طابَ شربُ المدامِ في الخَلوَاتْ أَسْقنيِ يانديمُ بالآنياتْ
خمرةً تَركُهَا عَليناَ حَرامٌ ليس فِيها إِثمٌ ولا شُبُهاتْ
عُتِّقت في الدِّنانِ من قَبل آدم أصلها طيبٌ من الطيباتْ
أفْتِنيِ أيُّها الفقيهُ وقلْ لِي هل يجُوزُ شربها على عَرفَاتْ
أو يجوزُ الطَّوافُ والسَّعْيُ بها وَيَلَبَّى ويُرْمى بالجمرَاتْ
أو يجوزُ القرآنُ والذكرُ بها أو يجوزُ التسْبيحُ في الصَّلوَاتْ
فأجاَبَ الْفِقيهُ إِنْ كانَ خمرَ عنب فيه شيْ من المُسْكراتْ
شُربه عندنا حرامٌ يَقِيناً زائدٌ فيهِ شيْ من الشبهاتْ
آه ياذَا الَفقيه لَوْ ذُقْتَ منها وسمعتَ الألحْان في الخَلوَاتْ
لتركتَ الدُّنيا وما أنْتَ فِيه وتَعشْ هَائما لِيَوْمِ المماتْ
كُلّ حَدْ لُو نصيب من الدُّنيا وهَواكْ لِي نصيب
يا حَياتِي وأنْتَ في ذاتِي حاضِرٌ لا تَغِيب
أنْتَ أسْكَرْتني على سُكْرِي مِن لذيذِ الشَّراب
ثُمَّ خاطَبْتَني كما تدْرِي ففهِمْتُ الْخِطاب
ثُمَّ شاهَدْتُ وجْهَكَ الْبَدرِي عِنْدَ رفْعِ الْحجَاب
ثُمَّ صَيَّرْتَني رَقيب ذاتِي كُنْتَ أنْتَ الرَّقيب
يا حَياتِي وأنْتَ في ذاتِي حاضِرٌ لاَ تَغِيب
أُدْخُلِ الْحان وشاهِد الْمعْنَى لِتنالَ الأمان
كَيْ تَرانِي بينَ الدّنانِ عاكِفا شاخِصاً للْدِيان
وسقانِي ساقِي الْمُدام دَوْرِي قبْلَ دَور الزَّمان
أنْتَ تَدْري مَن كانَ ساقِينا الْقَريبُ الْمُجِيب
يا حَياتِي وأنْتَ في ذاتِي حاضِرٌ لاَ تَغيب
أنا مِنْ فَيْض فضْلِ ساداتِي نِلْتُ أعْلَى الرّتَب
وعَلى قدْرِ همَّةِ الطَّالِب سيكُونُ الطَّلَب
ثُمَّ قَضَيْتُ ساير أوْقاتِي بالْفرَحْ والطَّرَب
وسَمِعْتُ الْخِطابَ مِنْ ذاتِي مِنْ مكانٍ قريب
يا حَياتِي وأنْتَ في ذَاتِي حاضِرٌ لاَ تَغِيب
دارَت عليك الاقْداح بِرَوحٍ ورَاحْ
فعجْ على الْخَمَّار بخلع العذار
تُنْصِر سنا الأنْوار إِذا ما تُدار
وعالَمُ الأسْرارْ يَلُحْ لَكَ جِهَارْ
والرَّاح روحُ الأرواح ما فيها جُناحْ
دارَت عليْكَ الأقْداح برَوحْ ورَاح
جمالها مشهورْ في الدِّين القديم
لاَحت ولاَحَ النُّور في اللَّيل البهيمْ
ودُكَّ مِنْها الطُّور لموسى الكليم
وحين الْقى الألْواح بالمكتوم باحْ
دارَت عليك الأقداح برَوْح وراح
جاءت بأنس النَّفْس والسِّحْرِ الحلال
نزِّهَت عن جِنْس جَلَّت عن مثال
وأشْرَقَت كالشَّمس في أفِقْ الجمال
وبَشَّرت بالأفْراح لأَهْلِ الفلاح
دارَت عليْكَ الاقْداح بِرَوْحٍ وراحْ
يا كلَّ كلِّ الكل جُدْ لِي بِرِضاكْ
إِنْ لم تكُنِ لي مَن لي محْبوب سِواك
وإِنَّ يَوْمَ الْهَول قصْدي أنْ أراك
شَوْقي إِليْك الْمِفْتَاح لِبَابِ الفلاح
دارَت عليك الأقداح بِرَوح وراح
بالهاشمي المختار الهادِي الرسول
أرْجُو قَضا الأوْتارْ ونَيْلَ القَبُول
والعفوَ عن الأوزار في اليوم الْمَهُول
فَفي هذه الأمداح نَشْرُ المسْكِ فاحْ
دارَت عليْكَ الأقداح بِروْح وراح