بردة الشاعر سعيد عسيلي 1348 - 1414 هـ
جُنَّ الـحنـيـنُ وفـاض الـدمع مـن قـلـمـــي** والـحـزنُ بـان كـمـثل النـار بـالعـلـــمِ
يـا لـوعةً بعضُ مـا فـيـهـــــــــا أردِّده** غصّاتِ شعـرٍ مسجّاةً عـلى قـلـمــــــــــــي
وبعضُهـا ألف آهـاتٍ يـخبِّئهــــــــــــــا** هـولُ الـمـصـاب فتبقى حسـرةً بـدمـــــــي
حطَّ الشقـاء عـلى قـلـبـي فــــــــــمزَّقه** كأنمـا الـدهـر لا يبـغـي سـوى ألـمــــي
والـحـزن خـيَّمَ فـــــــــــي فكري فأعجزَه** مـن أن يـمـيِّز بـيــــــــن اللاءِ والنَّعَم
حـمـلـتُ حـزنـي وحـزنـي كـاد يـقتلنــــي **وأصـبح النَّوْح مـن طبعـي ومـن شِيَمـــــــي
أبِيـتُ واللـوعة العـظـمـى تلازمـنــــــي** وزادنـي الفقـدُ أسقـامًا عـلى سَقـمــــــي
أنفـاسُ روحـي براكـيـنٌ يؤجِّجُهـــــــــــا** لَفْحُ الـمـصـيبة نـيرانٌ عــــــــــلى ضرم
عـيـنـايَ فِيضـي بـدمعٍ مـنك مــــــــنسكبٍ** لا تعتَريكِ لـحـــــــــــــزنٍ زفرةُ الندم
قـد كـنـتُ كـالطـير خـفّاقًا بأجنحتــــــي** وأعجز الـيـومَ أن أمشـي عـلى قـدمــــــي
بـاتَتْ لفقْدِك أوتـــــــــــــــاري مقطَّعةً** يبكـي مـن الـحـزن تغريـدي عـلى نغمــــي
يـا مـن أتـيـتَ إلى الإسلام تـنشــــــره** بـيـن الأنـام عـلى وَفْرٍ مـن النِّعـــــــمِ
وأنـت لـولاك للإسلام مـــــــــا ارتفعتْ** رايـاتُ هدْيٍ وجلَّت حـــــــــــــالكَ الظُّلَم
ويـا رسـولَ الهدى يـا خـيرَ مـن نزلـــــت** فـيـه مـن الله آيـاتٌ مـن الـــــــــحِكَم
ويـا رسـولَ الهدى يـا رحـــــــــمةً بُعثَتْ** للعـالـمـيـن بـهـــــــا تُهدى إلى الأمم
ويـا رسـولَ الهدى يـا مـن صـبرْتَ عـــــلى** أذى «قـريشٍ» وكـان العفـوُ بــــــــالكرم
ويـا رسـولَ الهدى فـي هـمّةٍ بـــــــــلغتْ **أقصى السِّمـاكَيْن قـد زادت عـلى الهـــــمم
ويـا رسـولَ الهدى يـا مــــــــن له خضعَتْ** أهلُ الـبِطـاح وكلُّ العُرْبِ والعجــــــــــم
حـامـي حـمـى الله والأمـلاكُ شــــــاهدةٌ** بـالـمـوعـظات وحدِّ السّيف والقـلــــــــم
مـن راحتَيْك النَّدى للنـاس قــــــــــاطبةً** والعفـوُ مـنك ببحـرٍ مـنك مـلـــــــــتطم
خذهـا إلـيك رسـولَ الله خـــــــــــالصةً** مـن الفؤاد ومدحـي غـيرُ متَّهــــــــــــم
سـوى الشفـاعةِ لا أرجـو لهـا بـــــــدلاً** فكـن شفـيعـيَ عـند الله مـن جُرُمــــــــي
وضغطةُ القبر أن تبقى مخــــــــــــــفَّفةً **عـنـي إذا بَلـيَتْ تحت الثرى رِممـــــــــي
وكـيف لا أمدح الهـادي وعتـــــــــــرتَه** عـلى لسـانـيَ واسمٌ طـاهـرٌ بفـمـــــــــي
وقـيل كلُّ امـرِئٍ يُهدي بقـيــــــــــــمته **هـذا مديحـي مـن الأعـمـاق فـاستلــــــم
بردة الشاعر بدوي حسين صقر ( 1313 - 1379 هـ)
طرقتُ بـابَ الرجـا والفـيضِ والــــــــحِكَمِ** وقـلـتُ والـبـدءُ بـاسم الـواحدِ الــــحَكَمِ
إنـي تـوسّلـتُ يـا مــــــــــولايَ مبتهلاً** ببـابكَ الأعـظـم الـمبعـــــــــوث للأمم
أزكى النـبـيّيـن بـل معـنى الـوجـودِ ومـن** له عـلـيـنـا أيـادي الجـودِ والنعــــــم
وبـالكريـمة فـي الـداريـن مـن فَضَلـــــتْ** كلَّ النسـاء بفـيضٍ غـيرِ مـنفصـــــــــــم
أعـنـي بـهـا الـبضعةَ الزهـراءَ فــــاطمةً** ذات الإغاثةِ والأفضـال والهـــــــــــمم
وبـالإمـام الهـمـام الـمستغاث بـــــــهِ** فـي النـائبـات مُبـيـدِ الهــــــمِّ والغمم
زوجِ الـبتـولِ أبـي السبطـيـن سـيّدِنـــــا** عـلـيٍّ الـمـــــــــرتضى الكرّارِ ذي الشِّيَم
وابنـيـه خـيري إمـامٍ فـي الأنـام ومـــن** سـادا جـمـيعَ شبـابِ العُرْب والعجــــــــم
رَيْحـانـتَيْ أحـمدٍ وابنـي كريــــــــــمتهِ** فُضلى النسـاءِ فـواصلْ حـبَّهــــــــــم ودُمِ
إلاّ الـمـودةَ فـي القـربى فـمـا نزلــــتْ** إلا لـتـنـبئنـا عـن فرض وِدّهـــــــــــم
هُمُ الكرامُ ذوو النجـداتِ مــــــــــن شددٍ **مـن خُصّصـوا بُعـلى الـتطهـيرِ والعـظـــــم
ومـنهـمُ الطـيبُ والخـيرُ الكثــــــير أتى** يـا حـبذا دعـوةُ الـمختـارِ ذي الـــــحِكَم
كذا بعـمَّيْ رسـول اللهِ سـيـدنـــــــــــا** أبـي عـمـارةَ بحـرِ الجـــــــــودِ والكرم
أعنـي بـه اللـيثَ فـي الهـيجـاء حـمزةَ مـن** له عـلـيـنـا جـمـيلُ الصنعِ مـــــــن قِدَم
والقَسْورِ الـبطلِ العبّاس كـافلنــــــــــا** كـنزِ العُفـاةِ مَلاذِ الـحـائرِ الـوجــــــم
هـو الجـوادُ أبـو الفضلِ الـــــــمؤمّل مَنْ*** فـاضت مكـارمُه فـي الكـون كـالـــــــدِّيَم
ووالـدِي الـمـصطفى الأطهـارِ أجـمعِهـــــم*** لا سّيـمـا والـداه مَعـدنـــــــــا العِصَم
وزوجِه أمّهـاتِ الـمؤمـنـيـــــــــــن ومَنْ*** مِن فضلهـنَّ أتـانــــــــــــا مُحكَمُ الكَلِم
بجـاهـهـم ربَّنـا والآلِ قــــــــــــاطبةً*** وكلِّ مـنـتظـمٍ فـي سلك عِقْدهـــــــــــــمِ
القول المليح في نهج بردة المديح"
الشيخ احمد السراج الرفاعي حفظه الله
طالت ليلي النوى يا حيرة العلم ** وصبرنا ضاق عن بحبوحة الألم
نيران أشوقنا أودت بمهجتنا ** ودفعنا من لهيب الشوق كالديم
تمر أيامنا بالوجد مثقلة ** ثقل الليالي تركن الجسم كالعدم
نسائل العيس إن مرت بساحتكم ** عن المصلى وذات الشيح والسلم
ونسأل الركب إن مروا بروضتكم ** عن النقا وضباء الجزع والرقم
قلوبنا هائمات في مرابعكم ** بين العقيق وبين السفح والعلم
ونسمة الفجر تحيينا وتنعشنا ** بنفحة القرب إن مرت بذي سلم
سقيا لأيامنا في سفح كاظمة ** وطيب أنس الليالي في ربا إضم
رياض أنس بها للقلب منتجع ** وللفؤاد نعيم غير منفصم
نود لوأننا في باب ساكنها ** نعد في زمرة الللاجين والخدم
هو الحبيب الذي عمت نوائله ** كل الخلائق من عرب ومن عجم
ساد الوجود فلا خلق يماثله ** فالكون عن مثل خير الخلق في عقم
ومن يداني أبا الزهراء في شرف ** ومن يباري أبا الزهراء في رهم
قد جاء بالدين يجلو كل مظلمة ** والدين يجلو ظلام الغي واللمم
جلى شموس الهدى والحقّ ساطعة ** حتى استضاء بنور الحقّ كل عمي
وقام بالشرع لا تخفى محجته ** إلا على حاقد بالجهل متسم
هو الذي خص بالإسراء معجزة ** أعيت عقول ذوي الألباب والفهم
ونال من حضرة التقديس منزلة ** جلت عن الوصف والتعبير بالقلم
لما اقتدى بك رسل الله قاطبة ** نوديت أنك خير الخلق كلهم
فليست الأرض غابات ملاعبها ** للوحش يأكل ما يلقى من النعم
لكنها روضة بالخير عامرة ** نعمة الدين فيها أعظم النعم
وليس يعمرها إلا غطارفة ** ساروا بنهج لغير الله لم يقم
باعوا نفوسهم لله خالصة ** لا يبتغون سوى رضوانه القمم
هم علمونا التقى من نشر سيرتهم ** فالبر في الكون من آثار برهم
المجد مقتبس من طول همتهم ** والعز ملتمس من طور عزهم
عليهم واردات الخير ماطرة ** من حضرة القدس تندي مسك تربهم
يا ربنا خذ بأيدينا لمنهجهم ** واجمع هوانا بشمل منك منتظم
واردد قلوبا عن الإيمان شاردة ** وأنفسا في عمى عنه وفي صمم
واجعل لنا مددا في كل معترك ** وكن لنا ناصرا في كل ملتحم
يا سيدي يا رسول الله يا سندي ** يا من هواه بقلبي كامن ودمي
هذا مديحك لاتحصى فرائده ** ومن يطيق مديح السيد الفهم
لكنه وجد قلب ثار ثائره ** من حبكم فتبدى كل منكتم
ونفحة من نداكم طاف واردها** فعطرت بشذاها المنتقى كلمي
وشمة من خزامى روضكم عبقت ** حيت فؤادي بعطر منك منتشم
وديمة منكم وطفاءها معة ** أجرت بقلبي بحور الشعر والحكم
أطفى جوى كبد حرى بوابلها ** ويرتوي كل قلب للمحب ظمي
أنتم حياة لنا نحيا بكم أبدا ** كالجسم منا بغير الروح لم يقم
إني قصدت كرام الحيّ ملتمسا ** طيب التنسم من آثار نشرهم
لعلي أمحو ذنوبا جمة عظمت ** فقد تعلقت في أطراف ذيلهم
واستميح لدى الجلى شفاعتهم ** فقد توسلت للمولى بوجههم
هم الكرام ولا يعدّ نوائلهم ** مثلي وقد لذت في أكناف حيهم
عليهم صلوات الله دائمة ** تعطر الكون من أنداء عطرهم
وألف ألف سلام كله أرج ** يحي قلوب الورى من طيب عرفهم
ما هب ريح الصبا يهدي لنا خبرا ** عنهم وما رنم الحادي بذكرهم
وما شدت جذلا من طيب سيرتهم **بلابل الحي تهوى أطيب النعم