قصيدة النادرات العينية
لسيدي عبدالكريم الجيلي (( سلطان المحبين ))
فؤاد به شمس المحبة طالع * * * وليس لنجم العزل فيه موانع
صحا الناس من سكر الغرام وما صحا * * * وافرق كل وهو في الحان جامع
حمي هواه غير قهوة غيره * * * مدام دواما تقتنيها الأضلع
هوى و صبابات ونار محبة * * * وتربة صبر قد سقتها المدامع
أولع قلبي من زرود بمائه * * * ويا ولهى كم مات ثمة والع
ولى مطمع بين الإرجاع عهده * * * قديم وقد خابت هاك المطامع
أيا زمان الزند الذي بين لعلع * * * تقضى لنا هل أنت يا عصر راجع
لقد كان لي في ظل جاهك مرتع * * * هني ولي بالرقمتين مراتع
أجر ذيول اللهو في ساحة اللقا * * * و اجني ثمار القرب وهى ايانع
واشرب كأس الوصل راحا براحة * * * تصفق بالرايات منها الأصابع
تصرم ذلك العمر حتى كأنني * * * أعيش بلا عمر وللعيش مانع
مذ أغبر خضر العيش وابيضت لمتى * * * تسود صبحى فالدموع فواقع
وسرب من الغزلان فيهن فتية * * * لنا منهن في سقط الغوير روائع
غفرن بدورا مذ قلمنا عقاربا * * * من الشعر خلنا أنهن براقع
رعى الله تلك السرب ورعى الحمى * * * ولا صنعت سربا و أى صنائع
صليت بنار أضرمتها ثلاثة * * * غرام وشوق والديار الشواسع
يخيل لي أن العذيب وماءه * * * مدام ومن فرط الغرام الأجارع
فلا نار إلا ما فؤادى محله * * * وما السحر إلا ما الجفون تدافع
ولا وجد إلا ما أقاسيه في الهوى * * * ولا موت إلا ما إليه أسارع
فلو قيس ما قاسيته بجهنم * * * من الوجد كان بعض ما أنا جارع
جفونى بها نوح فطوفانها الدما * * * ونوحى رعد والزفير اللوامع
وجسمى به أيوب قد حل للبلا * * * وإن مسنى ضر فما أنا جازع
وما نار إبراهيم إلا كجمرة * * * من الجمرات قد حوتها الأضالع
نرى في بحر الصبابة يونس * * * تلقمه حوت الهوى وهو خاشع
وكم في فؤاد شعيب كآبة * * * تشعب إذا شطت مزارا مراتع
حكى زكريا وهن عظمى من الضنا * * * ايحى اصطباري وهو في الموت واقع
أيا يوسف الدنيا لفقدك في الحشا * * * من الحزن يعقوب فهل أنت راجع
أتينا تجار الذل نحو عزيزكم * * * وأرواحنا المزجاة تلك البضائع
فإن تكُ عطفا أنت أهل لأهله * * * أما أن يكن دون اللقا موانع
تحكم بما تهواه في فإننى * * * فقير لسلطان المحبة طائع
فكل الذي يقضيه في رضاكم * * * مرامى وفوق القصد ما أنت صانع
حببتك لا لي بل لأنك أهله * * * ومالي في شيء سواك مطامع
فَصِل وإن تُرِد ودع وعدا عن اللقا * * * واوعد وعد وعدا فما أنا قانع
وأشغلنى شغلى بها عن سوائها * * * وأذهلنى عن الهوى والجوامع
وقد فتكت روحى بقارعة الهوى * * * وأفنيت عن نحوى بما أنا قارع
تلذ لي الألام إذا أنت مسقمى * * * وإن تمتحنى فهى عندى صنائع
مقام الهوى عندى مقامى فكننته * * * وغيبت عن كوني فعشقى جامع
غرامى غرام لا يقاسى بغيره * * * ودون هيامى للمحبين مانع
فؤادى والتبريح للروح لازم * * * وسقمى والألام للجسم تابع
وبصري و أشجاني وشوقي ولوعتي * * * لجوهر ذاتي في الغرام طبائع
وشوقي نار والهوى فهو الهوى * * * وتربى والماء ذلتي والمدامع
يلوم الورى نفسى لفرط جنونها * * * وليس بأذنى للملامة سامع
ومذ أودعت أحشائي حبك إنني * * * لسهم قسي النائبات مواقع
ومالي إن حل البلا التفاتة * * * ومالي وإن جاء النعيم مراتع
ولاأنا من يسلو ببعض غرائب * * * عن بعض بل بالكل ما أنا قانع
وشوقي ما شوقي وقيت فإنه * * * جحيم له بين الضلوع فراقع
.....................................................................................................
وبي كمد لو حملته جبالها * * * لدكت برضواها وهدت صوامع
يخيل لي أن السماء على الثرى * * * طباقا وأنى بين ذلك واقع
ولى كبد حراء من جزع بها * * * عليك ولم تبرد عليك مصالع
ونفسي نفس أى نفس أبيه * * * ترى الموت نصب العين وهى تسارع
فهمي وفهمي ذا عليك وفيك ذا * * * وجدى ووجدى زائد ومتابع
وعزمى زعمى أنه فوق كلها * * * تَرائى ودمعى إنما هو نافع
تسامر عين المدى لسهادها * * * وتسأل بل ما سال إلا المدامع
ويطرق منك الطيف جفني بغيبتى * * * وكم زاره طيف وما هو هاجع
يخبرني عنك الصبا وهو جاهل * * * فتلتذ من أخباركم المسامع
إذا أزمر من ورق على غصن بانه * * * وجاوب قمرى على الأيل ساجع
فأذنى لم تسمع سوى نغمة الهوى * * * ومنكم فإني لا من الطير سامع
وعن أى أمن كان إن هب ضائع * * * لكم فيه من عطر الغرام بضائع
وإن زجر الرعد الحجازي بالصفا * * * وابرق من شعب الجياد لوامع
يصور لي الوهم المخيل أن ذا * * * ثناك وهذا من ثناياك ساطع
فاسمع عنكم وكم أخرس ناطقا * * * وأشهدكم في كل شيء أطالع
إذا شاهدت عينى جمال ملاحة * * * فما نظرى إلا بعينك واقع
وما هز من غصن فتى تحت طلعة * * * من البدر أبدت ما خفتها الأضالع
ولا سلسلت أعناقها بغرامها * * * تصافيق جهد حطهن وقائع
ولا نقطت خال الملاحة بهجة * * * على وجنة إلا وحرقك طالع
فأنت الذي لي فيه يظهر حسنه * * * به لا بنفس ما له من ينازع
وإن حس جلدي من كثيف خشونة * * * فلي فيه من ألطاف حسنك دارع
تخذتك وجها والأنام بطانة * * * فأنجمهم غابت وشمسك طالع
فديني وإسلامي وتقواي إنني * * * بحبك فان لا تتمارك طائع
وإذا قيل قل لا قلت غير جمالها * * * وإن قيل إلا قلت حسنك شائع
أصلى إذا صلى الأنام وإنما* * * صلاتي بأني لاعتزازك خاضع
أكبر في التحريم ذاك عن السوى * * * و باسمك تسبيحي إذ أنا خاشع
أقوم أصلى أي أقوم على الوفا * * * بأنك فرد واحد الحسن جامع
وأقرأ في قرآن حسنك آية * * * فذلك قرآني إذا أنا راكع
فاسجد كي أفنى وأفنى عن الفنا * * * وأسجد أخرى والمتيم و الع
وقلبي مذ أبقاه حسنك عنده * * * تحياته منكم إليكم تسارع
صيامي هو الإمساك عن رؤية السوي * * * وفطري أنى نحو وجهك راكع
وبذلي نفسي في هواك صبابة * * * زكاة جمال منك في القلب ساطع
أرى مزج قلبي مع وجودي جنابة * * * فماء طهورى أنت والغير مائع
أيا كعبة الآمال وجهك حجتي * * * وعمرة نسُكى أنى فيك والع
وتجريد نفسي من مخيط ثيابها * * * بوصل وإحرام عن الغير قاطع
ويلتز منى أنى أدلك مهجتي * * * لما منك في دار من الحسن مانع
كأن صفات منك تدعو إلى العلا * * * فرت بقلبي فاستبانت شو اسع
فتركى لطيب النكاح فان ذا * * * صفاتي وذا ذاتي فهن موانع
وإعفاء حلق الرأس ترك رئاستي * * * وشرط الهوى أن المتيم خاضع
إذا ترك الحجاج تقليم ظفرهم * * * تركت من الأفعال ما أنا صانع
وكنت كآلات وأنت الذي بها * * * تصرف بالمقدور ما هو واقع
وما إن جبري للعقيدة إنني * * * محب فنى فيمن حوته الأضالع
فها أنا في تطواف كعبة حسنها * * * أدور ومعنى الدور أنى راجع
ومذ علمت نفسى طوافك سبعة * * * فا عداد تطوافى في جمال سوابع
أقبل خال الحسن والحجر الذي * * * لنا من قديم العهد فيه ودائع
ومعناه أن النفس فيها لطيفة * * * بها تقبل الأوصاف والذات شائع
واستلم الركن اليماني إنه به * * * نفس الرحمن والنفس سالع
واختم تطواف الغرام بركعة * * * من المحو عما أحدثته الطبائع
ترى هل لموسى القلب في زمزم اللقا * * * مراضع لا حرمت تلك المراضع
فيذهب وصفى في صفات صفاتكم * * * ليسعى لمرو الذات منى يسارع
وليس الصفا إلا الصفا ومروة * * * بأنى على تحقيق حقى صارع
وما القصد إلا عن سواكم حقيقة * * * وما الحلق إلا ترك ما هو قاطع
ولا عرفات الوصل إلا جنابكم * * * فطوبى لمن في حضرة القرب يانع
على علمى معناك ضدان جمعا * * * ويا لهفى ضدان كيف التجامع
بمزد لفات في طريق غرامكم * * * عوائق من دون اللقا وقواطع
فإن حصل الإشعار في زمزم اللقا * * * وساعد جذب العزم فالفوز واقع
على مشعر التحقيق عظمت في الهوى * * * تبعا بحكم أصلته الشرائع
وكم من منى لي في منى حضراتكم * * * ويا حسرتى أن المحشر شاسع
رميت جمار النفس في الروح فانثنت * * * جهنما ماء وصاحت ضفادع
وأبدل رضوان بمالك وابدلت * * * بها شجرة الجرجير والغصن يانع
ففاضت على ذاتى ينابيع وصفها * * * وناهيك صرف الحق تلك الينابع
وطفت طوافا الإفاضه بالحمى * * * وقمت مقاما للخليل أتابع
فمكنت من ملك الغرام وهاأنا * * * مليك وسيفى في الصبابة قاطع
وحققت ملك اقتدار جميع ما * * * تضمنه ملكى ومالي منازع
ولما قضينا النسك من حجة الهوى * * * وتمت لنا من حى ليلى بدائع
حثثنا مطايا العزم نحو محمد * * * وطفنا وداعا والدموع هوامع
وجبنا بتهنئة النفوس مفاوزا * * * سباسب فيها للرجال مصارع
حمى داست في العالمين طريقة * * * فعز وكم قد خاب في العز طامع
محل بحال القرب حالت رسومه * * * وأوج منيع دونه البرق لامع
ينكس رأس الريح عند ارتفاعه * * * فكم زال عنه السحب والغيث هامع
حوى تحته بهرام في الأوج ساجدا * * * وكيوان من فوق السموات راكع
فكم رامح مذ راما صار أعزلا * * * وفى قلبه عقرب الفقر لاذع
سريت به والليل أوجى من العمى * * * على باذل أفديه ما هو طائع
يجوب الفلا جوب الصواعق في الدجى * * * ويرحل عن مرعى الكلا وهو ضائع
وإن مر بعد العسر بالماء انه * * * على ظما من ذاك باليسر قانع
هى النفس نعمت مركبا ومطيه * * * فليس لها دون المرام موانع
فيا سعد إن رمت السعادة فاغتنم * * * فقد جاء في نظم البديع بدائع
مفاتيح أقفال أتتك في * * * خزائن أقوالى فهل أنت سامع
كشفت عن أسرار الشريعة فانحها * * * فما وضعت إلا لتلك الشرائع
وها أنا ذا اخفى وأظهر تارة * * * لرمز الهوى ما السر عندى ذائع
وإليك أعنى وإسمعى جارتى وما * * * يصرح إلا جاهل أومخادع
ولكنى أتيك بالبدر أبلجا * * * وأخفيه أخرى كى تصان الودائع
خذ الأمر بالإيمان من فوق أوجه * * * ونازع إذا الفتيا أتتك تنازع
فللمرء في التنزيل أوفى أدلة * * * ولكن قلبى في الحقيقة والع
وفى السنة الزهراء كل عبارة * * * بها من إشارات الغرام وقائع
فإن كنت فيمن ماله يد ماجد * * * سوى أن بتصريح التشكيل قانع
وأخفيه أخرى كى تصان الودائع * * * خذ الأمر بالإيمان من فوق أوجه
ونازع إذا الفتيا أتتك تنازع * * * فللمرء في التنزيل أوفى أدلة
ولكن قلبى في الحقيقة والع * * * وفى السنة الزهراء كل عبارة
بها من إشارات الغرام وقائع * * * فإن كنت فيمن ماله يد ماجد
سوى أن بتصريح التشكيل قانع * * * سانشى روايات إلى الحق اسندت
وأضرب مثالا بما أنا واضع * * * وأوضع بالمعقول سر حقيقة
لمن هو ذو قلب إلى الحق راجع * * * سانشى روايات إلى الحق اسندت
وأضرب مثالا بما أنا واضع * * * وأوضع بالمعقول سر حقيقة
لمن هو ذو قلب إلى الحق راجع * * * تجلى حبيبى في مرائى جماله
ففى كل مرائى للحبيب طلائع * * * فلما تبدى حسنه متنوعا
تسمى أسماء فهن مطالع * * * وأبرز منه فيه آثار وصفه
فذالكم آثار من هو صانع * * * فأوصافه والأسم والأثر الذي
هو الكون عين الذات والله جامع * * * فما ثم من شيء غير الله في الورى
وما ثم مسموع وما ثم سامع * * * هو الكون عين الذات والله جامع
فما ثم من شيء غير الله في الورى * * * وما ثم مسموع وما ثم سامع
هو العرش والكرسى والمنظر العلى * * * هو السدرة التى إليها المراجع
هو الأصل حقا والرسوم مع الهوا * * * هو الفلك الدوار وهو الطبائع
هو النور والظلمات والماء والهوا * * * هو العنصر النارى وهو الطبائع
هو الشمس والبدر المنير مع السما * * * هو الأفق وهو النجم وهو المواقع
هو المركز الحكيم والأرض والسما * * * هو المظلم العاتم وهو اللوامع
هو الدار وهو الحى والأثل والغضا * * * هو الناس والسكان وهو المرابع
هو الحكم والتأثير والأمر والقضا * * * هو العز والسلطان والمتواضع
هو اللفظ والمعنى وصورة كلما * * * يجول من المعقول أوهو واقع
هو الجنس وهو النوع والفصل إنه * * * هو الواجب الذاتى والمتمانع
هو العرض الطارى نعم وهو جوهر * * * هو المعدن الصلدى وهو الموالع
هو الحيوان الحى وهو حياته * * * هو الوحش والإنس وهو السواجع
هو القيس بل وليلى وهو بثينة * * * أجل نشرها والخيف وهو الأجارع
هو العقل وهو النفس والقلب والحشا * * * هو الجسم وهو الروح والمتدافع
هو الموجد للأشياء وعين وجودها * * * وعين ذوات الكل وهو الموانع
بدت من نجوم الخلق أنوار شمسه * * * فلم يبق حكم النجم والشمس طالع
حقائق ذات في مراتب حقه * * * تسمى بإسم الخلق والخلق واسع
وفى فيه روحى نفخت كناية * * * هل الروح إلا عينه يا منازع
ونزهه عن حكم الحلول فماله * * * سوى ولى توحيده الأمر راجع
فيا أحدى الذات في عين كثرة * * * ويا موجد الأشياء ذاتك شائع
تجليت في الأشياء حين خلقتها * * * فها هى ميطت عنك فيها البراقع
قطعت الورى من ذات نفسك قطعة * * * ولم تك موصولا ولا فصل قاطع
ولكنها أحكام رتبتك اقتضت * * * ألوهية للضد فيك التجامع
فأنت الورى حقا وأنت إمامنا * * * وإنك ما يعلو وما هو واضع
وما الخلق في التمثال إلا كثلجة * * * وأنت بها الماء الذي هو نابع
فما الثلج في تحقيقنا غير مائه * * * وغير ان في حكم دعته الشرائع
ولكن بذوب الثلج يرفع حكمه * * * ويوضع حكم الماء والأمر واقع
تجمعت الأضداد في واحد البها * * * وفيه تلاشت فهو عنهن ساطع
فكل بهاء في ملاحة صورة * * * على كل قد شابه الغصن يانع
وكل أسودا وفى تصافيق طرة * * * وكل احمرار في الطلائع صانع
وكل كحيل الطرف يقتل حبه * * * بماض كسيف الهند حال المضارع
وكل اسمرار في القوائم كالقنا * * * عليه من الشعر الوسيم شرائع
وكل مليح بالملاحة قد زها * * * وكل جميل بالمحاسن بارع
وكل لطيف جل أو دق حسنه * * * وكل جليل وهو باللطف صادع
محاسن من أنشاه ذلك كله * * * فوحد ولا تشرك به فهو واسع
وإياك لا تلفظ بغيريا في البها * * * فما ثم غير وهو في الحسن بارع
وكل قبيح إن نسبت لحسنه * * * أتتك معانى الحسن فيه تسارع
ولا تحسبن الحسن ينسب وحده * * * إليه البها والقبح بالذات راجع
يكمل نقصان القبيح جماله * * * وما ثم نقصان وما ثم يانع
ويرفع مقدار الوضيع جلاله * * * إذا لاح فهو للوضيع رافع
فلا تحتجب عنه لشيء بصورة * * * مخلفا حجاب العين للنور لامع
وأطلق عنان الحق في كل ما ترى * * * فتلك تجليات من هو صانع
لقد خلق الأراضين بالحق والسما * * * كذا جاء في القرآن إن أنت سامع
وما الحق إلا الله لا شيء غيره * * * فشم شذاه فهو في الخلق ضائع
وشاهده حقا منك فيك فإنه * * * هويتك اللاتى بها أنت والع
ففى أينما حقا تولوا وجوهكم * * * فما ثم إلا الله هل من يطالع
فبع منك نفسا بالإله وكنهه * * * تكون كما إن لم تكن وهو صادع
ودع عنك أوصافا بها كنت عارفا * * * لنفسك فيها للإله ودائع
وشاهد بوصف الحق نفسك أنت * * * هولا تلتبس للحق ما أنت خاضع
وكن باليقين الحق للخلق حاجدا * * * وجمعك خلة إن فرقك قاطع
ولا تحتقر بالاسم فالاسم دارس * * * ولا تحتقر بالعين فالعين تابع
وإياك حزما لا يهو لك أمرها * * * فما نالها إلا الشجاع المقارع
حنا نيك واحذر من تأدب جاهل * * * فيا رب آداب لقوم قواطع
وكن ناظرا في القلب صورة حسنه * * * على هيئة للنفس يظهر طابع
فقد صح في متن الحديث تخلقوا * * * بأخلاقه ما للحقيقة مانع
فقد صح في متن الحديث (( تخلقوا * * * بأخلاقه )) ما للحقيقة مانع
وها هو سمع بل لسان أجل بدا * * * لنا هكذا بالنقل أخبر شارع
فعم قوانا والجوارح كونه * * * لسانا وسمعا ثم رجلا تسارع
وكنا شواهد للجوارح والقوى * * * هو الكل منا ما لقولى دافع
ويكفيك ما قد جاء في الخلق إنه * * * على صورة الرحمن آدم واقع
ولو لم يكن في وجه آدم عينه * * * لما سجد الأملاك وهى خواضع
ولو شاهدت عين لإبليس وجهه * * * على آدم لم يعص وهو مطاوع
ولكن جرى المقدور فهو على عمى * * * عن العين إذ حالت هناك موانع
ولا تك من إبليس في شبه سيره * * * ودع قيده العقلى فالعقل رادع
وخض في بحار الاتحاد منزها * * * عن المزج بالأغيار إن أنت خاشع
وإياك والتنزيه فهو مقيد * * * وإياك والتشبيه فهو مخادع
وشبهه في تنزيه سبحات وجه * * * ونزهه في تشبيه ما هو ضارع
وقل هو ذابل غيره وهو غير ما * * * عرفت وعين العلم فالحق شائع
ولا تك محجوباً برؤية حسه * * * عن الذات أنت الذات أنت المجامع
فعينك شاهدها مجداً لأصلها * * * فإن عليها للجمال لوامع
أنيتك التى هى القصد والمنى * * * بها الأمر مرموز وحسنك بارع
ونفسك تحوى بالحقيقة كلما * * * أشرت بجد القول ما أنا خادع
تهنى بها وأعرف حقيقتها وما * * * كعرفانها شئ لذاتك نافع
فحقق وكن حقا فأنت حقيقة * * * لحقك والمخلوق بالذات جامع
ووجده في الأشياء فهو متره * * * وخلف حجاب الكون للنور ساطع
ولا تطلبن فيها الدليل فإنه * * * وراء كتاب العقل تلك الوقائع
ولكن بإيمان وحسن تتبع * * * إذا رمت جاءتك الأمور توابع
وإن قيدتك النفس فاطلق عنانها * * * وسر معها حتى تهون الوقائع
وبرهن لها التحقيق عقلاً مقيداً * * * بنقل به جاءت إليك شرائع
فثم أصول في الطريق لأهلها * * * رهن إلى سبل النجاة ذرائع
تمسك بها تنجو وزن كل وارد * * * بقسطاسها عدلاً فثم قواطع
ودع ما تراه مال عن خط عدلها * * * إلى أن تناجيك الشموس الطوالع
فذاك سبيلى رده إن ترد العلا * * * ولا تعد عنه تعتريك قواطع
وإني ومن في الحب أهدى بهديه * * * بأنك لا تهدى من أحببت قانع
فدع عنك دعوى القول في نكت الهوى * * * فراحلة الألفاظ في السير طالع
وسر في الجوى بالروح واصغ إلى الهوى * * * لتسمع منه سر ما أنت والع
ومن دون هذا الاستماع مهالك * * * وما كل أذن فيه تلك المسامع
فشمر ولذ بالأولياء لأنهم * * * لهم من كتاب الله تلك الوقائع
هم الذخر للملهوف والكنز للرجا * * * ومنهم ينال الصب ما هو طامع
بهم يهتدى للعين من ضل في الهوى * * * بهم تجذب العشاق والربع شاسع
هم القصد والمطلوب والؤال والمنى * * * وأنسهم للصب في الحب شائع
هم الناس فالزم إن عرفت جنابهم * * * ففيهم لضير المعالمين منافع
وإن جهلوا فانظر بحسن عقيدة * * * إلى كل ما تلقاه بالفقر ضارع
وحافظ مواقيت الإرادة قائما * * * بشرع الهوى إن أنت في الحب شارع
وداوم على شرطين ذكر أحبه * * * وتسليك نفس للخلاف تسارع
ولا تهملن ذكر الأحبة لمحة * * * فميل الفتى عما يحاول رادع
وإذا ساعد المقدور أوساقك القضا * * * إلى شيخ حق في الحقيقة بارع
فقم في رضاه واتبع لمراده * * * ودع كلما من قبل كنت تسارع
وكن عنده كالميت عند مغسل * * * يقلبه ما شاء وهو مطاوع
ولا تعترض فيما جهلت من أمره * * * عليه فإن الإعترض تنازع
وسلم له فيما تراه ولو يكن * * * على غير مشروع فثم مخادع
ففى قصة الخضر الكريم كفاية * * * بقتل غلام والكليم يدافع
فلما أضاء الصبح عن ليل سره * * * وسل حساماً للغياهب قاطع
أقام له العذر الكليم وإنه * * * كذلك علم القوم فيه بدائع
وواطب شهود الحق فيك فإنه * * * هو الحق والأنوار فيك سواطع
ورق مقام القلب عن نجم ربه * * * إلى قمر الرحمن إذ هو طالع
إلى شمس تحقيق الألوهية رافعاً * * * إلى ذاته في العذر إن أنت رافع
فلله خلف الإسم والوصف مظهر * * * وعنه عيون العالمين هواجع
وليس ترى الرحمن إلا بعينه * * * وذلك حكم في الحقيقة واقع
وإياك لا تستبعد الأمر إنه * * * قريب على من فيه للحق تابع
وها أنا ذا أنبيك عن سبل الهوى * * * وأفصح عما قد حوته المشارع
أقص حديثاً تم لي عن بدايتى * * * لنحو انتهائى عله لك نافع
برزت من النور الإلهى لمعة * * * لحكمة ترتيب اقتضتها البدائع
إلى سقف عرش الله في افق العلا * * * ومنه إلى الكونين وهى تسارع
إلى القلم الأعلى ولبى منه مدة * * * إلى اللوح لوح الأمر والخلق واسع
إلى المنتهى السامى وقبل مكرماً * * * نزلت الهيولى وهو للخلق جامع
هناك تلقتنى العناصر حكمة * * * ومنها أحلتنى حماها الطبائع
وأنزلنى المقدور في أوج أطلس * * * هو الفلك العالى الذرى وهو تاسع
ومنه هبوطى للكواكب نازلاً * * * على فلك كيوان ثمة سابع
فلما نزلت المشترى وهو سادس * * * سماء به للكون في السعد تابع
أتيت سما بهرام من بعدها بطا * * * على فلك الشمس والشمس رابع
وبالكرة الزهراء أعنى سماءها * * * حثثت مطايا السير والدار شاسع
على كاتب الأفلاك وهو عطارد * * * وفدت فكانت لي هناك مرابع
فبالقمر الباهى نزلت وشرعت * * * على الفلك النارى الأشد شرائع
ومنه هواء الأمر في فلك الهوى * * * ركائب عزم مالهن موانع
وبالكرة المائية العين إذ سرت * * * إضافة ركب العزم فيها البلاقع
وهذا نزول الجسم من عند ربه * * * وللروح تنزيل لخلق متابع
و ذلك أن الروح في المركب الذي * * * لها هي روح الحق فافهم أسامع
فليس لها فيه هبوط منزل * * * وليس لها فيه صعود مرافع
وذلك للأرواح أخلق حقيقة * * * وذلك تنزيل لها وقواطع
ففى المثل المفروض وجه تنوعت * * * سرائره حتى بدا متتابع
فيبرز في حكم المرات إلى الورى * * * على الجرم والمقدار إذ ذلك طابع
فتنويعها ذلك التجلى هو الذي * * * تسميه روحاً وهو بالنفخ واقع
وإلا فلا اسم غير …...... * * * ……..................……
……..................…… * * * وليس له إلا الصفات مواضع
تنزه ربى عن حلول بقدسه * * * وحاشاها بالاتحاد بواقع
ومهما تجد الروح جسما فإنها * * * لتصوير ذاك الجسم في الصور تابع
فيتبعها في صورها وارتفاعها * * * ويتبعه إن جر يوماً طبائع
فمن سبقت لله فيه عناية * * * فغير مكوث في التراب يسارع
فإن روفقت بالتزكيات رقت به * * * إلى المركز العالى الذي هو رافع
وإن ضعفت واستولت النفس والهوى * * * فكن تبعاً للجسم إذ قام تابع
فشقى به في سجن طبع ولو رقت * * * به كان مسعوداً وفى العز راتع
وإن نزول الجسم للخلق في الثرى * * * سواء فما من بعد ذلك تنازع
ومن بعدته السابقات فإنه * * * له بين نبت والثريا تراجع
……................ * * * ……..................
تركت لها الأسباب شغلاً بحبها * * * ووجداً بنار قد حوتها الأضالع
وأشغلنى شغلى بها عن شواغلى * * * وفيها فإني للعذار مخالع
خلعت عذارى في الهوى وزهدت في * * * مكانى وإمكانى وما أنا جامع
وألقيت إنسانى فألقيت مهجتى * * * وجافيت نومى بل جفتنى المضاجع
وسلمت نفسى للصبابة راضيا * * * بحكم الهوى تحت المذلة خاضع
وفوضت أمرى في هواها توكلاً * * * ليقطع في حكمى بما هو قاطع
فأنزلنى من أوج عزى ذلة * * * فلى بعد رفع الإقتدار تواضع
عنيت فأغنانى عنائى بحبها * * * وعندى أمان نحوها وضرائع
طرحت على أرض الهوان رئاستى * * * لها نعمة طرحاً لقدرى رافع
لبست لباس الوجد فيها خلاعة * * * لباس الهوى في الحب ما أنا خالع
وقد أودعتنى تربة الذل والشقا * * * وجرد راجى راحل وموادع
ولى في هواها هتكة وتبذذ * * * على أن قلبى في هواها مضارع
جعلت اعتقادى في هواها وسيلتى * * * فيا ضعف مشفوع له الفقر شافع
وجئت إليها راغباً متولها * * * ولكن بها منى إليها أسارع
سكنت الفلا مستوحشا عن أنيسها * * * ومستأنساً بالوحش هن رواتع
أنوح فتشجينى حمام سواجع * * * وأبكى فتحكينى غمام هوامع
ولى إن عوى ذيب على فقد إلفه * * * زفير له في الخافقين ضرائع
وإن غردت قمرية فوق أيكة * * * وجاوب قمرى على الأيك ساجع
فإني لآفاتى وتكدر لو عتى * * * بتلك الفيافى والظلام أراجع
ولى بمريض الجفن سقم مبرح * * * ولى في عصى القلب دمع مطاوع
نحلت من الآلام حتى كأننى * * * مقدر مفروض وما هو واقع
فلو نقط الخطاط حرفاً لهيكلى * * * على سطح لوحى ما رآه مطالع
فجسمى وأسقامى محال وواجب * * * ودمعى وخدى أحمر وفواقع
أسائل من لا قيت والدمع سائل * * * عن القلب والسكان والقلب جازع
تجارب صبرى والكرى فتباينا * * * وسالم قلبى الحرق فهو مبائع
وقد قيدت بالنجم أهداب مقلتى * * * كما أطلقت عن قيدهن المدامع
وأسقط قدرى في الهوى شنعة الهوى * * * و عندى أن العز تلك الشنائع
فكم مر بي من كنت أرفع قدره * * * كأنى له من بعد ذلك واضع
وينكف إن ألقاه بي متطيراً * * * ومالي إن حدثته لي سامع
فمالى في الأحياء إن عشت صاحب * * * ومالي حقاً إذا أموت مشائع
ولا لي إن حدثتهم من محاديث * * * ولا إذ دهانى الخطب فيهم مدافع
كأن لم أكن في الحى أرفع أهله * * * مكاناً وقدرى في المكانة رافع
ذللت إلى أن خلت أنى لم أزل * * * أذل لهم قدراً فها أنا خاضع
وأحسب أن الأرض تنكف أن ترى * * * ولى في ثراها مذهب ومشاع
رعى الله إخواناً رعوا لمودتى * * * فهن لقلبى حين كن توابع
نعم وسقى وجد مدى الدهر مؤنسى * * * فكم لك يا وجدى على صنائع
فيا زفراتى أصعدى وتنفسى * * * فقد هبطت من ضيق جفنى المدامع
ويا كبدى في الحق ذوبى صبابة * * * ويا كمدى دم إننى بك يانع
ويا جسدى هل فيك من رمق فما * * * أراك سوى بالوهم عندى طالع
ويا مهجتى الرسم منك قد أندرس * * * ويا طلل الأحشاء فجعك صادع
ويا جفنى المقروح قد فنى الدما * * * ويا قلبى المجروح هل أنت فازع
ويا ذاتى المعدوم هل لك بعثة * * * ويا صبرى المهزوم هل أنت راجع
ويا خفقان القلب زدنى كآبة * * * وبنار وجدى قدمنين أضالع
ويا نفسى الحراء موتى تلفها * * * فما لك في ذنب المحبة شافع
ويا روحى المبعوث صبراً على البلا * * * ويا عقلى المسلوب هل أنت راجع
ويا ما بقى في الوهم منى وجوده * * * عدمتك شيئاً وقعه متمانع
ويا مسقمى زدنى أسى وتبددا * * * فليس لسقمى غير صبرى نافع
ويا عاذلى كم تعذلنى وإن أكن * * * إلى العذل أصغى فللذكر سامع
ويا قاضيا في الحب يقضى بعدله * * * تحكم بجور إننى لك طائع
جعلت وجودى ما يمن لها به * * * وإن وجودى مكرة وخدائع
فمن مصر أرضى قد خرجت المدين ال * * * على وشعيب القلب فيه صرائع
تلاقيت بنتى عادتى وطبائعى * * * يذودان أغنامى ومائى نابع
سقيت من الماء الغنيم غنائمها * * * ومن رعى زهر العلم هن شوابع
وجاء على استحياء ذاتى بربها * * * بتوحيدها إحداهما وتسارع
فلما تزوجت الحقيقة صنتها * * * وأمهرها منى حماة شرائع
صعدت معالي طور قلبى منادياً * * * لربى حتى أن بدت لي لوامع
وخلفت أهلى وهى نفسى تركتها * * * وجئت إلى النار التى هى ساطع
فنادانى التوحيد نعليك دعهما * * * فها أنا ذا للروح والجسم خالع
وكلمنى التحقيق من شجر الحشا * * * بأنى بالوادى المقدس راتع
وسرت بعقلى أى فتاى وحوته * * * إلى مجمع البحرين والعقل تابع
هناك نسيت الحوت وهو أنيتى * * * فسبح في بحر الحقيقة شارع
على أثرى ارتديت حتى وجدتنى * * * هو الأصل إذ نفس أنا وهو طالع
فلما تعارفنا ولم يبق ذكرة * * * أردت اتباعاً كى يفوز المتابع
فأخرق في بحر الإله سفينتى * * * ونحر غلام الشرك إذ هو خادع
وجاء بلاد الله قوية غزة * * * وفيها لقلبى منجع ومخادع
اردنا ضيافات أبوا أن يضيفوا * * * لمسدل في وجه البدور طوالع
هناك جدار الشرع خضرى أقامه * * * لئلا ترى بالعين تلك الشوارع
فإن فهمت أحشاك ما قلت مجملاً * * * وإلا فبالتفصيل ما أنا واضع
وإني على تنزيه ربى لقائل * * * بأوصافه عنى فحقى صادع
أنا الحق والتحقيق جامع خلقه * * * أنا الذات والوصف الذي هو تابع
فأحوى بذاتي ما علمت حقيقة * * * ونورى فيها قد أضاء فلامع
وبسمع تسبيح الصوامت مسمعي * * * وإني لسرار الصدور أطالع
وأعلم ما قد كان في زمن مضى * * * وحالاً وأدرى ما أفاد مضارع
ولو خطرت في أسود الليل نملة * * * على صخرة صماء إني طالع
أعدى الثرى رملاً مثاقيل ذرة * * * وأحصى عديد القطر وهى هوامع
وأحكم موج البحر وسط حطيمها * * * عياراً وقداراً وما هو واقع
وأنظر تحقيقاً بعيني محققاً * * * قصور جنان الخلد وهى قلائع
وأتقن علماً بالإحاطة جملة * * * لأوراق أشجار هناك أيانع
وكل طباق في الجحيم عرفتها * * * وأعرف أهليها ومن يك واضع
وأنواع تعذيب هناك علمتها * * * وأهوالها طرا وهن فظائع
وأملاكها حقاً عرفت ولم يكن * * * على بخاف من أنا له واضع
وكل عذاب ثم ذقت ولم أبل * * * أأخشى وإني للمقامين واضع
وكل نعيم إني لمنعم به * * * وهو لي ملك وما ثم رادع
وكل عليم في البرية إنه * * * كقطرة ماء من بحاري دافع
وكل حكيم كان أو هو كائن * * * فمن نورى الوضاح في الخلق لامع
وكل عزيز بالتجبر قاهر * * * يبطش اقتداري في البرية قامع
وكل هدى في العالمين فإنه * * * هداي ومالي في الوجود منازع
أصور مهما شئت من عدم كما * * * أقدر مهما شئت فهو مطاوع
وأفنى إذا شئت الأنام بلمحة * * * وأحيى بلفظي من حوته البلاقع
وأجمع ذرات الرسوم من الثرى * * * وأنشى كما كانت وإني بادع
وفى البحر لو نادى باسمي حوته * * * أجبت وإني للمناجين سامع
وفى البر لوهب الرياح على الثرى * * * أحيط وأحصى ما حوته البلاقع
وخلف معالي قاف لو يستغيث بي * * * مغاث فإني ثم للضر دافع
وأقلب أعيان الجبال فلو أقل * * * لها ذهباً كوني فهن فواقع
وأجرى إذا شئت السفائن في الثرى * * * وفى البحر لو أبغى المطى تسارع
وأن طباق العرش تحت قوائم * * * ورجلى على الكرسى ثمة رافع
وبيتى بسقف العرش حاشى ليس لي * * * مكان ومن فيضى خلقن المواضع
وسدرة أوج المنتهى لي موطئ * * * وغاية غايات الكمال مصارع
وكل معاش الخلق تجريه راحتى * * * لراحتهم جودا ولست أصانع
وفى كل جزء من تراكيب هيكلى * * * لو سعى والكرسى والعرش ضائع
فلا فلك إلا وتحويه قدرتى * * * ولا ملك إلا لحكمى طائع
وأمحو لما قد كان في اللوح ثابتاً * * * فتثبت إذ وقعت ثم وقائع
وإني على هذا عن الكل فارغ * * * وليس به لي همة وتنازع
ووصفى حقاً فوق ما قد وصفته * * * وحاشاى من حصر ولا لي قاطع
وإني على مقدار فهمك واضع * * * وإلا فلى من بعد ذاك بدائع
وثم أمور ليس يمكن كشفها * * * بها قلدتنى عقدهن شرائع
قفوت بها آثار أحمد تابعا * * * فأعجب بمتبوع وها هو تابع
بنى له فوق المكانة رتبة * * * ومن عينه للناهلين منابع
عليه سلام الله منى وإنما * * * سلامى على نفسى النفيسة واقع
وهاهو سمع بل لسان أجل بدا * * * لنا هكذا بالنقل أخبر شارع
فعم قوانا والجوارح كونه * * * لسانا وسمعا ثم رجلا تسارع
وكنا شواهد للجوارح والقوى * * * هو الكل منا ما لقولى دافع
ويكفيك ما قد جاء في الخلق انه * * * على صورة الرحمن آدم واقع
ولم لم يكن في وجه آدم عينه * * * لما سجد الأملاك وهى خواضع
ولو شاهدت عين لإبليس وجهه * * * على آدم لم يعص وهو مطاوع
ولكن جرى المقدور فهو على عمى * * * عن العين إذ حالت هناك موانع
ولاتك من إبليس في شبه سيرة * * * ودع قيده العقلى فالعقل رادع
وخض في بحار الإتجار منزها * * * عن المزج بالأغيار إن أنت خاشع
وإياك والتنزيه فهو مقيد * * * وإياك والتشبيه فهو مخادع
وشبهه في تنزيه سبحان وجهه * * * ونزهه في التشبيه ما هو ضارع
وقل هو ذا بك وغير ما * * * عرفت وعين العلم فالحق شائع
فحقق وكن حقا فأنت حقيقة * * * لحقك والمخلوق بالذات جامع
ووحده في الأشياء فهو منزه * * * وخلف حجاب الكون للنور ساطع
ولا تطلبن فيها الدليل فإنه * * * ورا كتاب العقل تلك الوقائع
ولكن بإيمان وحسن تتبع * * * إذا رقمت جاءتك الأمور توابع
وإن قيدتك النفس فاطلق عنانها * * * وسر معها حتى تهون الوقائع
وبرهن لها التحقيق عقلا مقيدا * * * بنقل به جاءت إليك شرائع
فثم أصول في الطريق لأهلها * * * وهن إلى سبل النجاة ذرائع
تمسك بها تنجو وزن كل وارد * * * بقسطاسها عدلا فثم قواطع
ودع ما تراه مال عن خط عدلها * * * إلى أن تناجيك الشموس الطوالع
فذاك سبيل رده إن ترا العلا * * * ولا تعد عنه تعتريك قواطع
وكنتُ كآلاتِ وأنتَ الذي بها * * * تُصرِّفُ بالمقدورِ ما هو واقعُ
وما إن جبري للعقيدةِ إنَّني * * * محبٌّ فنى في من حوتهُ الأضالعُ
فها أنا في تطواف كعبةِ حُسنها * * * أدورُ ومعنى الدورِ أنِّى راجعُ
ومُذ علمت نفسى طوافُكَ سبعةً * * * فإعداد تطوافى في جمالِ سوابعُ
أقبِّلُ خال الحُسن والحجر الذي * * * لنا من قديم العهد فيه ودائعُ
وأستلمُ الركن اليماني؛ إنَّهُ بهِ * * * نَفَسُ الرحمنِ والنفْسُ سالعُ
واختمُ تطوافِ الغرامِ بركعةٍ * * * من المحو عمَّا أحدثتهُ الطبائعُ
ترى هل لموسى القلب في زمزمِ اللقا * * * مراضعُ لا حُرِّمت تلك المراضعُ
فيذهب وصفى في صفات صفاتكم * * * ليسعى لِمَرْوِّ الذاتِ مِنِّى يُسارعُ
وليس الصفا إلا صفاى ومروةِ * * * بأنى على تحقيق حقِّى صارعُ
وما القصدُ إلا عن سواكم حقيقة * * * وما الحلقُ إلا تركُ ما هو قاطعُ
ولا عرفاتُ الوصل إلا جنابكم * * * فطوبى لمن في حضرة القرب يانعُ
على علمى معناك ضدان جُمِّعا * * * ويا لهفى ضدانٍ كيف التجامعُ؟
بمزد لفاتٍ في طريق غرامكم * * * عوائق من دون اللقا وقواطعُ
فإن حصل الإشعار في زمزم اللقا * * * وسَاعدَ جذبِ العزمِ فالفوزُ واقعُ
على مشعر التحقيقِ عظَّمتُ في الهوى * * * تبعا بحكم أصَّلتهُ الشرائعُ
وكم من مُنى لي في مِنى حضراتكم * * * ويا حسرتى أن المُحشَّر شاسعُ
رميتُ جمارَ النفسِ في الروح فانثنت * * * جهنمُ ماءٍ وصاحت ضفادعُ
ولما قضينا النُسك من حجة الهوى * * * وتمَّت لنا من حى ليلى بدائعُ
حثثنا مطايا العزم نحو مُحمَّدٍ * * * وطفنا وداعا والدموع هوامعُ
الإمام الرواس رضي الله عنه :
أكثَرْتُ نَوْحي والبُكاءَ فرقَّ لي *** حِبِّي وقالَ إليَّ يا زَيْنَ الشِّيَمْ
فأَتيتُ في أمْراطِ سُقمٍ بيِّنٍ *** وصَقيلُ يومِ البُعدِ ظَهري قد قَصَمْ
فحَنا عليَّ تكرُّماً وتَرَحُّماً *** فحَيِيتُ يا سُبحانَهُ بارِي النَّسَمْ
والنوح حال يكرم الله صاحبه من باب رقة الحال وهو الرجاء والخوف معاً بصبغة البكاء والدعاء بلون التسليم وهو صفوة صفوة اليقين بالإستغاثة وطلب الإعانة من الله عن طريق صلة روحك بالأرواح الشريفة النبوية وأهل الولاية .
يقول الإمام الرواس رضي الله عنه :
أنا نَوْحي أسالَ طَوفانَ نوحٍ *** أنا أنِّي للمُنْشَئاتِ رِياحُ
وعِظامي إلى سفينةِ قُرْبي *** لِحِماكُمْ وحقَّكمْ ألواحُ
كافحَتْنا الأشواقُ فيكمْ كِفاحاً *** رُبَّما يَغلبُ الكِفاحَ الكِفاحُ
فوقَ مِقْدارِنا التَّوَلُّهُ فيكمْ *** ولقد يَعشقُ المِلاحَ القِباحُ
قَدْ نَشرنا الغرامَ في الطَّيِّ منَّا *** فَجُنِنَّا ومَلَّنا النُّصَّاحُ
عَجباً أغْفَلوا المَراتبَ مِنَّا *** وشَذانا ما بينهُمْ فَيَّاحُ
وقُفولُ الألبابِ بالبابِ طاحَتْ*** وأُناسٌ بالموتِ فيه اسْتَراحوا
أغْلقتْهُ يدُ الجَلالةِ عِزًّا *** فَتولَّى اسْتِفتاحهُ الفَتَّاحُ
هكذا خَمرةُ السَّرائرِ إن ما *** زَمْزمَتْها لأهْلِها الأقْداحُ