أبو الهدى الصيادي
1266 - 1328 هـ / 1849 - 1909 م
محمد بن حسن وادي بن علي بن خزام الصيادي الرفاعي الحسيني، أبو الهدى.
أشهر علماء الدين في عصره، ولد في خان شيخون (من أعمال المعرة) وتعلم بحلب وولى نقابة الأشراف فيها، ثم سكن الآستانة، واتصل بالسلطان عبد الحميد الثاني العثماني، فقلده مشيخة المشايخ، وحظى عنده فكان من كبار ثقاته، واستمر في خدمته زهاء ثلاثين سنة، ولما خلع عبد الحميد، نفي أبو الهدى إلى جزيرة الأمراء في (رينكيبو) فمات فيها.
كان من أذكى الناس، وله إلمام بالعلوم الإسلامية، ومعرفة بالأدب، وظرف وتصوف، وصنف كتباً كثيرة يشك في نسبتها إليه، فلعله كان يشير بالبحث أو يملي جانباً منه فيكتبه له أحد العلماء ممن كانوا لا يفارقون مجلسه، وكانت له الكلمة العليا عند عبد الحميد في نصب القضاة والمفتين.
وله شعر ربما كان بعضه أو كثير منه لغيره، جمع في (ديوانين) مطبوعين، ولشعراء عصره أماديح كثيرة فيه، وهجاه بعضهم.
له: (ضوء الشمس في قوله صلى اللّه عليه وسلم بني الإسلام على خمس - ط)، و(فرحة الأحباب في أخبار الأربعة الأقطاب - ط)، و(الجوهر الشفاف في طبقات السادة الأشراف - ط)، و(تنوير الأبصار في طبقات السادة الرفاعية الأخيار -ط)، و(السهم الصائب لكبد من آذى أبا طالب - ط)، و(ذخيرة المعاد في ذكر السادة بني الصياد - ط)، و(الفجر المنير - ط) من كلام الرفاعي.
طال في خلوة الذنوب انفرادي وكوت جلوة الغرور فؤادي
كم أنادي واجب أن أنادي ما لعبد عدت عليه الأعادي
بانتقاد وذنبه بازدياد
تبع النفس في جميع القضايا ورآها للسير أقوى المطايا
فمضى وهو غافل للبلايا وطريح على فراش الخطايا
وبعيد عن أهله والبلاد
برقع الوهم بالعيوب طواه وعن المنهج القويم لواه
ذاب في دائه وعز دوائه وأسير لميله وهواه
ولجهل يهيم في كل وادي
ترك الحق والصواب وراه وغدا في ضلاله مسراه
فتراه من سوء فرط غواه ناكس الرأس خيفة من خطاه
ومساويه وهو صفر الأيادي
غاب عن أمره بنشر وطي وقضى العمر بين قيس وطي
ميت باطناً بظاهر حي وضعيف بسعي بزعم قوي
طارق للطريق من غير زاد
سود الدفتر الخفي ودجى صحفه ثم راح بطلب منجا
ألهذا نيل المآرب يرجى ما لذاك المسيء واللَه ملجا
بحياة ويوم هول التنادي
ونصير في حال دنيا وأخرى وظهير في الأمر سراً وجهرا
ومغيث حيث الدفاتر تقرى غير طاه تاج النبيين طرا
وإمام الجميع في كل نادي
غيث بر من المكارم هامي وغياث في يوم كرب الحزام
كوكب الأنبياء سامي المقام كعبة الأمن للخوف وحامي
ظهر لاج عدت عليه العوادي
نعم مولى يحمي الدخيل من الذل وكريماً مهما أردت به قل
أشرف الخلق خيرهم سيد الكل
صاحب التاج والبراق رئيس ال مرسلين العظام سمح الأيادي
أصل سر لذات شكل الأنام وشراع لنشرة الأيام
غاية الانتها لكل ختام ألف الابتدا بكل مقام
نقطة السر عن ختم المبادي
هيكل الجمع عند فرق المعاني دورة الفرق سر حرز الأمان
سيد موصل لأقصى الأماني سبب الكائنات قاص وادان
رحمة للجميع صاد وغادي
شرعة اللَه فيه باللَه قامت وبه عصبة الرشاد استقامت
منة في الوجود عمت ودامت نعمة للورى نمت وتسامت
باب وصل لنيل كل مراد
حرم الأمن يوم خوف البرايا حين حقا تغدو النوايا مطايا
مأمل الناس عند كشف الخفايا ملجأ العاجزين بحر العطايا
بحر جود طمى على القصاد
وهب السر من بصير سميع وأتى هادياً وخير شفيع
فك لما انجلى لنا بربيع كنز غيب مطلسم ببديع
من شؤون الرحمن لا الإرصاد
فجاد الهدى بعزم قوي وأباد العدا بحزم علي
فهو مضمون كل شأن جلي وهو مفتاح كل باب خفي
وهو للكل حجة الاستناد
علم طائل على الأعلام وإمام الهدى لكل إمام
سهم غيب به المهيمن رامي فيض قدس من المروءة هامي
بالأماني لصارخ ومنادي
سريان السر الإلهي أسنى من عليه بعالم الغيب يثني
عين معنى دنى لقاب وأدنى آية اللَه نسخة الكون معنى
حيطة الأصل نكتة الإيجاد
سر باب الرجا لكل نبي وإمام وسيد وولى
وهو لما أني بأمر علي قام جهراً بكل سر خفي
وبكل الأشياء خاف وبادي
مد بسط الهدى بغرب وشرق وسرى يكشف الظلام بصدق
فاصل بين مبطل ومحق عنده علم كل شيءٍ بحق
ومع العلم قوة استعداد
ملجأ العبد حين فقد التحمل ومحل الرا وباب التوصل
وهو في الغيب قبل أمر التنزل
يتلقى من ربه كلمات ال علم وهباً بعالم الإمداد
ثم داوي البلا بخلق جميل وبحبل من الكمال طويل
وتسامى في شانه من مثيل فأتانا بكل شأن جليل
وهدانا إلى الكريم الهادي
أشرف العالمين طبعاً واصلاً وأجل الوجود قولاً وفعلا
كم على اللَه بالدلائل فهو أقوى وسائل الخلق للَه
تعالى وحبل كل العباد
وجهه عن حقائق الدين أسفر فجلاها بعد التخافي وأظهر
فهو في الكائنات أعظم مظهر
وهو ميزاب أنعم اللَه في الأر ض لكل العباد والعباد
فجر رشد وللقلوب طبيب وإمام مؤدب وأديب
قوافيه الرجا فذاك حبيب وهو إن جاد في المراد قريب
وإذا رد عز نيل المراد
جاء بالأمر هادياً ودليلاً وصراطاً لربنا وسبيلا
فهو باللَه كم اعز ذليلا وهو واللَه ما أخاب نزيلا
لاذ فيه وقال أنت اعتمادي
كيف حالي قد قطعتني القواطع وعن الباب أبعدتني الموانع
لست أدري للوز رما أنا صانع
سيدي يا أبا البتول ويا نع م رسولاً ويا طريق الرشاد
يا حبيباً به المهيمي أسرى فطوى فيه من عطاياه سرا
يا معين الورى إذا الناس سكرى يا مغيث الوجود دنيا وأخرى
يا عروس الشهود يوم المعاد
يا أميناً إلى الخفايا تدلى وأميراً على البرايا تولى
يا سراجاً بكل برجٍ تجلى يا حبب الديان يا حجة اللَه
على الخلق يا طويل النجاد
يا مدار الأمور في النشر والطي وعنان البرهان في دولة الحي
يا ضياء الأكوان يا رافع الغي
يا أبا المعجزات يا كاشف الغي ن عن العين يا رفيع العماد
يا عطوفاً وفي الشؤون عظيماً وصراطاً من الهدى مستقيما
يا رؤوفاً ومنعماً وكريماً يا صفوحاً عن مذنب ورحيما
بمسيء أتى بحسن اعتقاد
يا رحاب الرضى ويا خير مأمن ونبياً على الملوك تحنن
يا ملاذاً لذي الحوائج أحسن يا عريض الجاه العظيم ويا من
أنت واللَه عروة الاعتضاد
جد أغثني فقد تعاظم وزري والخطا بالحمول أثقل ظهري
لك أشكو ضيعة بالجهل عمري قم برشدي من غير زيد وعمر
واحمني رحمة من الحساد
ضاع وقتي لغفلتي بالتمنى ومضت مدتي بسوء التأني
فتحنن وجد ولا تلوعني وأعنى على الزمان فإني
ليس إلاك ملجئي وعمادي
فيك قيدي بنفحةً ورضاء فيه أحمى من بلوة وعناء
وتفضل تكرماً بشفاء وتعطف وداوني بدواء
فيه أشفى من علتي وبعادي
منك أملت سيدي حسن وصلي للمعالي فصل بفضلك حبلى
لا تخيب يا ملجأ الكون سؤلي واكفني الخطب والكروب وكن لي
حامياً واجل لي ظلام فؤادي
ولنهج الهدى بجودك سربي واكفني البعد ثم انعم بقربي
وأصلح السر من كوامن قلبي وتحنن بنظرة تحيي لبي
وأراها صلاح أمر فسادي
لي لاحظ فقد رأيت زماناً ساء أهلاً وقد جفا إخوانا
فأثبني مولاي منك أماناً ثم قل أنت رحمة وحنانا
لذ ببابي وكل بفضلي زادي
لا تخف من مصائب التشتيت كل صيتٍ أحرزته فضل صيتي
في ذمامي بيقظة ومبيتي أنت عندي قبلت من أهل بيتي
وبجودي دخلت في أولادي
وتكرم بمأربي وتفضل بوصولي إلى حماك المفضل
ذاك حي به القرآن تنزل
فعساني إذا وصلت لذاك ال رحب أحيا لأنني كالجماد
أنت أصل المراد في كل شي وإمام السادات من غير لي
زمزمي بموكب يثربي أدرك أدرك أعين كل نبي
وولي وملجأ الأوتاد
أنت من عطرك الأنام تعطر وبمجلى ضيا سناك تنور
أنت حصن إذا الوطيس تسعر
وملاذ الأملاك في ساحة العر ش وميزاب فيضة الإسعاد
يا ملاذي بقطعة واتصال وعياذي بدهشة ومجال
جد بلطف وغوثة ونوال وتدارك بنفحة ووصال
لمحب من الخطيئة صادي
هائم فيك لا يزيد وعمر ذو استناد إليك في كل أمر
لائذ في حماك والدمع يجري شغله أنت لا سواك وتدري
ذاك لا تبقه بسوق الكساد
غاب عن ذي الأغيار كلا وبعضاً عل مأموله ببابك يقضي
راح يدعوك لا تقابل باغضاً يا رفيع الجناب حاشاك ترضى
منع سؤلي وأنت كل مرادي
حزت قدراً ملطلسماً بجلال ومحيا مجسماً من جمال
وتفردت في مقال وحال أن تفضلت لحظةً بنوال
فك لا شك من ذنوبي قيادي
طال من خيفة الخطيئة نعيي وتحيرت بين أمر ونهي
نظرة من رضاك للقلب تحيي لا تخيب يا أكرم الرسل سعيي
وذهابي ونيتي واجتهادي
ذكر علياك كل شغلي وفني وطريقي القديم من بدء سنى
فالتفت لي يا خير أنس وجن وتبصر بحالتي واعف عني
ثم عجل تعطفاً بافتقادي
فيك قيدت مخلصاً حسن ظني فتعطف بلفتة وأعني
غاب رشدي وراح جهدي مني قل صبري وضاع فكري وإني
طامع لم أزل بوصل ودادي
ذهب العمر بين لهوٍ ولهف وملال وترك زهد وخوف
أنت واللضه بحر جود وعطف فامددن باعك الطويل بلطف
واشف جرحي يا من تجيب المنادي
أغن فقري تكرماً بعطاء منك واحفظ حماي يوم قضاء
وترحم بكشفة الغطاء وتكرم على أبي برضاء
منك وأكرمه بالجمال البادي
وأعنه بهمةٍ وأمان وشهود بنظرة وعيان
واكفه الهجر واحيه بتداني وأغثه بلفتة فهو فاني
فيك وأطلقه من قيود البعاد
واجب بالقبول مولاي سؤلي رحمة واكفني بلية جهلي
واجل سري فضلاً بنور التجلي ولامي وكل حزبي وأهلي
صل بفضل وامنن على أولادي
وأغثهم بكأس فيضة ري تحمهم من غشاء وهم وغي
ولمن زارنا بنسبة زي وجميع الإخوان في كل حي
حيث كانوا في الغور والإنجاد
وأعنهم وارحس بفضل حماهم واكفهم شر من يريد أذاهم
وإذا ما أتوا لنبل مناهم خذهمو بالقبول واقبل رجاهم
واحمهم واهدهم إلى الرشاد
وابدل الانقطاع منهم بوصل وبعلم ما كان من وهم وجهل
وأعنهم بنور سر وعقل وأكرم المسلمين طرا بفضل
منك واحرسهمو من الأوغاد
ثم صنهم أن حل مدهش خطب ومهم وكل وارد كرب
وامنح الكل بعد بعد بقرب وصلوة الرحمن من لب قلب
مستهام بل من صميم الفؤاد
تتولى بجيش نصر وقح وارتقاء وطول باع وربح
بالعنايات ما انجلى فرق صبح لك تهدي مع السلام بمنح
أقدسي ما حن في الركب حادي
تتجلى دائماً بثوب أمان وجمال وحسن رفعة شان
ونراها مع الرضى بمعان تتوالى في كل وقت وآن
باتصال من باب هاد لهادي
ونعم الشذا بشرق وغرب فنتم الهدى لكل محب
وعليك الرضوان من فيض ربي وعلى ألك الكرام وصحب
وعلى الأولياء والأفراد
وعلى من بهم منحت بعطف فأعينوا من الإله بلطف
ونسيم الأمان من كل خوف والتحيات ما دعاك بلهف
وخشوع أبو الهدى الصيادي