من ذاق طعم شراب القوم يدريه = ومن دراه غدا بالروح يشريه
ولو تعوض أرواح جاد بها = في كل طرفة عين لا يساويه
وقطرة منه تكفي الخلق لو طعموا = فيشطحوا على الأكوان بالتيه
وذو الصبابة لو يسقى على عدد = الأنفاس والكون كأسا ليس يرويه
يروى ويظمأ ما ينفعك شاربه = يصحو ويسكر والمحبوب يسقيه
في ريه ظمأ والصحو يسكره = والوجد يظهره طوراً ويخفيه
يبدو له السر من آفاق وجهته = وليس الإله منه تبديه
له الشهادة غيب والغيوب له = شهادة والفناء المحض يبقيه
له لدى الجمع فرق يستضيء به = كالجمع في فرقة مازال يلقيه
يدنو ويعلو ويرنو وهو مصطلح = في الحالتين بتميز وتوليه
له الوجودات أضحت طوع قدرته = وما يشاء من الأطوار يأتيه
للقوم سر مع المحبوب ليس له = حد وليس سوى المحبوب يحصيه
به تصرفهم في الكائنات فما = يشاء شاؤا وما شاؤه يقضيه
إن كنت تعجب من هذا فلا عجب = لله في الكون أسرار ترى فيه
لا شيء في الكون إلا هو ذو أثر = فما المؤثر غير الله قاضيه
ليس التضادد مناعا لقدرته = من حيث تأتي تعاليه
وإنما من وجوه الحادثات له = تمنع في محل الظل يحويه
وللفقير وجوه ليس يحصرها = عدو كل وجود فهو واديه
لو كنت تدري وجود العبد كنت ترى = فيه الكمال كما النقصان تنفيه
والعبد هذا هو الحر الذي حصلت = له الخلافة جل الله معطيه
أوصافه ظهرت من وصف مبدعه = وكل مظهره يبدى نجليه
إذا رؤى ذكر المولى برؤيته = وفاز بالسعد والتقريب رائيه
عبد عليه سمات العز لائحة = وخلعة العز والتحكيم عاليه
إن كنت تقصد أن تحظى بصحبته = فاسلك على سنن طابت مساعيه
أخلص ودادك صدقا في محبته = وألزم ثرى بابه وأعكف بناديه
واستغرق العمر في آداب صحبته = وحصل الدر والياقوت من فيه
وابذل فؤادا في أوامره = إلى الوفاق وبادر في مراضيه
واحذر بجهدك أن تأتي ولو خطأ = مالا يحب وباعد عن مناهيه
وكن محب محبيه وناصرهم = وألزم عداوة من أضحى يعاديه
والعلم يقينا أن الله ناصره = إن لم يكن ناصر فالله يكفيه
وانزل الشيخ في أعلى منازله = واجعله قبلة تعظيم وتنزيه
ولست تفعل هذا ا ظننت به = نقصا ولا خللا فيما يعانيه
واترك مرادك واستسلم له أبدا = وكن كميت تحلى في أياديه
اعدم وجودك لا تشهد له أثرا = ودعه يهدمه طورا ويبنيه
متى رأيتك شيئا كنت محتجبا = برؤية الشيء عما أنت ناويه
ولا ترى أبدا عنه غنى فمتى = رأيت عنه غنى يخشى تناسيه
إن اعتقادك ان لم تأت غايته = فيه فيوشك إن تخفى مباديه
وغاية الأمر فيه أن تراه على = نهج الكمال وان الله هاديه
ومن امارة هذا إن تؤول ما = عليك أشكل إظهار لخافيه
والمرء إن يعتقد شيئاً وليس كما = يظنه لم يخب فالله معطيه
وليس ينفع قطب الوقت ذا خلل = في الاعتقاد ولا من لا يواليه
ونظرة منه إن صحت إليه على = سبيل ود بإذن الله تغنيه
والناس عبدان مجذوب وسالك ما = دعا إليه بتعليم وتنبيه
والجذب أخذة عبد بغتة بيدي = عناية نحو أمر ليس ينويه
هو المراد ومخطوب العناية لا = يحس كلفة تكليف تلاقيه
طور أيرد عليه الحسن تكملة = له فيقصد ما قد كان ناويه
تراه يعبد لا يلوى على شغل = سوى العبادة يستحلى تفانيه
وقد يغيب عن الإحساس مختطفا = وذو العناية حفظ الحق يحميه
وترى الحقائق تبدو منه في نسق = مع الكشوف لأن الله يلقيه
وذو السلوك تراه في بدايته = بجاهد النفس ذا رعى لباقيه
يمشي على نهج أهل الصدق ملتزما = شروطهم خائفا مما يرجيه
كم من مريد قضى ما نال بغيته = حق القضاء عليه في تقاضيه
وكم من مريد وليّ من بعد عزمه = يهوى به الحظ في أهوى مهاويه
والجذب إن جاء من بعد السلوك له = فضل على الجب مما السعي تاليه
فالجذب هذا الذي التفضيل فيه هو = الجذب الذي ظهرت حسا بواديه
وفي الحقيقة لولا الجذب ما سلكت = طريق حق ولا رئيت مرائيه
أولا العناية والتخصيص قد سبقا = في دعوة العبد ما قامت دعاويه
إن المريد مراد والمحب هو الـ = محبوب فأستمل هذا من أماليه
إن كان يرضاك عبدا أنت تعبده = وان دعاك مع التمكين تأتيه
ويفتح الباب إكراما على عجل = ويرفع الحجب كشفا عن تدانيه
وثم تعرف ما قد كنت تجهله = مما عن الحصر قد جلت معانيه
وترتوي من شراب الأنس صافية = يا سعد من يأت مملوء بصافيه
وصل يا رب ما غنت مطوقة = على النبي صلاة منك ترضيه[