الأستاذ / محمد مديس الثقفي
ميميةٌ صــاغها من حــرقتي ألــمي * معـــسولةُ اللفظِ يحلو وزنُها بفَـمِي
فيــها المــعاني بنفـحِ الـحبِ مفعـمةٌ * سـطرتُها عــذبةً يــشدو بها قــلمي
قطفتُ أزهارها من دوحةٍ صـدحتْ * فيها الــبلابلُ بالألـــحانِ والنَّـــــغمِ
لما همى القــلبُ أطلـقتُ العِــنانَ له * فـــهامَ طرفي بـــدمعٍ منه مُــنَسجِمِ
أكنَنْتُ في القلبِ حباً لا يخالطُه شكٌ * وتــعلــو به بين الـــــورى هِـممي
ابطـيتُ أكــتُمُه ، حتى أذعـتُ به * حـــباً أذابَ فُــــؤادي غيرَ مُنـــكتِم
حـــــــباً لخـــيرِ عــــبادِ اللهِ كلِـــهِمُ * خيرِ البريةِ من عُــربٍ ومن عـجمِ
يا خيرَ من سارَ فوقَ الأرضِ قاطبةً * يا سيدَ الكـــونِ يا تـــاجاً على القِمَمِ
صلى عليكَ الذي أعـــطاكَ صفوَتَه * لكي تكـــونَ شــفيعَ اللهِ في الأُمَـــمِ
أتــاكَ جِــبريلُ بالــقرآنِ يحــــــملُه * فقمتَ *في الناسِ لم تكـــسلْ ولـم تنمِ
وجئتَ بالــنورِ في الآفــاقِ تنــشرُه * يا منقذَ *الناسِ من ديـجـــورةِ الـظُلَمِ
ربـــاكَ ربـُـكَ بالــقرآنِ فـاكــتمـلتْ * فيكَ الخصا*ئلُ من جـــودٍ ومن كـرمِ
كل الــذينَ أتوا بالـــزورِ ما بلـــغوا * مـــا أمَّــلُوهُ* ولم يخـــلوا من الـــنَّدمِ
حـــثالةٌ ورعــــاةٌ لا عـــــقولَ لهم * غُــلْفُ البــــصائرِ والآذانُ في صَـمَمِ
قلوبــُهم قد عـــلاها الرانُ فامتلأتْ * حـقداً وبغـــضاً فهم قـــــومٌ بلا ذمــمِ
أبــناءُ قـردٍ وخــنزيرٍ إذا نُســـــبوا * مِنْ نسلِ عُــبَّادةِ الأوثـــــانِ والصََّـَنمِ
شــاهتْ وجـوهُهم خــابتْ ظــنونُهم * عليـــهم لعـــنةُ الـــرحمنِ ذي النِّـــقَمِ
أيهزؤون بــمن نـــرجو شــــفاعَـته * إذا تـــقاذفـتْ الـنــــيرانُ بـــالحـِـــمَمِ
هو الحـبيبُ أبــو الــزهراءِ ســــيدُنا * إلـــيه يُنسبُ كلُ الفــــضلِ والشــــيمِ
في كــفه آيــــة للــــجود بــــاهــرة * يعطي عـــطاءً فلا يخشى من العدم
أتى قَــتادةُ ـ لــــــما عـيـنُه فُـقِـأت * فردَّهـا فانتهى مــا كــــانَ منْ ســَـقَمِ
والقومُ لما أصــــابَ القحطُ أرضَهُم * جاؤُوهُ يشكــون من بؤسٍ ومن سـَـأمِ
وكان يخطبُ فيهم حـيـنها ارتـــفعتْ * يـداه يدعـو ، فـــــجادَ اللهُ بالنِّـــــعَمِ
حنتْ له النوقُ والأشجارُ قد سجدتْ * والجــذعُ حنَّ ، وأبدى لـوعةَ الألــمِ
لا تعجــبوا من فـؤادي حينَ حنَّ له * فـحـــبُه بـعد حـبِ اللهِ مــلءُ دمــي
كم من فــــؤادٍ أذابَ الـشوقُ مُهجتَه * و شاربٍ لــهوى المـــختارِ في نـَـهَمِ
لـو أن موسى وعيسى بين أظـهرنا * ساروا على نَهـــجِه ســــاقاً على قدمِ
صلى عليهِ إلــــهي كلَّـــــما بزغتْ * شمسٌ ومـــا فــاحتِ الأزهــارُ بالنَّسَمِ
وكلــــما لاح بـــــرقٌ وانهمى مطرٌ * وكــلما ناحتِ الـــورقــاءُ في الحَـرَمِ
ولبعض الشعراء
تبسمت جُملي من منطقي بفمي***حتى أكلم من في الزي يحترم
أسمع لميمة قد آتتك حلتها***كأنها الدر بل نوع من الحكم
تلهجتُ في رجل الأمصار منطقه***جبريل يكلمه في الحل والحرم
محمد قد عرف التاريخ بغيته***هادي البرية محمودا مذ القدم
ايا رسول الله عليك تحية***من المحيط تنسجها سائر الامم
والله لو انا القوافي تكلمت***لمدحت أفضل من سار على القدم
والله لو أن الخطابة تفوهت***لأستبشرت وقالت أروع الكلم
هو رسول الهدى والقرآن مشيته***فماذا تريد بعد القرآن من شيم
إذا تكلم احسب أن القمر يغبطه***لأنه شمس يمشي على قمم
أدى الرسالة ولم يكذب على أحد***هو مبرئا من سائر التهم
خير البرية قد يمشي على قدم***لأنه كالنار على رأس علم
من نحن قبلك من بدو وحاضرة***بل من كان يسكن في جبة الحرم
أتيت نورا على الدنيا وفي يدك***السنة الغرّاء حتى جئت تقتحم
هذه قوافي من آليت نعمته***في زي صب مكسية بدمي
لقد لهجتُ بمدحك والأفواه فاغرة***من المعاني التي تشدوا بها النغم
يا قوم انصروا محمدا في تغيبه***فالغرب شحذوا نوع من الهمم
والله لو أن أمرنا بعصمتهم***لوزعونا على الأقطار شر مقتسم
أبكي زهاء على تاريخ أمتنا***وكنتُ قبل قليل شبه مبتسم
مليار مسلم ولم تنفعنا كثرتنا***فلما نحن دوما أسفل الهرم
رضيت بالذل والإسلام مرجعنا***ولا المهابة مع الكفر والكرم
الفرس والروم قد ذلت لجبهتنا***قد أنصف التاريخ شخص غير منقطم
كأني به التاريخ يبكي مطرقا***لأنه في حلم ولازال في وهم
نحن الذينا إذا ضاقت تقدمنا***نأتي على الغارات كالهاطل العمم
نحن الذينا إذا قال قائدنا***نعم لا نختلف بين اللا والنعم
قوموا وهبوا وذودوا عن نبيكم***فهل سمعتم بعدو غير منتقم
قوموا وهبوا وذودوا عن نبيكم***فإن الفساد كُبر البطن والتخم
أين نحن من الصحابة أينما ذهبوا***يفدون الرسول بالمال والدم
إن النبي لشمس يؤتم به***كالبدر يُفقد في حالك الظلم
نفديك يا رسول الله طول المدى***ويفدي حذائك صاحب التهم
دع ما أدعته النصارى في كتابهم***عن النبي وخذ درر القرآن واحتكم
أتيت أمدح بحرا لا مداد له ***والنقص في المدح نوع من الذم
وصلاة ربي على النبي محمد***كلما كتب الناس بالحبر والقلم
بردة السيد الميرغنى
مولاىَ صلِّ على المختارُ عُمدتِنا ** محمدٍ خيرِ خلقِ اللهِ كُلِهِمِ
أمِن تَذكُّرِظبىَ البانِ والعَلَمِ ** سَكَبُتَ دمعاً جرى فى الخدِ منسجمِ
أم هبَّ ريحُ الصَّبا يَروى لنا خبراً ** عن ربعِ أهلِ الصفا والعلمِ والحِكمِ
السادةِ الغُرِّ أربابِ الفضائلِ من ** لى فيهمُ بدرُ تِمٍ فاق فى العِظِمِ
مهفهفُ القدِّ أحوى أشنبٌ غَنِجٌ ** مدملجٌ أدعجُ العينينِ عن حِكَمِ
قد صِيغَ من عسجدٍ والخَضُر معتدلٌ ** أزالُ فى حُبِهِ ماعشتُ فى هَيَمِ
فليسَ لى ولهٌ إلا بِغُرَّتِه ** كذا ولا شغفٌ إلا بمُصطلمِ
ياحُسنُ طلعتهِ كالبدرِ فى شرفٍ ** والزهرِ فى ترفٍ عن قاطفيهِ حُمِى
كالوردِ وَجنتهُ كالرمحِ قامتهُ ** فى ثغرهِ الشهدُ يَبرى علةَ السقمِ
كم ذا اُرجّى وِصالاً منه وهو على ** هجرى وصدِى مُصرٌّ مُسُتحِلُ دمِى
فمذ رأيتُ غرامى مااستفدتُ بِما ** أرومُ منه ولم أظفر بما أرُمِ
صرفتُه فى امتداحِ الطهرِ عُمدتنا ** محمدِ المصطفى المختارِ من قدمِ
من نورِ ذى العرشِ معناهُ وصورته ** لولاه لم تُخلقِ الأشباحِ والنَّسمِ
آياتُهُ الغُرُّ فى التوراةِ بيِّنةٌ ** وفى الزبورِ وفى الإنجيلِ كُلِهِمِ
حامِى الحِمى سيِّدُ الساداتِ أشجعُ من ** لله جاهدَ فى عُربٍ وفى عجمِ
فأبدلَ الغَىَّ رُشداً والضلالَ هدىً ** بالسيفِ والرُّمحِ والأعداءُ كالرَّخَمِ
فأصبحت ملةُ الإسلامِ ظاهرةً ** فى الشرقِ والغربِ بين الخلقِ كُلِهمِ
لم يبقَ للشركِ عِزٌّ يطمئنُّ به ** فى الوعرِ والسَّهل والآكامِ والسَّلمِ
كم أخبرت عنه أحبارٌ مُدرِّسَةٌ ** وأنبياءٌ وأملاكٌ من القِدمِ
وأخبرت عنه رُهبانٌ مُبَشِرةٌ ** وبالكهانةِ أقوامٌ وبالقلمِ
وخرَّ إيوانُ كسرى من مهابته ** وكان قِدماً منيعَ الفخرِ فى الأممِ
ونارُ فارسَ لم تخمُد وما خَمَدَت ** إلا بميلادِ خيرِالخلقِ كلهِمِ
غاضت بحيرةُ ساوى عند مولدهِ ** والشُهُبُ خرَّت لجِنِّ السَّمعِ بالرجمِ
قُصُورُ رُومٍ أضاءت عند مولدهِ ** كذاك بُصرى وكنعانُ أولو النَّعمِ
تبيَّنت معجزات ليس تنحصِرُ ** من الهواتف والآياتِ والحِكمِ
واللهِ ماحَملت أنثى ولا وضعت ** كمثلِ أحمدَ فى عُربٍ وفى عَجمِ
والعنكبوتُ على غارٍ به نَسجت ** كذا الحمامُ على غارٍ به تَحُمِ
والفحلُ ذلَّ وأومَى بالسجودِ له ** والضبَّ كلمه من أفصحِ الكلِمِ
والظبىُ خاطبه والذِرعُ قال له ** سمَّتنى زينبُ خيرَ الخلقِ كلهمِ
والجذعُ حنَّ والماءُ من يدهِ ** أروى الجيوشَ كسُحبِ الغيثِ منسجمِ
والثَّدىُ درَّ له والغيمُ ظللهُ ** والبدرُشُقَّ له نصفينِ فى الحرمِ
والطيرُ والوحشُ والأملاكُ مابرِحت ** تُهدِى السلام لِهادِيهمِ لِرَبِّهمِ
لم يبقَ من شجرٍ ولامدرٍ ** إلا وحيَّاهُ فى الأحيانِ بالكلمِ
والمشىُ فى الرملِ لاتأثيرَ معجزةٌ ** وأثرَ المشىُ فى الصحراءِ بالقدمِ
وراودته الجبالُ الشُمُّ عمدتنا ** بأن تكونَ له تِبراً فلم يَرُمِ
خيرُ النبيَّين كهفُ اللائذِينَ شفيعُ المذنبينَ كليمُ اللهِ فى الأممِ
سريتَ من كعبةٍ غرَّا الى حرمٍ ** كما سرى البدرُ فى الظلماءِ بالقدمِ
وبِتَّ تَرقى الى السبعِ الطِباقِ الى ** مكانةٍ لترى مولاكَ ياعلمِ
وخُضتَ فى بحرِ أنوارٍ بلا طرفٍ ** جبريلُ عن دركِه فى حيِّز العدمِ
فاستبشرَ العرشُ والكرسِىُّ وامتلأت ** حجبُ الجلالةِ نوراً سامىَ الهِممِ
من ذا الذى قد دنا من نحوِ خالقهِ ** لِقابِ قوسينِ أو أدنى ولم يُضمِ
وخاطبَ اللهَ جهراً لاحجابَ ولا ** سِتراً له عن جمالِ الوجهِ ذى العظمِ
وخُصَّ بالكوثرِ المحمودِ سيدنا ** وقد رأى اللهَ راءٍ غيرَ متَّهَمِ
هذا المقامُ الذى مانالهُ بشرٌ ** سِواكَ ياخيرَ خلقِ اللهِ كُلِهِمِ
ولستُ أسطيعُ أن اُحصى فضائلهُ ** هل يحصرُ الرملَ عدَّاً صاحبُ القلمِ
كلا ولو شعراءُ القومِ قاطبةً ** من عهدِ آدمَ حتى يومَ بعثِهمِ
من كلِ حَبرٍ بليغٍ بارعٍ فَهِمٍ ** لم يَحصروا عُشرَ ماتحويهِ من النعمِ
ولُذ بهِ إن رماكَ الدهرُ فى محنٍ ** واقصد كريمَ السجايا واسعَ الكرمِ
ولُذ بمن سبَّح الحَصباءُ فى يدهِ ** من حام حول حِماهُ قطّ لم يُضمِ
ياعُدتى يارجائى فى الخطوب إذا ** ضاقَ الخناقُ وزلَّت هفوةِ القدمِ
بك استعنتُ على دهرى وحالتهِ ** ومايُعاندنى ياعالىَ الهممِ
ياسيِّدى يارسول اللهِ جاهكَ لى ** حِصُنٌ منيعٌ من الآفاتِ والسقمِ
ياصاحبَ العروةِ الوُثقى خُذ بيدى ** إلى حماك وَوَارى بالغِنى عدَمِ
واغفر لناظِمها عثمانَ رِقِّكُمُ ** وبلِغ القصدَ يامولاىَ بالكرمِ
وحُفَّهُ بالرضا والعفو منك لكى ** يرقى الى الرتبةِ العلياءِ ياعلمِ
واغفر لإخواننا والأهلِ مع ولدٍ ** نوِّر سرائرنا مع حُسنِ مُختتمِ
واقضِ حوائجنا واجبر خواطرنا ** قَّوِ عزائمنا واقهر لمنتقمِ
واجعل صلاتك يامولاى دائمةً ** من هَلَّ فيضُ الحيا بالوَدقِ مُنسجمِ
على حبيبكَ والأصحابِ ماسجعتَ ** حمامةٌ فوقَ أغصانٍ من السَّلَمِ
وغرَّدَت فوقَ غُصنِ الأيكِ صادحةٌ ** أو قالَ صبٌّ بَرَاهُ الشوقُ بالنَّغمِ
أمِن تَذكُّرِظبىَ البانِ والعَلَمِ ** سَكَبُتَ دمعاً جرى فى الخدِ منسجمِ