثِّلُ قُرْطَيها ليَ الوَهْمُ جَهرَة ً،"
"فقُبّتَها فالكوْكبَ الرّحبَ فالسّطَحَا
محلُّ ارْتياحٍ يذكرُ الخلدَ طيبُهُ"
"إذا عزّ أن يَصْدى الفتى فيه أوْ يَضْحَى
هُنَاكَ الجِمامُ الزُّرْقُ تَنْدي حِفافَها"
"ظِلالٌ عهِدتُ الدّهرَ فيها فتًى سمحا
تعوّضْتُ، من شَدوِ القِيانِ خلالها،"
"صَدى فَلَوَاتٍ قد أطار الكرَى ضَبحَا
ومِنْ حمليَ الكأسَ المفَدّى مديرُها"
"تَقَحُّمُ أهْوَالٍ حَمَلْتُ لها الرُّمْحَا
أجلْ! إنّ ليلي، فوقَ شاطئ نيطة ٍ،"
"لأقْصَرُ مِنْ لَيْلي بآنَة َ فَالبَطْحَا
مَا ضرَّ لوْ أنّكَ لي راحمُ؛"
"وَعِلّتي أنْتَ بِها عَالِمُ
يَهْنِيكَ، يا سُؤلي ويَا بُغيَتي،"
"أنّك مِمّا أشْتَكي سَالِمُ
تضحكُ في الحبّ، وأبكي أنَا،"
"أللهُ، فيمَا بيننَا، حاكمُ
أقُولُ لَمّا طارَ عَنّي الكَرَى"
"قَولَ مُعَنًّى ، قَلْبُهُ هَائِمُ:
يا نَائِماً أيْقَظَني حُبُّهُ،"
"هبْ لي رُقاداً أيّها النّائِمُ!
أحِينَ عَلِمْتَ حَظّكَ من وِدادي؛"
"وَلَمْ تَجْهَلْ مَحَلّكَ منْ فُؤادِي
وَقادَنِي الهَوى ، فانقَدْتُ طَوْعاً،"
"وَمَا مَكّنْتُ غَيرَكَ مِنْ قِيَادِي
رضيتَ ليَ السّقامَ لباسَ جسْمٍ،"
"كَحَلْتُ الطَّرْفَ مِنْهُ بِالسُّهَادِ
أجِلْ عينَيْكَ في أسطارِ كتبي،"
"تجدْ دمْعي مزَاجاً للمِدادِ
فدَيْتُكَ ! إنّني قدْ ذابَ قلْبي"
"مِنَ الشّكْوَى إلى قَلْبٍ جَمَادِ
أيُوحِشُني الزّمانُ، وَأنْتَ أُنْسِي،"
"وَيُظْلِمُ لي النّهارُ وَأنتَ شَمْسي؟
وَأغرِسُ في مَحَبّتِكَ الأماني،"
"فأجْني الموتَ منْ ثمرَاتِ غرسِي
لَقَدْ جَازَيْتَ غَدْراً عن وَفَائي؛"
"وَبِعْتَ مَوَدّتي، ظُلْماً، ببَخْسِ
ولوْ أنّ الزّمانَ أطاعَ حكْمِي"
"فديْتُكَ، مِنْ مكارهِهِ، بنَفسي
هلْ راكبٌ، ذاهبٌ عنهمْ، يحيّيني،"
"إذْ لا كتابَ يوافيني، فيُحييني؟
قَدْ مِتُّ، إلاّ ذَمَاءً فيَّ يُمْسِكُهُ"
"أنّ الفُؤَادَ، بِلُقْياهُمْ، يِرَجّيني
مَا سَرّحَ الدَّمْعَ مِن عَيني، وأطلَقَه،"
"إلاّ اعتيادُ أسى ً، في القلبِ، مسجونِ
صبراً ! لعلّ الذي بالبُعْدِ أمرضَني،"
"بالقُرْبِ يَوْماً يُداوِيني، فيَشفيني!
كيفَ اصطِباري وَفي كانونَ فارَقَنِي"
"قَلْبِي، وهَا نحن في أعقابِ تشرِينِ؟
شَخْصٌ، يُذَكّرُني، فاهُ وَغرّتَه،"
"شمسُ النّهارِ، وأنفاسُ الرّياحينِ
لئنْ عطشتُ إلى ذاكَ الرُّضَابِ لكَمْ"
"قد بَاتَ مِنْهُ يُسَقّيني، فَيُرْوِيني!
وَإنْ أفاضَ دُمُوعي نَوْحُ باكِيَة ٍ،"
"فكمْ أرَاهُ يغنّيني، فيُشجيني !
وإنْ بعدْتُ، وأضنتني الهمومُ، لقد"
"عَهِدْتُهُ، وَهْوَ يِدْنيني، فيُسْليني
أوْ حلّ عقدَ عزائي نأيُهُ، فلكمْ"
"حللتُ، عن خصرِهِ، عقدَ الثّمانينِ
يا حُسنَ إشراقِ ساعاتِ الدُّنُوّ بدَتْ"
"كواكباً في ليالي بعدِهِ الجونِ
واللهِ ما فارقُوني باختيارِهِمِ؛"
"وَإنْمَا الدّهْرُ، بالمَكْرُوهِ، يَرْمِيني
وما تبدّلْتُ حبّاً غيرَ حبّهمِ،"
"إذاً تَبَدّلْتُ دِينَ الكُفْرِ من دِيني
أفْدِي الحَبيبَ الذي لوْ كَانَ مُقْتَدِراً"
"لكانَ بالنَّفْسِ وَالأهْلِينَ، يَفْدِيني
يا رَبِّ قَرّبْ، على خَيرٍ، تَلاقِينَا،"
"بالطّالِعِ السّعدِ وَالطّيرِ المَيامِينِ
كما تَشاءُ، فقُلْ لي، لستُ مُنتَقِلاً،"
"لا تَخشَ منيَ نِسياناً، وَلا بَدَلاً
وَكَيفَ يَنساكَ مَنْ لَمْ يَدرِ بَعدَكَ ما"
"طَعمُ الحياة ِ، وَلا بالبِعدِ عنك سَلا؟
أتلفْتَني كلفاً، أبْليتَني أسفاً،"
"قَطّعتَني شَغَفاً، أوْرَثْتَني عِلَلا
إنْ كنتُ خُنْتُ وَأضْمرْتُ السُّلوّ، فلا"
"بلغتُ يا أملي، من قرْبكَ، الأمَلا
واللهِ ! لا علقَتْ نفْسي بغيركُمُ؛"
"وَلا اتَّخَذْتُ سوَاكُمْ منكُمُ بَدَلا
ورامشة ٍ يشفي العليلَ نسيمُهَا،"
"مضمَّخة ُ الأنفاسِ، طيّبة ُ النّشْرِ
أشارَ بها نحوِي بنانٌ منعَّمٌ،"
"لأغْيَدَ مَكْحُولِ المَدامعِ بالسّحْرِ
سرَتْ نضرة ٌ، من عهدها، في غصُونها،"
"وَعُلّتْ بمِسكٍ، من شَمائِلِه الزُّهْرِ
إذا هوَ أهدَى الياسمينَ بكفّهِ،"
"أخَذْتُ النّجومَ الزُّهرَ من راحة البدرِ
له خلقٌ عذبٌ وخلقٌ محسَّنٌ،"
"وظرفٌ كعرفِ الطّيبِ أوْ نشوة ِ الخمرِ
يُعَلّلُ نَفسي مِن حَديثٍ تَلَذّهُ،"
"كمثلِ المُنى وَالوَصْلِ في عُقُب الهجر
لئنْ قصَّرَ اليأسُ منكِ الأملْ؛"
"وَحَالَ تَجَنّيكِ دُونَ الحِيَلْ
وَنَاجاكِ، بالإفْكِ، فيّ الحَسُودُ،"
"فأعْطَيْتِهِ، جَهْرَة ً، مَا سَألْ
وراقكِ سحرُ العِدَا المفترَى ؛"
"وَغَرّكِ زُورُهُمُ المُفْتَعَلْ
وأقْبَلتِهِمْ فيّ وجهَ القبولِ؛"
"وقابلَهُمْ بشرُكِ المقْتَبَلْ
فإنّ ذمَامَ الهوَى ، لمْ أزَلْ"
"أبقّيهِ، حفظاً، كمَا لم أزَلْ
فديتُكِ، إنْ تعجَلِي بالجَفَا؛"
"فَقَدْ يَهَبُ الرّيثَ بَعْضُ العَجَلْ
عَلامَ أطّبَتْكِ دَوَاعِي القِلَى ؟"
"وَفِيمَ ثَنَتْكِ نَوَاهِي العَذَلْ؟
ألمْ ألزَمِ الصّبرَ كيْمَا أخفّ؟"
"ألمْ أكثرِ الهجرَ كي لا أملّ؟
ألمْ أرضَ منْكِ بغيرِ الرّضَى ؛"
"وأبدي السّرورَ بمَا لمْ أنلْ؟
ألَمْ أغتفِرْ موبقَاتِ الذّنُوبِ،"
"عَمْداً أتَيْتِ بِهَا زَلَلْ؟
ومَا ساءَ ظنِّيَ في أنْ يسيء،"
"بِيَ الفِعْلَ، حُسْنُكِ، حتى فَعَلْ
عَلَى حِينَ أصْبَحْتِ حَسْبَ الضّمِيرِ"
"ولمْ تبغِ منكِ الأماني بدَلْ
وَصَانَكِ، مِنّي، وَفيٌّ أبيٌّ"
"لعلْقِ العلاقة ِ أنْ يبتذَلْ
سَعَيْتِ لِتَكْدِيرِ عَهْدٍ صَفَا،"
"وحاولتِ نقصَ ودادٍ كملْ
فما عوفيَتْ مقتي مِنْ أذى ً؛"
"ولا أعفيَتْ ثقتي منْ خجَلْ
ومهمَا هززْتُ إليكِ العتابَ،"
"ظاهَرْتِ بَيْنَ ضُرُوبِ العِلَلْ
كأنّكِ ناظرْتِ أهلَ الكلامِ،"
"وَأُوتِيتِ فَهْماً بعِلْمِ الجَدَلْ
وَلَوْ شِئْتِ رَاجَعْتِ حُرّ الفَعَالِ،"
"وعدتِ لتلْكَ السّجايَا الأولْ
فَلَمْ يَكُ حَظّي مِنْكِ الأخَسَّ؛"
"وَلاَ عُدّ سَهْميَ فِيكِ الأقَلّ
عليكِ السّلامُ، سلامُ الوداعِ،"
"وداعِ هوى ً ماتَ قبْلَ الأجَلْ
وَمَا بِاخْتِيَارٍ تَسَلّيْتُ عَنْكِ،"
"ولكنّني: مكرهٌ لا بطلْ
ولَمْ يدرِ قلبيَ كيفَ النُّزُوعُ،"
"إلى أنْ رأى سيرة ً، فامتثلْ
وَلَيْتَ الذي قادَ، عَفْواً إلَيْكِ،"
"أبيَّ الهَوَى في عنانِ الغزلْ
يُحِيلُ عُذُوبَة َ ذَاكَ اللَّمَى ؛"
"ويشْفي منَ السُّقْمِ تلكَ المُقَلْ
ذهبـتُ إلى الطَّبيبِ أُريـهِ حالي..
وهل يدري الطَّبيبُ بما جَرَى لي ؟!
جلسـتُ فقالَ ما شـكواكَ صِفْها..
فقُلتُ الحـالُ أبلغُ مِن مقـالي
أتيتُـكَ يا طبيـبُ علـى يقـينٍ..
بأنَّكَ لسـتَ تَملك ما ببـالي
أنا لا أشـتكي الحمَّى احتجـاجًا..
بَلِ الحُمَّى الَّتي تشكو احتمالي!
فتحتُ إليكَ حَـلْقي كَي تَـرَاهُ..
فقُل لي : هل أكلتُ من الحـلالِ ؟
أتعـرفُ يا طبيبُ دواءَ قَـلْبي..
فَـدَاءُ القَلـبِ أعظمُ مِن هـزالي
كَشَفْتُ إليكَ عَن صـدري أجِبْني..
أتَسـمعُ فيهِ للقـرآنِ تـالِ ؟!
تقـول بأنَّ مـا فـيَّ التهـابٌ..
ورشـحٌ ما أجبتَ على سُـؤالي
وضعتَ علَى فَمـي المقياسَ قُل لي:
أسهـمُ حرارةِ الإيمـانِ عـالي..
سـقامي من مُقـارفةِ الخَطـايا..
وليـس مِنَ الزُّكامِ ولا السُّـعالِ
فإن كنـتَ الطَّبيبَ فما عـلاجٌ..
لذنـبٍ فَوْق رأسـي كالجبـالِ ؟؟
نُسـائلُ مـا الدَّواءُ إذا مَرِضـنا..
وداءُ القَـلْبِ أولَـى بالسُّـؤالِ!